أمراض المريء والمعدة
Thursday, November 8, 2018
Add Comment
أمراض المريء والمعدة وَمَا يتَعَلَّق بذلك
ألف ألف (مَا يعرض فِي المريء والمعدة. .) من أمراض سوء المزاج وأمراض الْخلقَة وانتقاض الِاتِّصَال والأورام والقروح وأمراض الْمعدة الخربة وَفَسَاد المزاج وَضعف الْقُوَّة الجاذبة وبطلانها والماسكة والدافعة والهاضمة وَمن يستمرئ الغليظ والفواق والرعدة والرعشة فِيهِ يتَّصل كل ذَلِك فِي أول الْأَمر فَيُقَال يحدث فِيهَا كَيْت وَكَيْت وتعطى العلامات والعلاجات والحموضة على الصَّدْر وسيلان اللعاب وانحلال الْفَرد وَأمر الوجع والقيء بعد الطَّعَام. 3 (قَالَ ج: فِي آخر الرَّابِعَة من حِيلَة الْبُرْء) مَتى كَانَت 3 (القرحة فِي الْمعدة فاسقة الْأَدْوِيَة) وَمَتى كَانَت فِي المريء فَلَا تسقه إِيَّاهَا فِي مرّة بل فِي مَرَّات كَثِيرَة قَلِيلا قَلِيلا لِأَن الْمَرْء ينْتَفع بالأدوية فِي ممرها فَقَط وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن أَن تثبت فِيهِ وتلاقيه وقتا طَويلا كَمَا يكون ذَلِك فِي الْمعدة ولتكن أدوية أَشد لزوجة وَأَغْلظ لتلتزق بِهِ وَلَا تزلق عَنهُ وَإِنَّمَا يجمد عَلَيْهِ وَيلْزق بِهِ مَا كَانَ غليظاً. 3 (فِي السَّابِعَة من حِيلَة الْبُرْء) 3 (ضعف الْمعدة) قَالَ: أَصْحَاب التجربة لَا يعْرفُونَ من مداواة ضعف الْمعدة إِلَّا أَن يأمروا العليل بتناول الأغذية القابضة الَّتِي تميل إِلَى المرارة وبالشراب الخشن العفص وَتَأْخُذ الأفسنتين والأدوية المتخذة بعصير السفرجل وَنَحْوهَا وينطل على الْمعدة زَيْت قَابض قد طبخ فِيهِ أفسنتين وَيُوضَع عَلَيْهَا بعد ذَلِك صوف مبلول بِهَذَا الزَّيْت أَو بدهن السفرجل أَو دهن المصطكى أَو دهن الناردين ثمَّ يلْزم بعد ذَلِك قيروطاً متخذاً بِهَذِهِ الأدهان ثمَّ أدوية آخر أقوى من ذَلِك وأبلغ وَهِي أضمده متخذة بطيوب قابضة وبهذه الأدهان الَّتِي ذكرت مَعَ أدوية قريبَة الْقُوَّة مِنْهَا كالسنبل والحماما وقصب الذريرة وأصول السوسن واللاذن والساذج والميعة السائلة والمقل الْيَهُودِيّ ودهن البلسان وحبه وَعوده وَسَائِر الطيوب فَإِن لم تعْمل هَذِه كلهَا شَيْئا دووه بالأضمدة المحمرة وَهُوَ إِمَّا دَوَاء الْخَرْدَل والتفسيا وَيبْعَث بِهِ إِلَى الْحمة.)
لي ضعف الْمعدة تَقْصِير الشَّهْوَة أَو الهضم قَالَ: وقرانيطش فَإِنَّهُ
كَانَ يَأْمر من شكى إِلَيْهِ أَنه لَا يستمرئ طَعَامه وَأَنه يشتهى أَن يسْتَعْمل
الرياضة أَولا ويتناول من الطَّعَام رمقه ويقله مِقْدَارًا فَإِن لم ينْتَفع بذلك
أَخذ فِي علاج أَصْحَاب التجربة شَاءَ أَو أَبى أما أَنا فعلمني الْقيَاس
ثَمَانِيَة أَصْنَاف تداوى بهَا الْمعدة ألف ألف الضعيفة وَذَلِكَ أَنِّي سقيت
قوما مَاء بَارِدًا فبرؤا فِي يَوْم لَا بل فِي سَاعَة وَخلق كثيرٌ مِنْهُم بردته
لَهُ بثلج وأطلقت لَهُم أكل الْأَطْعِمَة المبردة على الثَّلج وَكَذَلِكَ أنلتهم فواكه
بَارِدَة مبردة على الثَّلج وكشك الشّعير الْمُحكم الطَّبْخ مبرداً على ثلج
ومنعتهم من تنَاول الأفسنتين وكل شَيْء يقبض وَكَانَ غرضي أَن أبرد فَقَط وَأما
قوم آخَرُونَ فَإِنِّي منعتهم من الْأَشْيَاء القابضة وأسخنتهم بِكُل وَجه من
ذَلِك أَنِّي سقيتهم شرابًا عتيقاً قَوِيا حاراً فِي الْغَايَة وَأَكْثَرت الفلفل
فِي طعامهم وَآخَرُونَ جعلت غرضي تجفيف معدهم فأطعمتهم أَطْعِمَة يابسة قد مَسهَا
النَّار فِي شيها وأقللت شربهم وألزمتهم الْأَشْيَاء القابضة ومنذ قريب داويت من
صَار فِي حَال الذبول وَذَلِكَ أَنه كَانَ بِهِ سوء مزاج يَابِس مُنْذُ أول
الْأَمر فَأَخْطَأَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاء فسقوه أفسنتيناً وأطعموه أَطْعِمَة مرّة
قابضة فَصَارَ بِهَذِهِ المداواة فِي حد من بِهِ دق فقصدت لترطيبه قَالَ: أَقُول:
إِن الاستحالة إِلَى الْحَرَارَة أَو الْبُرُودَة أسهل مداواة وأسرع برءاً لِأَن
إصْلَاح كل وَاحِد مِنْهُمَا يكون بكيفية فاعلة قَوِيَّة والاستحالة إِلَى
الرُّطُوبَة واليبس أعْسر مداواة وَأنكر برءاً لِأَن مداواتها تكون بكيفيات
ضَعِيفَة منفعلة.
وَلَا سِيمَا حِين يحْتَاج إِلَى الترطيب وَسُوء المزاج الْحَار سَوَاء سوء
المزاج الْبَارِد وَالزَّمَان الَّذِي يحْتَاج إِلَى إصلاحها فِيهَا سَوَاء بل
الثِّقَة فِي الْعَاقِبَة لَيست فِيهَا سَوَاء وَذَلِكَ أَنه لم يكن جَمِيع مَا
حول الْعُضْو الَّذِي يبرد مزاجه حِين يداوى من الْحَرَارَة قَوِيا لم يُؤمن
عَلَيْهِ أَن تناله من الْأَشْيَاء الْبَارِدَة مضرَّة عَظِيمَة. قَالَ أَبُو بكر:
هَذَا علاج عَام للمعدة والكبد وَنَحْوهمَا 3 (سوء المزاج الْيَابِس وَالرّطب)
فهما فِي أَمر الْعَاقِبَة سَوَاء وَأما فِي طول الْمدَّة فَإِن مُدَّة إصْلَاح
المزاج الْيَابِس أَضْعَاف مُدَّة إصْلَاح سوء المزاج الرطب. فِي ابْتِدَاء النهوك
وَعلة اليبس: إِن منزلَة سوء المزاج الْيَابِس منزلَة الشيخوخة فَلذَلِك هُوَ غير
قَابل للعلاج وممتنع الْبُرْء إِذا استحكم وَغَايَة استحكامه أَن يكون جَوْهَر
الْأَعْضَاء الصلبة قد يَبِسَتْ دون هَذَا اليبس. ولليبس مَرَاتِب: إِحْدَاهَا
وَهِي الْمرتبَة الأولى أَن يكون إِنَّمَا يَبِسَتْ الْأَعْضَاء الَّتِي من
جَوْهَر رطب الَّتِي أخذت فِي الإنعقاد والجمود بِمَنْزِلَة الشَّحْم وَاللَّحم
إِذا ذابا وانحلا والمرتبة الثَّانِيَة أَن تكون الرُّطُوبَة الَّتِي مِنْهَا
تغتذي الْأَعْضَاء قد قلت فيبس الْبدن وَهَذِه الرُّطُوبَة مَوْجُودَة فِي
الْأَعْضَاء كلهَا مبثوثة فِيهَا بِمَنْزِلَة الرذاذ وَهَذِه الرُّطُوبَة لن يُمكن
أَن
تخلف إِلَّا بالغذاء وَلِهَذَا صَار مداواة هَذِه الْأَعْرَاض مِمَّا يعسر
ولليبس فِي الْجِسْم مرتبَة أُخْرَى وَهُوَ من قلَّة الدَّم وَاسْتِعْمَال
الْأَطْعِمَة القابضة والأشربة والأدوية الْجَارِيَة هَذَا المجرى أضرّ
الْأَشْيَاء ألف ألف بِهَذِهِ الطَّبَقَات كلهَا من اليبس وَذَلِكَ أَنه يفنى مَا
بَقِي من الرُّطُوبَة الطبيعية فِي الْأَعْضَاء بِأَن تمتص بَعْضهَا وتنشف
بَعْضهَا وتخرجه من المجاري إِلَى دَاخل تجويف الْمعدة وَيدْفَع بَعْضهَا إِلَى
الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة مِنْهَا وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَيَنْبَغِي أَن
توسع ماانضم وضاق من المجاري وتجتذب مَا انْدفع إِلَى الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة
وتملئ كل وَاحِد من الْأَعْضَاء المتشابهة الْأَجْزَاء رُطُوبَة مشاكلة بالغذاء
المرطب على نَحْو مَا داويت الرجل الَّذِي كَانَ الْأَطِبَّاء أيبسوه فَإِنَّهُ
كَانَ من طَرِيق الْحر وَالْبرد سليما لَا يغلب عَلَيْهِ أَحدهمَا لَا فِي جملَة
بدنه وَلَا فِي معدته إِلَّا أَنه كَانَ من اليبس ونحافة الْجِسْم فِي الْغَايَة لإن
معدته لم تكن تستمرئ الطَّعَام حسنا للَّذي نالها من الضعْف من أجل سوء المزاج
الْيَابِس وَكَانَ الْغَرَض فِي مداواته وترطيب معدته وَجُمْلَة جِسْمه وَأَنا
واصف الْأَشْيَاء الْجُزْئِيَّة الَّتِي داويته بهَا.
قَالَ جالينوس: جعلته قَرِيبا من الْحمام وَكنت أدخلهُ على مفرشه فِي كل
غَدَاة إِلَيْهِ لِئَلَّا يَتَحَرَّك فتجففه الْحَرَكَة وتضعفه وتنحل قوته.
لي لِأَن الْحمام يرخى الْقُوَّة. قَالَ: ويلبس ثِيَابه وَهُوَ رطب لإني
لَا أوثر أَن يَنَالهُ هَوَاء الْحمام الْحر وَليكن مَاء الأبزن معتدلاً جدا
وقريباً من بَاب الْحمام الْقَرِيب من المسلخ لإن المفرط الْحَار يحدث فِي
الْأَبدَان الضعيفة بردا من غير أَن يشْعر بِهِ أَصْحَابهَا والمفرط الْبرد يجمع
ظَاهر الْجِسْم وَيضم مسامه ويضيقها وَنحن قصدنا توسيع المسام وتفتيحها إِذا
كَانَت منضمة ضيقَة فإمَّا المعتدل)
فيفعل ذَلِك وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَنه يستلذه فتتحرك اللَّذَّة الطبيعية
وتحركه للأنبساط والتفتيح والتمدد إِلَى كل نَاحيَة يتلاقاها مِنْهَا الشَّيْء
السار لَهَا وحالها فِي ذَلِك خلاف حَالهَا عِنْدَمَا لي قَوْله يحدث المَاء
الْحَار بردا يَعْنِي أَنه يحدث مِنْهُ قشعريرة وانضمام تكاثف الْجِسْم.
قَالَ: وَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ بعجب أَن يقشعر من المؤذي وَيكثر
وتضيق وتصلب مسامه وَإِذا لقِيه المضاد تؤذي أَعنِي مَا يستلذه حدث فِيهِ خلاف
ذَلِك فينبسط الْجِسْم ويتسع مسامه وَكنت أسقيه سَاعَة يخرج من الْحمام لبن الأتن
وَأدْخل الأتان إِلَيْهِ فِي بَيت مرقده حرازاً من احتباس اللَّبن فِي الْهَوَاء
فيستحيل وَلَو أمكن أَن يمتص الثدي لَكَانَ أَجود وَلبن الأتن فِي هَذِه الْعلَّة
أفضل من غَيره لإنه ألطف الألبان وأرقها وَلِهَذَا هُوَ أقلهَا تجبناً فِي الْمعدة
وأسرعها نفوذاً فِي الْجِسْم كُله وَهَذِه الْأَبدَان شَدِيدَة الْحَاجة إِلَيْهِ
لإنها تحْتَاج أَن تتغذى فِي أسْرع وَقت وَلِأَن منافذ الْغذَاء الَّتِي يسْلك
فِيهَا ضيقَة منضمة مِنْهُم فَيَنْبَغِي أَن تسقيهم اللَّبن وَحده وَمَعَ شَيْء
يسير من عسل مفتر وَليكن الْعَسَل وَاللَّبن على أفضل مَا يكون من الْجَوْدَة
وَكَذَا يَنْبَغِي أَن تتقدم فِي علف الأتان بأَشْيَاء مُوَافقَة وتراض رياضة
معتدلة وَإِن كَانَ مَعهَا جحش فرق بَينهمَا ولتكن فتية قد بلغت مُنْتَهى
الشَّبَاب ألف ألف وَيَعْنِي بِأَن تستمرئ غذاءها جيدا وَيعرف ذَلِك من رَائِحَة
روثها إِذا لم يكن منتناً وَكَانَ نضيجاً وتعلف حشايش لَيست رطوبتها كَثِيرَة وَمن
التِّبْن الْيَابِس وَالشعِير قصدا وَلَا تدع حسها وتمرينها وَإِذا رَأَيْت روثها
أرطب مِمَّا يَنْبَغِي وَكَانَ منتناً مملوءاً رياحاً فَاعْلَم أَنَّهَا لم يستمرئ
غذائها فزد فِي رياضتها وأنقص من عَلفهَا وأبدله بِغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ أوفق
وَإِن كَانَ أَصْلَب فبالضد قَالَ: وَبعد أَن تسقيه فَاتْرُكْهُ ليستريح إِلَى
وَقت دُخُول الْحمام ثَانِيَة ثمَّ أمرخه مرخاً معتدلاً بدهن وَبعد أَن ينهضم
الْغذَاء انهضاماً تَاما وعلامة ذَلِك الجشاء وَمِقْدَار انتفاخ الْبَطن
وَبِالْجُمْلَةِ أجعَل الْوَقْت بَين دُخُول الْحمام فِي الْمرة الأولى
وَالثَّانيَِة أَربع سَاعَات أَو خمْسا هَذَا إِذا أردْت أَن تدخله الْحمام مرّة
ثَالِثَة وَلَا تدخله مرّة ثَالِثَة إِلَّا أَن يكون مُعْتَادا بِدُخُول الْحمام
كثيرا فَإِن لم يدْخل مرّة ثَالِثَة فانتظر بِهِ فِيمَا بَين الْمرة الأولى
وَالثَّانيَِة بساعات أَكثر وأمسحه بدهن كل مرّة يستحم قبل أَن يلبس لِأَن ذَلِك
منعش للجسم ومعدل لَهُ وَهُوَ كالدلك قَالَ: المَاء الْحَار ينتفخ بِهِ
الْأَعْضَاء وتربو فِي أول الْأَمر ثمَّ أَنه بعد تقصف وتنضم وَكَذَلِكَ إِن أردْت
أَن تزيد فِي اللَّحْم أَن تجْعَل الاستحمام بِالْمَاءِ الْحَار إِلَى أَن ينتعش
الْجِسْم وينتفخ وَإِن أردْت أَن تنقص من اللَّحْم فأطل بعد ذَلِك حَتَّى يذهب
ذَلِك الانتفاخ وَأعلم أَن)
الْوَقْت الَّذِي تحْتَاج إِلَيْهِ لتنفض اللَّحْم والتحليل لَهُ عرض كثير
وَالْوَقْت الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ للتزيد فِي اللَّحْم يضيق لإنه فِي أول مَا
ينتعش الْجِسْم وينتفخ يَنْبَغِي أَن يقطع أسخانه: قَالَ: والانتفاخ والانتعاش
لَهُ فِي كل جسم حد خَاص لَهُ لإن الْبدن القضيف لَا يُمكن أَن يتْرك ينتفخ وينتعش
كأبدان المرطوبين الأصحاء لإنه سَاعَة ينتفخ يَأْخُذ فِي التَّحْلِيل على
الْمَكَان فَأَما أبدان الأصحاء فلهَا فِي ذَلِك عرض صَالح وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن
تتفقد لِئَلَّا يفوتك الْوَقْت وَأَن لَا تشعر فَيجوز وَكَذَلِكَ إِذا دلكت بدناً
قد قضف جدا فحسبك مِنْهُ لِأَن يحمر فَقَط وَإِن أَنْت أحممته فحسبك مِنْهُ أَن
يسخن سخونة معتدلة فَأن تجاوزت بِهِ ذَلِك وأطلت اللّّبْث فِي أحد الْأَمريْنِ كنت
إِلَى أَن تنحله وتقصفه وَبعد الاستحمام أمسحه بدهن كَيْلا ينْحل بِأَكْثَرَ
مِمَّا يجب لَكِن تسده مسام الْجلد وَفِي ذَلِك أَيْضا مَنْفَعَة أُخْرَى وَهُوَ
أَن يمْنَع من يلْحقهُ من الْهَوَاء مضرَّة وَإِن استلذ الْمَرِيض اللَّبن فأعطه
مِنْهُ مرّة ثَانِيَة بعد الاستحمام الثَّانِي وَإِن كَانَ لَا يستلذه فأسقه فِي
ذَلِك الْوَقْت مَاء الشّعير مُحكم الطَّبْخ ودعه يسترح أَيْضا ثمَّ أدخلهُ مرّة
ثَالِثَة أَو عَشِيَّة بعد أَن يستريح وَاتخذ لَهُ خبْزًا نظيفاً نضيجاً قد حمر
تحميراً معتدلاً ويأكله مَعَ بعض أَنْوَاع السّمك الرضراضي أسفيدباجا وَينْتَفع
أَيْضا بِأَكْل أَجْنِحَة الديوك وخصاها المربى بِالتِّينِ فَإِن لم يكن فالديوك
الراعية والحجل والعصافير الجبلية الرُّخْصَة واجتنب الصلبة اللَّحْم
وَبِالْجُمْلَةِ ألف ألف تحْتَاج إِلَى مَا كَانَ كثير الْغذَاء وَهُوَ مَعَ ذَلِك
خَفِيف سريع الانهضام لَا لزوجة
فِيهِ وَلَيْسَ يُمكن أَن يكون كَذَلِك الشَّيْء السَّرِيع الانهضام فِي
غَايَة الْغذَاء وكثرته وَهُوَ مَعَ ذَلِك خَفِيف سريع الانهضام وَلَيْسَ يُمكن
أَن يكون الشَّيْء الْكثير الْغذَاء فِي الْغَايَة غير لزج وَذَلِكَ أَنه لَو
كَانَ الْغذَاء يهضم نَفسه وَينفذ نَفسه وَيلْزق بالجسم من غير أَن تكون الطبيعة
تحيله وتقلبه لَكَانَ الْكثير الْغذَاء فِي الْغَايَة أوفق لهَذَا الْجِسْم
وَلَكِن لإن الْغذَاء يجب أَن يَسْتَحِيل فَلهَذَا لَيْسَ ينفع هَذَا الْأَبدَان
الأغذية الْكَثِيرَة الْغذَاء وَهِي تبطئ وتضعف عَنْهَا هَذِه الطبائع وَلَا
تحْتَاج أَيْضا إِلَى الطَّعَام الَّذِي فِي غَايَة سرعَة الهضم إِذْ كَانَت هَذِه
لَا يُمكن أَن تغذو غذَاء كثيرا فَلهَذَا يَنْبَغِي أَن تجْعَل غرضك فِي
الْأَمريْنِ جَمِيعًا أَعنِي أَن يخْتَار الْكثير التغذية السَّرِيع الهضم غير
اللزجة وَغير الصلبة.
قَالَ: وَتَنَاول شراب وَذَلِكَ أَن جَمِيع من ينعش بدنه لَا يصلح لَهُ من
الْأَشْرِبَة غير الشَّرَاب وَحده بعد أَن لَا تكون حمى وَيكون الشَّرَاب مائياً
وَفِيه قبض يسير وليتوقوا الشَّرَاب الْقوي لإنه يضرهم بقوته فَأَما الشَّرَاب
المائي الْقَابِض الْقَلِيل الِاحْتِمَال للْمَاء فَإِنَّهُ أَنْفَع الْأَشْيَاء
لَهُم لإنه قد)
جَاوز حد المَاء وَبعد عَن مَا هُوَ عَلَيْهِ المَاء من الضعْف وَلم يبلغ
إِلَى حد القوى فِيمَا يحذر من مضرته وَليكن مِقْدَار مزاج المَاء بِحَسب مَا تقصد
إِلَيْهِ الْأَعْرَاض الَّتِي وصفت لَك وَاعْلَم أَن المَاء لبرودته يبطئ فِي
الْمعدة وَفِيمَا دون الشراسيف وَيحدث نفخاً وقراقر وَيحمل قُوَّة الْمعدة وَيصير
ذَلِك سَببا لسوء الاستمراء وَلَا يعين على نُفُوذ الْغذَاء كَبِير مَعُونَة وَأما
الشَّرَاب فبالضد من ذَلِك أَعنِي أَنه يسْرع النّفُوذ ويحلل النفخ ويبدرق
الْغذَاء ويولد دَمًا جيدا ويسرع التغذية وَيزِيد فِي قُوَّة الْأَعْضَاء ويسوق
الفضول إِلَى البرَاز وأسقه مِنْهُ بِقدر مَا لَا يطفو فِي معدته وَلَا تُوجد لَهُ
قراقر وَليكن غذاؤه بِقدر مَا لَا يثقل الْمعدة لتخف ويزل عَنْهَا فِي أسْرع
الْأَوْقَات وَحَتَّى لَا تتمدد الْمعدة وَلَا تنتفخ وتفقد فِي الْيَوْم الأول
فَإِن رَأَيْت قد عرض شَيْء من هَذَا نقصت من الْغذَاء فِي الْيَوْم الثَّانِي
بِقدر الْعَارِض فَإِن لم يعرض فِيهِ شَيْء زِدْت فِيهِ شَيْئا يَسِيرا وَكَذَا
تفعل فِي الْيَوْم الثَّالِث تزيد وتنقص بِحَسب مَا يُوجب كَمَا تزيد النَّاقة
وَمن احْتَاجَ إِلَى إنعاش بدنه فَمن الْوَاجِب أَن تزيد فِي حركته بالركوب
وَالْمَشْي بِقِيَاس زِيَادَة الْبدن وَتفعل سَائِر مَا يجب أَن تَفْعَلهُ على
طَرِيق التَّدْبِير المنعش وَهُوَ تَدْبِير النَّاقة فَإِن ذَلِك التَّدْبِير
وَهَذَا من جنس وَاحِد إِلَّا إِن ذَلِك أصعب لإن مَعَه ضعف الاستمراء قَالَ بَين
هَذَا وَبَين النَّاقة: إِن حَال النَّاقة فِي جملَة بدنه كَحال هَذَا فِي معدته
فَقَط والناقة إِنَّمَا يذهب لَحْمه لإن الرطوبات الَّتِي تتغذى بهَا الْأَعْضَاء
تَجف على طول الْأَيَّام وَأما هَذَا فَلِأَن معدته تَجف بهزال بدنه على طول
الْأَيَّام لإنه لَا يتغذى قَالَ: وَهَذِه ألف ألف الرُّطُوبَة الذاهبة من هذَيْن
يُمكن أَن تخلف بالغذاء لإنهاليست تِلْكَ الرُّطُوبَة الَّتِي بهَا إتحاد أَجزَاء
الْأَعْضَاء بل هِيَ الَّتِي هِيَ مبثوثة فِي خلل الْأَعْضَاء كالرذاذ قَالَ:
فَإِذا رجعُوا قَلِيلا فزد فِي التَّدْبِير المنعش المقوي وزد فِي الدَّلْك
وَالرُّكُوب وكمية الْغذَاء وكيفيته لتجعله بذلك أَكثر اغتذاء فَإِذا قَارب
الصِّحَّة فاقطع عَنهُ كشك الشّعير وَاللَّبن والحسو الْمُتَّخذ من الخندروس
ورده إِلَى الْأَطْعِمَة الَّتِي كَانَ يألفها ودرجه فِي ألطفها قَلِيلا
قَلِيلا فتطعمه أَولا الأكارع وَاللَّحم البائت لَيْلَة وعَلى طَرِيق الْعَادة
الَّتِي كَانَت لَهُم وَليكن بالعشاء أقوى.
الكتاب: الحاوي
في الطب
المؤلف:
أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق:
اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة:
الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر:
دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت
0 Response to "أمراض المريء والمعدة"
Post a Comment