بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

أمراض المريء والمعدة 2

 لي إِنَّه يَنْبَغِي للناقة وَالَّذِي بمعدته سوء مزاج يَابِس وَالَّذِي قد شَارف الْوُقُوع فِي الذبول فَإِن هَذَا التَّدْبِير عَام فيهم وَهَؤُلَاء يَحْتَاجُونَ إِلَى غذَاء كثير وَلَيْسَ يقدرُونَ على استمراء الْغذَاء المعتدل فضلا عَن الْكثير فَيجب أَن يغذو قَلِيلا قَلِيلا شَيْئا فَشَيْئًا فِي مَرَّات فَإِذا أَقبلُوا إِلَى الصِّحَّة فاكتف بتغذيتهم فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ ليستمرئ طَعَامه الأول وينهضم انهضاماً محكماً قبل أَن يتَنَاوَل)
الْعَام الثَّانِي وَإِذا ذَاك كَذَلِك فَيجب على هَذَا أَن يكون الطَّعَام الأول ضَعِيفا خَفِيفا ليستمرئ وينهضم وينحدر فضلته فِي أسْرع الْأَوْقَات وَلَا تسقهم شَيْئا حَتَّى يستمرئ الطَّعَام الثَّانِي وينحدر عَن معدهم فَإِذا أَصْبحُوا وتبرزوا وَمَشوا قَلِيلا دلكوا بِقدر مَا تسخن أبدانهم يركبون فَإِذا نزلُوا من الرّكُوب دلكوا أَيْضا وأدخلوا الْحمام قبل انتصاف النَّهَار لتَكون بَين ذَلِك الْوَقْت وَبَين الْعشَاء مُدَّة كَافِيَة وَليكن مَوضِع العليل معتدل الْهَوَاء.
قَالَ: وَذَلِكَ أَن تَدْبِير النَّاقة متوسط بَين تَدْبِير الأصحاء والمرضى وانح فِي أُمُوره نَحْو عَادَته فِي كَيْفيَّة الْأَطْعِمَة وأوقاتها فِي الأغذية والأشربة وَسَائِر التدابير فَإِن للْعَادَة حظاً وَلَيْسَ فِي تَدْبِير النَّاقة وَحده بل وَفِي تَدْبِير الْمَرِيض فَمن عَادَته أَن ينَام نَهَارا ويسهر لَيْلًا فَأَجره على ذَلِك وبالضد وَاعْلَم أَن من النَّاس من يلْحقهُ الغشى من كشك الشّعير فَإِذا شربه حمض فِي معدته فاعمل بِحَسب ذَلِك وَانْظُر فِي الزَّمن.
أَصْنَاف الذبول وَاعْلَم أَن سوء المزاج الْيَابِس إِذا بلغ الْغَايَة وَلَو كَانَ فِي عُضْو وَاحِد كالمعدة فَلَيْسَ إِلَى برئه على الْكَمَال سَبِيل لِأَن هَذِه الْمعدة تصير كَأَنَّهَا من معد الشُّيُوخ وَلِهَذَا تسرع إِلَيْهِم الآفة من أدنى سَبَب كَالَّذي يعرض الشُّيُوخ وَلَا يقدرُونَ على استمراء الطَّعَام على مَا يجب فتنهك أبدانهم لذَلِك وَمن أَصَابَهُ هَذَا السوء مزاج فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ يؤول إِلَى الذبول سَرِيعا وَهَذَا الذبول يؤول إِلَى الْمَوْت سَرِيعا وَبعد الذبول الْحَادِث عَن الْمعدة الذبول الكبدي فَأَما الذبول الْحَادِث عَن أَعْضَاء آخر فمدته تكون أطول بِحَسب قلَّة خطر ذَلِك الْعُضْو فَأَما من يبس جرم فُؤَاده يبساً يَسِيرا ألف ألف فَإِنَّهُ يهدمه سَرِيعا وَقد يعِيش مُدَّة أطول مِمَّن نكأ اليبس فُؤَاده نكاية شَدِيدَة.

وَبعد هَؤُلَاءِ فِي الطَّبَقَة من أَصَابَهُ مَا وصفت فِي كبده أوفى معدته وَمن أَصَابَهُ مثل هَذَا اليبس فَإِنَّمَا ذَلِك فِي وَاحِد من سَائِر أَعْضَائِهِ هم بعد ذَلِك وَمن أَصَابَهُ مثل ذَلِك من الْأَشْيَاء الَّتِي تفنى الرطوبات الَّتِي تغذو الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَقَط من جنس وَاحِد بِعَيْنِه.
لي تَدْبيره لأمثال هَؤُلَاءِ طَمَعا فِي أَن يفيدهم التَّدْبِير نفعا مَا وَإِن قل كَمَا يفعل ذَلِك بالشيوخ أعنى أَن يرطبوا.
قَالَ: وَكَذَلِكَ من أَصَابَهُ اليبس الثَّالِث الَّذِي ذَكرْنَاهُ يَعْنِي الَّذين بهم ابْتِدَاء الذبول إِلَّا أَنه فِي الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة الْعَهْد بالجمود بعد قَالَ: وأسهل طَبَقَات اليبس وأسرعها برءاً اليبس الرَّابِع)
الْحَادِث عَن استفزاغ الْعُرُوق الصغار من الرطوبات الَّتِي فِيهَا.
لي جَمِيع مَا عده جالينوس من أَنْوَاع اليبس أَرْبَعَة أسهلها الَّتِي تَجف بِهِ الرطوبات الَّتِي فِي تجويف الْعُرُوق الصغار وَهُوَ أول يبس يعرض للبدن وَذَلِكَ أَنه لم يُمكن أَن تَجف الرطوبات الَّتِي فِي خلل الْأَجْزَاء وَالثَّانِي بعده الَّتِي تَجف بِهِ الرطوبات الَّتِي فِي خلل الْأَجْزَاء وَالثَّالِث الَّذِي لم تَجف بِهِ الرطوبات الَّتِي للأعضاء نَفسهَا الخاصية بجوهرها لَكِن تَجف بِهِ بعد رطوبات الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة الْعَهْد بالجمود كالشحم وَاللَّحم الرطب وَالرَّابِع أَن تَجف رطوبات الْأَعْضَاء الصلبة كالقلب والمعدة وَنَحْوهمَا.
قَالَ: ومداواة اليبس الَّذِي قد جَفتْ فِيهِ الرطوبات الَّتِي فِي تجويف الْعُرُوق الصغار يَنْبَغِي أَن تكون مداواة لبرودة الْجِسْم فَإِن ذَلِك أولى من اليبس لِأَن الْبُرُودَة هِيَ الْغَالِبَة على الْجِسْم واليبس تَابع لَهُ وَلِهَذَا صَارَت مداواته سريعة فَإِن دبرت هَؤُلَاءِ بِأَن تسخنهم يَوْمَيْنِ إسخاناً معتدلاً وتغذوهم صلح أَن تعطيهم فِي الْيَوْم الثَّالِث غذَاء أغْلظ قَلِيلا وَلَا يضرهم وَيكون فِي الْيَوْم الرَّابِع أحسن حَالا وَكَذَا فِي الْخَامِس وَمَا بعده.
لي لم يُعْط جالينوس لشَيْء من هَذِه عَلَامَات يفرق بَينهَا. قَالَ: ويبس الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة إِذا طَال يتبعهَا الْبرد لِأَن الْأَعْضَاء إِذا لم تغتذ بردت فِي أسْرع وَقت قَالَ: وَلَكِن مَا مضى من كلامنا إِنَّمَا كَانَ فِي مداواة يبس لَا برودة ظَاهره مَعَه وَلَا حرارة فلنقرن إِلَيْهِ الْآن برودة تكون علاماتها ظَاهِرَة وَلَا تكون عَظِيمَة.
سوء المزاج الْبَارِد الْيَابِس قَالَ: وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا يكون غرضك غَرضا بسيطاً بل مركبا لِأَنَّك تحْتَاج أَن ترطب وتسخن واليبس الْيَسِير لَيْسَ علاجه صعباً بل اليبس الْقوي لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يعالج بالغذاء والغذاء إِنَّمَا يحْتَاج فِيهِ أَن يلزقه المتغذى بِنَفسِهِ والمتغذى فِي هَذِه الْحَال ضَعِيف وَمن أجل هَذَا يُمكن إِذا كَانَ قد يبس يبساً يَسِيرا أَن يتغذى بغذاء أغْلظ وَلم يتخوف حِينَئِذٍ الغلظ فِي مِقْدَار الْغذَاء.
لي كَيفَ صَارَت غَلَبَة الْحَرَارَة لَا تهدأ الْقُوَّة فِي هَذَا اليبس وَكَذَلِكَ الْبُرُودَة أَقُول: ذَلِك لِأَن الطبيعة كَأَنَّهَا تستمد من الرُّطُوبَة ألف ألف والالتصاق والانفعال إِنَّمَا بِهِ يكون والكون مِنْهُ واليبس هُوَ السَّبَب الفاني قَالَ: إِذا كَانَ اليبس شَبِيها بِالْأولِ وَمَعَهُ برد يسير فاخلط بِالتَّدْبِيرِ المرطب مَا يسخن بِمِقْدَار تِلْكَ الْبُرُودَة الْيَسِيرَة فاخلط مَعَ اللَّبن فضلا عَن الْعَسَل وقلل مزاج الشَّرَاب أَو اجْعَلْهُ أعتق وَلَا يُجَاوز ذَلِك النَّوْع الَّذِي ذكرنَا وأطعمه من الطَّعَام مَا كَانَ أسخن بالطبع وَالْفِعْل. وكمد الْمعدة تكميداً متوالياً بدهن ناردين لَا تخلها من الدّهن فتجف وَإِن لم يكن دهن الناردين فدهن المصطكى وكمد أَيْضا بدهن البلسان وَحده ومخلوطاً وَمَتى أردْت طول لبث الدّهن على الْجِسْم فاخلط بشمع وَإِن كَانَ الْهَوَاء بَارِدًا فضع صوفة منفوشة مبلولة بذلك الدّهن وَضعهَا على الْبَطن واسحق المصطكى بدهن بِلِسَان وبلّ فِيهِ صوفة منفوشة مبلولة وَضعهَا على الْبَطن وَلَا يجب أَن يكون للدواء الَّذِي يسخن بِهِ هَذَا الْبدن
تَحْلِيل وَلَا قبض كثير لِئَلَّا يصير مجففاً فاجتنب الْأَشْيَاء العفصة فِي هَذِه الْأَمْرَاض فَإِن كَانَ الْبرد مَعَ اليبس قَوِيا جدا فَاعْلَم أَنه أصعب سوء المزاج وأعسره فاطرح العفصة والأشياء القوية الْحَرَارَة فَإِنَّهَا تجفف والزم الْقصر وَإِن طَال أَمرك فَخذ المصطكى الدسمة فِي غَايَة الدسومة واسحقها بدهن الناردين واغمس فِيهَا صوفة أرجوان وَضعه على الْمعدة واخلط مَعَه إِن أمكنك من البلسان وَأطْعم العليل عسلا قد نزعت رغوته مَعَ لبن أَكثر مِمَّا كنت فعلت وَأعلم أَن الْعَسَل مَتى نزعت رغوته قلت فضوله وَكثر غذاؤه وَالْعَسَل أَيْضا وَحده إِذا طبخ صَار من أَجود الْأَشْيَاء الَّتِي يتغذى بهَا أَصْحَاب الْمعد الْبَارِدَة فَأَما أَصْحَاب الْمعد الحارة فضار لَهُم فَلَا تقدم لأَصْحَاب الْمعد الْبَارِدَة على الْعَسَل شَيْئا واهرب مِنْهُ عِنْد الْمعدة الحارة وَإِذا كَانَ على هَذَا فَاجْعَلْ أَكثر أغذيته الْعَسَل الَّذِي نزعت رغوته بِأَحْكَام على نَار فَحم البلوط أَو الْكَرم أَو بلوط قد ذهب)
دخانه فاختر لَهُ من ذَلِك النَّوْع من الشَّرَاب أعْتقهُ وَلَا يكون مرا فَإِنَّهُ يجفف أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي وأطل على معدته وبطنه كل زفتا كل يَوْم وأنزعه قبل أَن يبرد وَافْعل ذَلِك فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ لِأَن أَكثر من ذَلِك يحلل وَإِنَّمَا قصدنا بِهِ أَن يجتذب دَمًا جيدا إِلَى الْجِسْم قَالَ: وَهَذَا اللطوخ الزفتى من أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُم أَعنِي لأعضائهم الَّتِي قد بليت وسلبت الْغذَاء وَليكن غرضك الزِّيَادَة فِي جَوْهَر الْحَرَارَة لَا فِي كيفيتها وَهَذَا يتم بالأغذية الَّتِي تقدم ذكرهَا وبالشراب فَإِنَّهُ أبلغ فِي ذَلِك وَأَشْيَاء من خَارج مِنْهَا: صبي حسن اللَّحْم يعتنق حَتَّى يلتصق بِبَطن العليل عِنْد نَومه ومعدته دَائِما وَإِن لم يكن صَبيا فجرو كلب سمين فَإِن هَذَا يصلح لمن معدته ضَعِيفَة فِي حَال الصِّحَّة وتوقع أَن يعرق الصَّبِي لِأَنَّهُ مَتى عرق كَانَ تبريد العليل أَحْرَى مِنْهُ بإسخانه.
لي والسنانير أَيْضا وامسح بدن الصَّبِي بأَشْيَاء تمنع من الْعرق قَالَ: والتكميد يضر من بِهِ هَذِه الْعلَّة وَأما الْيَابِس فَإِنَّهُ ينشف مَا فِي الْأَعْضَاء ألف ألف الْأَصْلِيَّة وَأما الرطب فيحلل هَذِه الرُّطُوبَة الَّتِي فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَتوسع مسام الْجِسْم ويجعله سريع الْقبُول للبرد وخاصة إِذا كثر من هَذِه فَإِن كَانَ مَعَ اليبس حرارة لَيست كَثِيرَة جدا فدبره بِالتَّدْبِيرِ الأول الَّذِي لصَاحب اليبس وَحده وَاحْذَرْ الْعَسَل وَليكن شرابه فِي الصَّيف بَارِدًا وَفِي الشتَاء حاراً فاتراً وامرخ معدته بِزَيْت إِنْفَاق ودهن السفرجل وبمقدار الْحَرَارَة تزيد فِي مزاج الشَّرَاب وبرده بِالْفِعْلِ.
سوء المزاج الْحَار الْيَابِس فليفرق باليبس حرارة لَيست بالكثيرة جدا أَقُول إِنَّه قد برِئ من هَذِه بِالتَّدْبِيرِ الأول بِعَيْنِه الَّذِي لصَاحب اليبس وَحده وَيجْعَل شرابه أحدث وَيجْعَل طَعَامه فِي الصَّيف بَارِدًا وَفِي الشتَاء حاراً وتمرخ معدته بِزَيْت إِنْفَاق ودهن سفرجل وبمقدار الْحَرَارَة تزيد فِي مزاج الشَّرَاب وتزيده بِالْفِعْلِ وَاعْلَم أَن هَذَا الْمَرَض شَبيه بالحمى.
مِثَال قَالَ: أول من رَأَيْت بِهِ هَذِه الْعلَّة رجلا كَانَ يشكو عطشاً شَدِيدا وَيكرهُ شرب الْحَار وَكَانَ يقوم بِمَا أكله بعد أَربع سَاعَات وبدنه يقصف ويبلى وَلَا ينْتَفع بالأطعمة القابضة فَكَانَ الْأَطِبَّاء يأذنون لَهُ بِالْمَاءِ الْبَارِد إِلَى أَن أجهده الْعَطش فأقدم على شرب مَاء بَارِد جدا سكن عَنهُ الْعَطش على الْمَكَان فَكَانَ سَبَب الْبُرْء إِلَّا أَن المَاء الْبَارِد أضرّ بمريئه فَكَانَ يشكو مِنْهُ إِلَى أَن مَاتَ فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يعالج قَلِيلا قيلاً وَلَا يحمل على الْعلَّة دفْعَة.
وَآخر: لما رَأَيْت عَلَامَات سوء المزاج الْحَار الْيَابِس بِهِ وضعت المروخات على معدته فسكن مَا كَانَ يجده إِلَّا أَنه ضَاقَ نَفسه فَعلمت أَن حجابه يبرد فَقلعت الأضمدة وَجعلت عَلَيْهِ دهناً مسخناً فَعَاد نَفسه إِلَى الْأَمر الطبيعي من سَاعَته فَقطعت عَنهُ الدّهن عِنْد ذَلِك وَكنت أنزل بالأضمدة إِلَى أَسْفَل على مهل وأجعلها بعيدَة من السُّرَّة وَجعلت مَا يَأْكُلهُ بَارِدًا بِالْفِعْلِ برودة فبرئ من غير أَن يَنَالهُ سوء المزاج الْحَار الرطب قَالَ: فَأَقُول: إِن الْمعدة بهَا من سوء مزاج حَار مَعَ حرارة يسيرَة أداوى المخالط للرطوبة بِالْمَاءِ الْبَارِد بِلَا تهيب وَلَا خوف عَاقِبَة لِأَن الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة من الْمعدة لَا يضر بهَا المَاء الْبَارِد لِأَنَّهَا معتدلة وَذَلِكَ أَن الْمعدة إِذا كَانَ بهَا سوء مزاج يَابِس فَلَا بُد أَن يقصف ويهزل مَا حواليها من الْأَعْضَاء مَعَ جملَة الْجِسْم وَأما إِذا كَانَت لم تيبس بعد فَإِنَّهُ لم تقصف وَلذَلِك لم يضرّهُ المَاء الْبَارِد فَأَما إِن كَانَ مَعَ الْحَرَارَة يبس فَاسْتعْمل أحر المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ لَا يُؤمن كَمَا أَنه إِذا كَانَ مَعَ رُطُوبَة أَو مَعَ اعْتِدَال بَين الْحَرَارَة والرطوبة لِأَن اليبس لَيْسَ يكون عَنهُ قصف الْأَعْضَاء الَّتِي حول الْمعدة فَإِن كَانَ فِي الْمعدة فِي بعض الْأَحْوَال سوء مزاج حَار يبلغ مِنْهُ إِلَى الْقلب حم صَاحبه وَكَانَ على خطر وَسَنذكر ذَلِك فِي كتاب الحميات.
الحميات الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة لي أما أَنا فسأذكر الحميات ألف ألف الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة هَا هُنَا قَالَ: فَأَما سوء المزاج فَهُوَ أسهل برءاً وأسرع من سائرها مَعَ حرارة كَانَ أَو مَعَ برودة وداوِ سوء المزاج الرطب فِيهَا بالأطعمة المجففة من غير أَن تسخن وَلَا تبرد تبريداً أَو إسخاناً قَوِيا وتقلل بِالشرابِ وَإِذا كَانَ مَعَ حرارة اسْتعْملت الاشياء القابضة المبردة وينفع أَيْضا شرب المَاء الْبَارِد.
لي كَيفَ وَهَذَا رطب وَأما سوء المزاج الْبَارِد الرطب فأفضل علاجه الْأَشْيَاء الحريفة الحارة واخلط مَعهَا دَائِما أَشْيَاء عفصة بعد أَن لَا تكون مِمَّا يبرد تبريداً ظَاهرا والاقلال من الشَّرَاب أفضل مَا عولجوا بِهِ وأبلغه فيهم وَليكن ذَلِك الشَّرَاب الْقَلِيل شرابًا قوي الإسخان وَسَائِر مَا يعالجون بِهِ من خَارج شَبِيها بِهَذَا التَّدْبِير.
سوء المزاج مَعَ خلط قَالَ: رُبمَا كَانَ فِي تجويف الْمعدة خلط رَدِيء المزاج يحدث لَهَا سوء مزاج وَرُبمَا كَانَ هَذَا الْخَلْط فِي جرمها وَالْمَرَض الأول إِن كَانَ إِنَّمَا يحدث مرّة وَاحِدَة فالقيء يذهب بِهِ فِي أسْرع الْأَوْقَات وَإِن كَانَ يعود فتلطف فِي تعرف الْحَال فِيهِ من أَن يَجِيء لتعالجه بِحَسب ذَلِك فَإِذا وقفت على الْعُضْو الْبَاعِث لتِلْك الفضلة فاقصده وأقصد إِلَى الْمعدة بالتقوية لِئَلَّا
مِثَال قَالَ: أول من رَأَيْت بِهِ هَذِه الْعلَّة رجلا كَانَ يشكو عطشاً شَدِيدا وَيكرهُ شرب الْحَار وَكَانَ يقوم بِمَا أكله بعد أَربع سَاعَات وبدنه يقصف ويبلى وَلَا ينْتَفع بالأطعمة القابضة فَكَانَ الْأَطِبَّاء يأذنون لَهُ بِالْمَاءِ الْبَارِد إِلَى أَن أجهده الْعَطش فأقدم على شرب مَاء بَارِد جدا سكن عَنهُ الْعَطش على الْمَكَان فَكَانَ سَبَب الْبُرْء إِلَّا أَن المَاء الْبَارِد أضرّ بمريئه فَكَانَ يشكو مِنْهُ إِلَى أَن مَاتَ فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يعالج قَلِيلا قيلاً وَلَا يحمل على الْعلَّة دفْعَة.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "أمراض المريء والمعدة 2"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel