بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

النفث إِذا ظهر يَوْمًا فِي ذَات الْجنب دلّ على قصر مدَّته وبالضد

 الْفُصُول: فَأَما النفث إِذا ظهر يَوْمًا فِي ذَات الْجنب دلّ على قصر مدَّته وبالضد.

فلَان الْمُسَمّى فِي إفيذيميا الْكيس: أَصَابَته ذَات الْجنب فَلم ينفث شَيْئا إِلَى الثَّامِن لكنه كَانَ يسعل سعالاً يَابسا فَأَتَاهُ بحرانه فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ على أَن مَرضه إِنَّمَا حد بحرانه فِي الْأَكْثَر فِي الرَّابِع عشر فَإِن تجَاوز فَفِي الْعشْرين لَا محَالة وَلَو ان هَذَا العليل قذف قبل الثَّلَاثَة الْأَيَّام لَكَانَ) البحران يَأْتِيهِ فِي السَّابِع أَو فِي التَّاسِع وأقصاه الْحَادِي عشر وَلَو ابْتَدَأَ النفث يَوْم الثَّالِث لما جَاوز مَرضه الرَّابِع عشر وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الْأَعْضَاء الَّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا غطاء كثيف كالجلد الظَّاهِر على الْجِسْم لَكِن يعرض فِي الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة يرشح مِنْهَا صديد لطيف فِي ابتدائها ثمَّ يغلظ مَتى أقبل ذَلِك الورم ينضج كالحال فِي الورم الْحَادِث فِي بعض الْأَعْضَاء الظَّاهِرَة إِذا كَانَ فِي الْجلد فِي موضعهَا خرق فَإنَّك تَجِد يرشح مِنْهُ فِي أول الْأَمر شَيْء رَقِيق ويغلظ إِذا قبل الورم النضج فَإِذا عرض فِي وَقت من الْأَوْقَات لِأَن يسيل من الصديد فِي مثل هَذَا الورم شَيْء كَانَ ذَلِك الورم عسر النَّضْح طَوِيل الْمكْث فعلى هَذَا فَافْهَم الْأَمر فِي الورم الْحَادِث دَاخِلا وَذَلِكَ أَنه إِذا لم يقذف صَاحبه فمرضه فِي غَايَة عدم النضج لِأَنَّهُ مثل الورم الْخَارِج الَّذِي لَا يرشح مِنْهُ شَيْء وَإِذا كَانَ النفث رَقِيقا فَهُوَ فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة من عدم النضج وَإِذا كَانَ أغْلظ مِمَّا كَانَ فَفِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة من عدم النضج فَإِذا كَانَ مَا ينفث غليظاً فَهُوَ نضيج وكما أَنه إِذا نفث الْمَرِيض بصاقاً مستوى الْأَجْزَاء أَبيض وَكَانَ بِهَذِهِ الْحَال فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض متوسطاً فِي الرقة والغلظ وَهُوَ النضج التَّام وَكَذَلِكَ احتباس النفث عَلامَة لَا تدل على النضج أصلا فَإِذا نفث شَيْئا رَقِيقا كَانَ نضجاً ضَعِيفا فَإِن كَانَ لون مَا ينفث أَحْمَر ناصعاً أَو أصفر مشبعاً فَلَيْسَ بمحمود فَإِن كَانَ كمداً أَو زنجارياً أَو أسود فَإِنَّهُ أدل العلامات على الْهَلَاك قَالَ: الْحمى مَعَ الاسْتِسْقَاء بِمَنْزِلَة ذَات الْجنب مَعَ نفث الدَّم لِأَن هذَيْن متضادان لِأَن نفث الدَّم يحْتَاج إِلَى مَا يحتبس الأخلاط دَاخِلا وَذَات الْجنب يحْتَاج إِلَى مَا يُخرجهَا ويسهل نفثها ويسرع بِهِ.

الْفُصُول: قَالَ ج: الْمدَّة الَّتِي تنصب فِي فضاء الصَّدْر إِذا كَانَت كَثِيرَة جدا ضَرْبَة تخنق من أَصَابَته ذَات الْجنب فَلم ينق فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا فَإِن حَاله يؤول إِلَى التقيح وَمن آلت بِهِ الْحَال من ذَات الْجنب إِلَى التقيح فَإِنَّهُ إِن استنقى فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا من يَوْم انفجر خراجه فَإِن علته تنقضى وَإِن لم يستنق فِي هَذِه الْمدَّة وَقع فِي السلّ. لي من خرج بِهِ خراج فِي الغشاء المستبطن للأضلاع فَإِنَّهُ إِن تنقى بالنفث لم يجمع مُدَّة وانقضى أمره ألف ألف إِن لم ينق بالنفث فَإِنَّهُ يجمع فَإِذا جمع وانفجر فَإِنَّهُ ينفث الْمدَّة فَإِن تنقى بنفثها فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا تخلص وإلاّ تأكلت رئته من الْمدَّة قَالَ: عظم الوجع يُؤْخَذ مِنْهُ اسْتِدْلَال فَإِنَّهُ مَتى عرض فِي الأضلاع وجع عَظِيم فَأول مَا يعظم مِنْهُ أَنه لَا يُمكن أَن يكون حدث ذَلِك الوجع إلاّ وَقد حدثت عَلَيْهِ فِي الغشاء المستبطن للأضلاع وأ هَا لَيست بعيدَة من الْخطر)

وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى العلاج الْقوي بِحَسب عظمها فَإِن كَانَ يبلغ أَن يتراقى إِلَى الترقوة فَإِنَّهُ تحْتَاج إِلَى الفصد وَإِن كَانَ ينحدر إِلَى مَا دون الشراسيف فالعلة تحْتَاج إِلَى الإسهال مَتى كَانَ ذَلِك الوجع يسير المقدارمن مَوضِع الوجع وَلَا يحس مَعَه حَتَّى أَنه لَا يبلغ إِلَى الترقوة وَلَا إِلَى مَا دون الشراسيف فقد يُمكن أَن يكون الوجع فِي الْأَعْضَاء اللحمية الَّتِي فِي مَوضِع الأضلاع وَلذَلِك لَا خطر فِيهَا وَلَا يحْتَاج إِلَى علاج عَظِيم. لي إِنَّمَا يكون الوجع ناخساً لِأَنَّهُ فِي الغشاء المستبطن للأضلاع ويبلغ أَيْضا إِلَى فَوق وَإِلَى أَسْفَل وَقَالَ ج: يَنْبَغِي أَن تعلم أَن الِاخْتِلَاف إِذا كَانَ فِي ذَات الْجنب والرئة وهما يسيران فقد يُمكن أَن ينفع إِذا كَانَت عَلَامَات الهضم قد تقدّمت وَإِذا كَانَت فِي الصعبة وَفِي آخرهَا مَعَ ضعف العليل فَإِن ذَلِك يكون لضعف الكبد بالمشاركة وَحِينَئِذٍ يحدث الاستطلاق وَلذَلِك يكون دَلِيلا رديئاً قَالَ: يحْتَاج من المتقيحين إِلَى الكي والبط من كَانَت الْمدَّة الَّتِي فِي فضاء صَدره كَثِيرَة جدا وَهَذَا يُصِيبهُ من ضيق النَّفس أَمر غليظ جدا فيضطرب بِسَبَب عسر النَّفس أَيْضا إِلَى أَن يكويه أَصْحَاب الجشاء الحامض لَا تكَاد تصيبهم ذَات الْجنب قَالَ: قد قُلْنَا إِن ذَات الْجنب ورم يحدث فِي الغشاء المستبطن للأضلاع وَإنَّهُ بلون النفث يسْتَدلّ على الْخَلْط الْفَاعِل لذَلِك الورم فَإِن كَانَ النفث زبدياً فتولد الورم عَن خلط بلغمي وَإِن كَانَ يضْرب إِلَى السوَاد فتولده عَن خلط سوداوي وَإِن كَانَ أَحْمَر أَو أصفر أَو إِلَى الصُّفْرَة والحمرة فَمن خلط مراري وَإِن كَانَ أَحْمَر مشبع الْحمرَة فتولده من نفس الدَّم أَو الغشاء المغشي على الأضلاع صلب كثيف فَلَا يكَاد يقبل إلاّ خلطاً لطيفاً مرارياً وَلذَلِك صَار من الْغَالِب على طباعه البلغم لَا يكَاد يحدث لَهُ ذَات الْجنب إلاّ فِي الندرة إِن كَانَ ذَلِك البلغم فِيهِ ملوحة وحدة وَالَّذِي يَعْتَرِيه جشاء حامض فالبلغم غَالب عَلَيْهِ وَلذَلِك من كَانَت طَبِيعَته بالطبع لينَة قل مَا يَعْتَرِيه الشوصة وَسَائِر الْأَمْرَاض إِذا حدث من ذَات الرئة فَإِنَّهُ رَدِيء لِأَنَّهُ يدل أَن الورم كَانَ عَظِيما والخلط كثيرا من كوى من المتقيحين فَخرجت مِنْهُ مُدَّة بَيْضَاء نقية سلم وَإِن خرجت مِنْهُ حمائية مُنْتِنَة يهْلك قَالَ: قد كَانَ القدماء يكوون المتقيحين ليستخرجوا مِنْهُم الْمدَّة الَّتِي فِيمَا بَين الصَّدْر والرئة.

من كتاب مداواة ألف ألف الأسقام الْمَنْسُوب إِلَى ج قَالَ: يحرق الكرنب ويخلط رماده بشحم الْحمار ويضمد بِهِ الْجنب الوجع فَإِنَّهُ يسكن الوجع سَرِيعا.
أغلوقن: ذَات الْجنب إِذا كَانَت قَوِيَّة بلغ الوجع من أَسْفَل مراق الْبَطن إِلَى التراقي فِي الْأَكْثَر)
وينتقل فِي الْجنب ويمتد من الأضلاع العليلة إِلَى الَّتِي لَا عِلّة بهَا قَالَ يتبع ذَات الْجنب فِي الْأَكْثَر نفث مراري وَيتبع ذَات الرئة نفث بلغمي.
الْأَعْضَاء الألمة: يفرق بَين الورم الْحَار فِي الغشاء المستبطن للأضلاع وَبَينه فِي الرئة بالنبض وَذَلِكَ أَن النبض مَعَ ورم الغشاء صلب متمدد جدا وَلَيْسَ فِي ورم الرئة كَذَلِك قَالَ: ويقذف المتقيحون من الْقَيْح بالسعال فِي الْيَوْم سِتَّة أَو ثَمَانِيَة مكاييل بِالْمُسَمّى قوطولي وَهَذَا تسع أَوَاقٍ وَرُبمَا بلغ أَكثر من ذَلِك وَأما كَيفَ تدخل الْمدَّة إِلَى أَقسَام قَصَبَة الرئة فبحث طبعي قد ذَكرْنَاهُ فِي البحوث الطبيعية وَلَيْسَ من علاج الطِّبّ قَالَ: مِمَّا لَا يُفَارق ذَات الْجنب الْحمى الحارة والوجع الَّذِي يحس صَاحبه يتمدد أَو نخس وَالنَّفس الصَّغِير الْمُتَوَاتر والنبض الصلب والسعال الملون فِي أَكثر الْأَمر وَقد يكون يَابسا وَمَا كَانَ من ذَات الْجنب لَا نفث مَعهَا سمي ذَات جنب يابسة وَهَذَا إِمَّا أَن يقبل عَاجلا وَإِمَّا أَن ينْحل بعد مُدَّة من الزَّمن أطول من مُدَّة ذَات الْجنب الَّذِي مَعَه نفث والوجع أَيْضا فِي الَّذِي لَا نفث مَعَه يبلغ إِلَى التراقي مرّة والشراسيف أُخْرَى وَالنَّفس متواتر صَغِير لَا محَالة قَالَ: وَقد يكون فِي الأضلاع أوجاع أخر تعرض مَعَ حمى وَالنَّفس أَيْضا فِي هَذِه متواتر صَغِير إِلَّا أَنه لَا ينفث فِيهَا شَيْئا الْبَتَّةَ وَشبه هَذِه الأوجاع ذَات الْجنب الْيَابِسَة إِلَّا أَن الْفرق بَينهمَا سهل فَإِن فِي هَذِه لَا يكون سعال الْبَتَّةَ وَذَات الْجنب لابد فِيهَا من السعال إِمَّا بنفث وَإِمَّا يَابِس وَلَا يكون للنبض تمدد وَلَا صلابة كحاله فِي ذَات الْجنب وَلَا الحميات الَّتِي مَعهَا أَيْضا حرارة على نَحْو مَا يكون فِي ذَات الْجنب الَّتِي لَا نفث مَعهَا وأذاه بِالنَّفسِ أقل نم أَذَى صَاحب ذَات الْجنب ويعرض بأصحاب هَذَا الوجع إِذا غمزت عَلَيْهِ من خَارج على الْموضع العليل أوجعهم وَمن كَانَ مِنْهُم كَذَلِك فَلَيْسَ ينفث شَيْئا ينقى وَذَلِكَ أَن الْخَلْط الْفَاعِل للورم لَيْسَ يرشح وَلَا ينفجر حَتَّى ينفجر إِلَى فضاء الصَّدْر لَكِن أملهَا إِلَى خَارج فَإِذا نَضِجَتْ احْتَاجَت إِلَى البطّ وَإِذا كَانَت قَليلَة الْمِقْدَار تحللت من ذَاتهَا. لي هَذَا الْكَلَام فِي الخراجات الَّتِي فِي الْجنب الَّتِي ميلها إِلَى خَارج هِيَ ضرب من ذَات الْجنب فَفرق بَينهمَا وَبَين الَّتِي ميلها إِلَى دَاخل وَهِي الَّتِي تسمى ذَات الْجنب بِالْحَقِيقَةِ.
الْعِلَل والأعراض قَالَ: المسلول يدق أَنفه وَيصير حاداً وتلطى أصداغه وتغور عَيناهُ وَتصير من آراء أبقراط وأفلاطون قَالَ: من بِهِ ذَات الْجنب يحْتَاج إِلَى التكميد والفصد والإسهال وَمَاء الْعَسَل وَالشرَاب وَمَاء كشك الشّعير وَلَكِن يحْتَاج إِلَى هَذِه فِي مَوَاقِيت وَأَسْبَاب مُخْتَلفَة فَأَما)
لاتكميد فَيحْتَاج إِلَيْهِ عِنْدَمَا يبْدَأ الوجع فِي الأضلاع كَمَا يحس لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا
يدْرِي أذات الْجنب هُوَ أم غير ذَلِك فيجرب بالتكميد لِأَنَّهُ إِن لم يكن ذَات الْجنب انْقَضى بالتكميد وَإِن لم ينْحل بالتكميد وَثَبت وَزَاد أخذت فِي النّظر فِي بَاب آخر وَانْظُر هَل بَدَأَ بِهِ بعد الْأكل أَو قبله أَو بعد انطلاق الْبَطن أَو لِأَنَّهُ لم ينْطَلق والأشياء الْأُخَر الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي كتاب مَاء الشّعير قد نسخناه نَحن هَاهُنَا أَعنِي من يحْتَاج إِلَى الفصد وَمن يحْتَاج إِلَى الإسهال وَمن إِلَى مَاء الْعَسَل وَمن إِلَى مَاء الشّعير وَمن إِلَى الْحمام.
الْحبّ الَّذِي بِهِ يسهل أبقراط أَصْحَاب الشوصة مَعَ الخربق ذكره فِي كتاب الْأَمْرَاض الحادة: وَهُوَ حب النّيل وَجَدْنَاهُ فِي الْمقَالة الأولى فِي الْأَدْوِيَة المسهلة.
سرابيون: الْمدَّة تَجْتَمِع فِي الصَّدْر من خراج يخرج فِي الْحجاب أَو فِي الأضلاع وَيكون فِي حَال سكونها حميات وتمدد ولهيب وضيق نفس وَعند انفجارها يعرض نافض وسعال ويحمرّ الْوَجْه وتسخن الْأَصَابِع وَإِن كَانَت قَليلَة وَالْقُوَّة قَوِيَّة نفّثها وَإِن كَانَت كَثِيرَة لم تخرج بالنفث وَرُبمَا خرجت بالبول وَالْبرَاز وَمرَّة تفْسد الْحجاب وتحدث الاختناق وَالْمَوْت وتعلّم فِي أَي الْجَانِب هُوَ من الثّقل والتقلق فِيهِ إِذا نَام على الْجنب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ وخضخضة فِي الصَّوْت وَإِن كَانَ فِي الْجَانِبَيْنِ وجدت الْعَلامَة فيهمَا جَمِيعًا.
علاج: اسْتعْمل فِي الَّذين خرج فِي صُدُورهمْ خراج لَا يطْمع أَن ينْحل بالإنضاج بالأضمدة نَحْو ضماد التِّين واسقهم مَاء الْعَسَل وَمَاء التِّين وطبيخ الزوفا الْيَابِس إِذا نَضِجَتْ فَأَرَدْت أَن تقيّح فاسقهم الْأَشْيَاء القوية التقطيع وأعطهم عِنْد النّوم حب الفاواينا وبخّرهم فِي حلقوهم بقصبة باللبنى وَلست أرى أَن تقيّئهم لِأَن ذَلِك رُبمَا فتق فتقاً كثيرا فَسَالَ دفْعَة شَيْء يختنق بكثرته فَإِذا بَدَت المدّة تصعد فأعِن ذَلِك بالملطّفات وَإِذا ظهر الهضم التَّام وانحطت الْعلَّة فَلَا شَيْء أعون على تنقية الْمدَّة من المثروديطوس وترياق الأفعي وَإِذا لم تكن حمى وَلَا نحافة فِي الْجِسْم فَإِن كَانَت الْمدَّة بهَا من الْكَثْرَة مَا لَا يُمكن أَن تخرج بالنفث نقّب الصَّدْر بمكوى حَدِيد وَأخرج ثمَّ عولج.
لي أَنا أرى كَمَا يَبْدُو أثر الْخراج فِي الْجنب أَن تفصد الْيَد الْمُقَابلَة وَيخرج الدَّم فِي الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات قَلِيلا قَلِيلا وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِي وَالثَّالِث يخرج الدَّم فِي مَرَّات وتفجر الْعُرُوق أَيْضا ثمَّ افصد الرِّجل الَّتِي تَحت الْجَانِب العليل ويحجم عَلَيْهِ ثمَّ افصد الْيَد من الْجَانِب العليل فَإِن لم ينفع هَذَا)
وضعت على الْجنب الْأَدْوِيَة المحللة الحارة والمحاجم كي تجذب الْخراج إِلَى خَارج فَإِن ميله إِلَى ابْن سرابيون: ذَات الْجنب مِنْهَا صَحِيحَة وَهُوَ أَن يكون الورم فِيهَا فِي الغشاء المستبطن للأضلاع من دَاخل وعلامته أَن يكون فِيهَا نفث وَلَا يحس بالوجع من خَارج الأضلاع إِذا غمز عَلَيْهِ وتقيح إِلَى خَارج أَو يتَحَلَّل وَلَا يكون مَعَه نفث من أَوله إِلَى آخِره وَإِذا كَانَ الوجع
فِي ذَات الْجنب الصَّحِيحَة بلغ الترقوة فالورم فَوق فِي أَعلَى الْحجاب وبالضد وأطولها مُدَّة مَا لَا يحدث فِيهِ نفث فِي أول الْأَمر إِلَى الْأَيَّام الْأَرْبَعَة ثمَّ الَّذِي يحدث فِيهِ نفث إلاّ أَنه رَقِيق يفصد فِيهَا وتلي الطبيعة بالأشياء اللينة ويحقن بالحقن اللينة واسقه مَاء الشّعير قَالَ وَأَنا أرى أَن يكون الفصد فِي ابْتِدَاء هَذِه الْعلَّة من الْجَانِب الْمُخَالف فَإِذا اسْتَقر وَفرغ فَمن جَانبهَا وألِن الْبَطن بالأشياء اللينة وَمَاء الشّعير فَإِنَّهُ يسكن السعال ويسهل النفث قَالَ وضمد الصَّدْر فِي أول الْأَمر بالشمع الْمُصَفّى ودهن البنفسج وَبَعض اللعابات والكثيراء وبآخره بالضماد الْمُتَّخذ بالبابونج ودقيق الشّعير وأصل الخطمى وأصل السوس ودهن الْحل والتغذي دَائِما بِمَاء الْأَشْيَاء الَّتِي فِيهَا رُطُوبَة وجلاء ليعين على نفث الْمدَّة كالمتخذ من نَقِيع النخالة والفانيذ ودهن اللوز فاسقه شراب الْعَسَل إِذا لم تكن حمى وَلَا عَطش وَإِلَّا فشراب البنفسج والجلاب.
روفس فِي كتاب ذَات الْجنب: البصاق الأملس العديم الرَّائِحَة يدل على أَن الْخراج نقي وَقد أَخذ يلتئم خَاصَّة إِن وجد بعد ذَلِك سُكُون الْأَعْرَاض وَقَالَ: إِن ذَات الْجنب ورم فِي العضلة الَّتِي فَوق الأضلاع وَهَذِه العضلة كَثِيرَة الْحس جدا ويبلغ وجعها إِلَى الْكَتف وَرُبمَا نزل إِلَى أَسْفَل الأضلاع وَيكون مَعَ هَذَا سعال يَابِس وَحمى تهيج لَيْلًا وَرُبمَا كَانَ مَعَ هذيان وضيق نفس ويضطجع أبدا على جَانِبه الْأَلَم فَلَا يقدر أَن يتَحَوَّل إِلَى الْجَانِب الآخر وَإِن قذف صَاحبهَا بزاقاً بلغمياً فالعلة سليمَة وَالدَّم بعده فِي قلَّة الْخطر وَأما الصفراوي فرديء وأردى مِنْهُ السوداوي وَإنَّهُ كَانَ يسكن الوجع والحمى بعقب بصاق وَنَفث كثير فَهُوَ جيد وَبِالْعَكْسِ وَإِن كَانَ لَا ينفث شَيْئا الْبَتَّةَ ودام ضيق النَّفس وَعلا الغطيط وَاشْتَدَّ لَهب الْحمى فقد قرب هَلَاكه فَإِن لم يقذف من أول الْيَوْم الرَّابِع طَال مَرضه وَإِن قذف قبل الرَّابِع أسْرع فَإِن لم ينق بالنفث سلّ. لي ذَات الْجنب ورم حَار فَرُبمَا انحل من غير جمع وَهَذَا لَا نفث مَعَه إلاّ رَقِيق صديدي وَمَتى تقيح ... ... ينفث فَهُوَ سل.)
روفس: أَكثر مَا تعرض فِي الخريف واشتاء وَتعرض فِي جَمِيع الْأَسْنَان وَقل مَا تعرض الشتَاء وخاصة الَّتِي طمثها دَائِم وَأكْثر مَا تعرض فِي هبوب الشمَال.
أهرن: ضماد جيد للشوصة إِذا لم تكن شَدِيدَة الالتهاب والحرارة يُؤْخَذ عصير الكرنب ودقيق الحلبة وبزر الْكَتَّان ألف ألف وخطمى وأطراف البابونج ودقيق حوري فاعجن
النبض الْكَبِير: قَالَ إِذا كَانَ التَّوَاتُر مفرطاً جدا فِي نبض أَصْحَاب الشوصة دلّ على أَن الْعلَّة ستميل إِلَى الرئة حَتَّى يحدث مِنْهَا ذَات الرئة أَو ينذر بغشى يحدث والقليل التَّوَاتُر هُوَ أقل تواتراً من التَّوَاتُر الْخَاص بِهَذِهِ الْعلَّة لِأَن هَذِه الْعلَّة إِذا كَانَ فِيهِ تَوَاتر صَالح أنذره بسبات يحدث أَو آفَة بالعصب وَالِاخْتِلَاف المنشاري فِي النبض هُوَ بِهَذِهِ الْعلَّة أخص مِنْهَا بغَيْرهَا من الأورام فَإِن كَانَ هَذَا الِاخْتِلَاف يَسِيرا فَإِن ورم الغشاء المستبطن للأضلاع لَيْسَ بسريع النضج وَإِن كَانَ هَذَا الِاخْتِلَاف شَدِيدا دلّ على صعوبة الْمَرَض وعسر نضجه وَإِذا كَانَت الشوصة على هَذِه الْحَال ثمَّ كَانَ مَعَ قُوَّة قَوِيَّة فإمَّا أَن يبطيء نضجها زَمَانا طَويلا وَإِمَّا أَن يؤول إِلَى جمع الْمدَّة وَإِمَّا إِلَى ذبول السل وَإِن كَانَت مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة فَإِنَّهُ ينذر بِمَوْت سريع فَإِذا استحكمت المِدة ذهب الِاخْتِلَاف فِي النبض وجدت النبض الدَّال على جمع الْمدَّة وَإِن آل الْحَال إِلَى الذبول رَجَعَ النبض إِلَى النبض الْخَاص بالذبول وَقَالَ: الشوصة ورم حَار يحدث فِي الغشاء المغشي على الأضلاع من دَاخل الْمَعْرُوف بالمستبطن للأضلاع وَلذَلِك تتبعه حمى لِأَن الورم قريب من الْقلب وَمن أجل أَن الْحمى تكون حارة يكون النبض سَرِيعا وَلِأَن الْعُضْو الوارم عصبي يكون النبض صلباً بِمِقْدَار بيّن ولمكان صلابته يكون أَصْغَر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ الْحمى فَيجب لذَلِك أَن يكون متواتراً إِذْ كَانَت الْحَرَارَة تحْتَاج إِلَى عظم النبض والصلابة لَا تواتي لتستدرك بالتواتر مَا فَاتَ من عظم الانبساط وَلَيْسَ التَّوَاتُر فِي كل شوصة سَوَاء لِأَن الْخَلْط الَّذِي يحدث عِنْد الورم إِن اتّفق أَن يكون صفراوياً كَانَت الْحمى أحدّ وأخفّ بِالْقُوَّةِ وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ أسكن وَكَانَ إِلَى أَن يحدث سباتاً أقرب من أَن يحدث هذياناً وسهراً والدماغ يشْتَرك مَعَ عِلّة هَذَا الغشاء دَائِما لما يصل إِلَيْهِ من بخارات الأخلاط الَّتِي تفعل هَذَا الورم فَإِذا كَانَ الْخَلْط صفراوياً بخر إِلَيْهِ بخار يشبه نفثه لطيف الدُّخان حاراً فَيحدث لذَلِك اخْتِلَاط وتهيج وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ مَا يبخر إِلَى الدُّخان شبه الضباب الكدر وَالَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَة الْغَيْم فَإِذا وصل هَذَا إِلَى الدِّمَاغ رطبه وَثقله وأورث السبات وَرُبمَا كَانَ النبض الشَّديد الْمُتَوَاتر ينذر إِمَّا بالغشي وَإِمَّا أَن يؤول الْأَمر إِلَى ذَات)
الرئة عِنْدَمَا يكون الورم من خلط حَار يغلي فَيكون مِنْهُ الغشي من أجل إضراره بِالْقَوِيّ وَأما ورم الرئة فَإِنَّهُ يَجْعَل النبض متواتراً لِكَثْرَة الْحَاجة وَصغر الانبساط وَإِذا صَار الورم كثير التَّوَاتُر لم يخل أَن يكون الورم قد مَال إِلَى الرئة وَإِمَّا أَن يكون شَدِيد الْحَرَارَة يغلي لِشِدَّتِهِ وَهَذَا يجفف بِالْقُوَّةِ جدا فيورث الغشي وَأما قلَّة التَّوَاتُر ينذر بسبات أَو آفَة فِي العصب لِأَنَّهُ يدل على ألف ألف أَن الْخَلْط الْفَاعِل للورم بلغم والبخار الَّذِي مِنْهُ يصعد إِلَى الدِّمَاغ بَارِد فَإِذا كثر هَذَا البخار فِي الدِّمَاغ فَإِنَّهُ إِن كَانَ قَوِيا وَأمكنهُ أَن يَدْفَعهُ عَن نَفسه إِلَى بعض الْأَشْيَاء الْمُتَّصِلَة بِهِ أحدث آفَة بالعصب وَإِن لم يُمكن دَفعه عَن نَفسه أحدث السبات. لي وَأما جمع الْمدَّة فِي الصَّدْر والذبول فَنَذْكُر فِي النبض وَإِنَّمَا ذكرنَا هَذِه هَاهُنَا لدلَالَة فِي الْكَلَام على الْعلَّة.
النبض قَالَ: لَا يكَاد يكون فِي الصَّدْر والحجاب أورام بلغمية إلاّ من بلغم غليظ لِأَن هَذِه الْأَعْضَاء كثيفة لَا تقبل هَذِه الأخلاط وَإِنَّمَا تكون الأورام من خلط صفراوي أَو دم لطيف جدا قَالَ: وَإِذا حدث الورم بالحجاب فَإِن أَصْحَابه يختلطون وَيكون النبض فِي غَايَة الصلابة وَيكون صَغِيرا متواتراً وَلَا يتبع ورم الْحجاب حمى فِي أول الْأَمر لَكِن وجع وضيق النَّفس فَقَط ثمَّ إِذا عفنت تِلْكَ الفضول جَاءَت الْحمى قَالَ: فَأَما الورم فِي الغشاء المستبطن للأضلاع فَإِنَّهُ إِن كَانَ النبض فِيهِ صلباً صَغِيرا متواتراً جدا فَلَا ينجو صَاحبه خَاصَّة وَإِن كَانَ صلباً غَايَة الصلابة إِلَّا أَن الِاخْتِلَاط فِي أَصْحَاب ذَات الْجنب أقل مِنْهُ فِي أَصْحَاب ورم الْحجاب لِأَن الَّذِي يتَّصل بالحجاب من الدِّمَاغ أقرب.
هُنَا تمّ السّفر الرَّابِع على مَا جزّأه مُؤَلفه أَبُو بكر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ ويتلوه السّفر الْخَامِس فِي علل الْمعدة والمريء وَمَا يتَعَلَّق بذلك

الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "النفث إِذا ظهر يَوْمًا فِي ذَات الْجنب دلّ على قصر مدَّته وبالضد"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel