بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

أمراض المريء والمعدة 3

وَآخر: لما رَأَيْت عَلَامَات سوء المزاج الْحَار الْيَابِس بِهِ وضعت المروخات على معدته فسكن مَا كَانَ يجده إِلَّا أَنه ضَاقَ نَفسه فَعلمت أَن حجابه يبرد فَقلعت الأضمدة وَجعلت عَلَيْهِ دهناً مسخناً فَعَاد نَفسه إِلَى الْأَمر الطبيعي من سَاعَته فَقطعت عَنهُ الدّهن عِنْد ذَلِك وَكنت أنزل بالأضمدة إِلَى أَسْفَل على مهل وأجعلها بعيدَة من السُّرَّة وَجعلت مَا يَأْكُلهُ بَارِدًا بِالْفِعْلِ برودة فبرئ من غير أَن يَنَالهُ سوء المزاج الْحَار الرطب قَالَ: فَأَقُول: إِن الْمعدة بهَا من سوء مزاج حَار مَعَ حرارة يسيرَة أداوى المخالط للرطوبة بِالْمَاءِ الْبَارِد بِلَا تهيب وَلَا خوف عَاقِبَة لِأَن الْأَعْضَاء الْقَرِيبَة من الْمعدة لَا يضر بهَا المَاء الْبَارِد لِأَنَّهَا معتدلة وَذَلِكَ أَن الْمعدة إِذا كَانَ بهَا سوء مزاج يَابِس فَلَا بُد أَن يقصف ويهزل مَا حواليها من الْأَعْضَاء مَعَ جملَة الْجِسْم وَأما إِذا كَانَت لم تيبس بعد فَإِنَّهُ لم تقصف وَلذَلِك لم يضرّهُ المَاء الْبَارِد فَأَما إِن كَانَ مَعَ الْحَرَارَة يبس فَاسْتعْمل أحر المَاء الْبَارِد فَإِنَّهُ لَا يُؤمن كَمَا أَنه إِذا كَانَ مَعَ رُطُوبَة أَو مَعَ اعْتِدَال بَين الْحَرَارَة والرطوبة لِأَن اليبس لَيْسَ يكون عَنهُ قصف الْأَعْضَاء الَّتِي حول الْمعدة فَإِن كَانَ فِي الْمعدة فِي بعض الْأَحْوَال سوء مزاج حَار يبلغ مِنْهُ إِلَى الْقلب حم صَاحبه وَكَانَ على خطر وَسَنذكر ذَلِك فِي كتاب الحميات.

الحميات الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة لي أما أَنا فسأذكر الحميات ألف ألف الْحَادِثَة عَن ورم الْمعدة هَا هُنَا قَالَ: فَأَما سوء المزاج فَهُوَ أسهل برءاً وأسرع من سائرها مَعَ حرارة كَانَ أَو مَعَ برودة وداوِ سوء المزاج الرطب فِيهَا بالأطعمة المجففة من غير أَن تسخن وَلَا تبرد تبريداً أَو إسخاناً قَوِيا وتقلل بِالشرابِ وَإِذا كَانَ مَعَ حرارة اسْتعْملت الاشياء القابضة المبردة وينفع أَيْضا شرب المَاء الْبَارِد.


لي كَيفَ وَهَذَا رطب وَأما سوء المزاج الْبَارِد الرطب فأفضل علاجه الْأَشْيَاء الحريفة الحارة واخلط مَعهَا دَائِما أَشْيَاء عفصة بعد أَن لَا تكون مِمَّا يبرد تبريداً ظَاهرا والاقلال من الشَّرَاب أفضل مَا عولجوا بِهِ وأبلغه فيهم وَليكن ذَلِك الشَّرَاب الْقَلِيل شرابًا قوي الإسخان وَسَائِر مَا يعالجون بِهِ من خَارج شَبِيها بِهَذَا التَّدْبِير.

سوء المزاج مَعَ خلط قَالَ: رُبمَا كَانَ فِي تجويف الْمعدة خلط رَدِيء المزاج يحدث لَهَا سوء مزاج وَرُبمَا كَانَ هَذَا الْخَلْط فِي جرمها وَالْمَرَض الأول إِن كَانَ إِنَّمَا يحدث مرّة وَاحِدَة فالقيء يذهب بِهِ فِي أسْرع الْأَوْقَات وَإِن كَانَ يعود فتلطف فِي تعرف الْحَال فِيهِ من أَن يَجِيء لتعالجه بِحَسب ذَلِك فَإِذا وقفت على الْعُضْو الْبَاعِث لتِلْك الفضلة فاقصده وأقصد إِلَى الْمعدة بالتقوية لِئَلَّا
3 - (من الثَّامِنَة من حِيلَة الْبُرْء) 3 (إِذا كَانَ فَم الْمعدة ضَعِيفا) فاسحق مصطكى بدهن الناردين واغمس فِيهِ صوفة واسخنه شَدِيدا وَضعه عَلَيْهِ لِأَن الْأَشْيَاء الفاترة تحل وترخى قُوَّة فَم الْمعدة قَالَ: وَيصْلح لَهُم قيروطى يذاب بدهن ناردين ويخلط بِهِ مصطكى وصبر وَيكون الشمع ودهن النارندين بِالسَّوِيَّةِ وَالصَّبْر والمصطكى من كل)
وَاحِد جزؤ وَإِن شِئْت ففصل قَلِيلا وَإِن كَانَ فِي الْمعدة حرقة شَدِيدَة حَتَّى تظن انه هُنَاكَ ورماً حاراً فبالقيروطى الْمُتَّخذ بدهن السفرجل فَإِنَّهُ نَافِع لَهُم وَهَاهُنَا أدوية أخر تصلح تَقْوِيَة الْمعدة وتبردها كالطراثيث والجلنار والثلج والقسب.
من الثَّانِيَة عشر من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: رُبمَا انصبت إِلَى فَم الْمعدة أخلاط حارة تورث غشياً وتشنجاً وَصغر النبض فِيهَا لأفة وَإِذا خشيت ذَلِك فجرعهم ماءاً فاتراً كثيرا وقيئهم ...
فسيتقيئون أخلاطاً حارة لذاعة ويسكن مَا بهم بِسُرْعَة. 3 (الأولى من الْأَعْضَاء الآلمة قَالَ) 3 (من تجشأ جشاء دخانياً منتناً) فَاسْأَلْهُ هَل أكل حلوى قد عملت فِيهَا النَّار أَو بيضًا مطجناً أَو فجلاً فَإِن أقرّ بذلك فَاعْلَم أَنه لَيْسَ ذَلِك لإن فِي معدته حرارة يابسة خَارِجَة عَن الطَّبْع وَإِن كَانَ الجشاء المنتن الدخاني من الْأَطْعِمَة الَّتِي لَا توجب ذَلِك فَإِن فِي ألف ألف معدته حرارة يابسة نارية فَانْظُر إِلَى جرم الْمعدة أذلك لسوء مزاج أم فِيهَا صفراء سائحة أما غائصة فِي طبقاتها وَهل يجْتَمع هَذَا الْخَلْط من الكبد إِلَى الْمعدة لإن الكبد بِحَالِهَا رَدِيئَة أم يَجِيء من جَمِيع الْجِسْم أم يتَوَلَّد فِي فَم الْمعدة.
قَالَ: مَتى تغير الطَّعَام إِلَى الدخانية وَلم يكن من أجل الطَّعَام فَوَاجِب أَن يكون الْفَاعِل لذَلِك سَببا حاراً فَإِن كَانَ إِلَى الحموضة فالسبب بَارِد فَإِن لم يتَبَيَّن بعد هَل ذَلِك الْفساد فِي جرم الْمعدة أم الْخَلْط رَدِيء وَذَلِكَ يعرف بِأَن تطعمه أَطْعِمَة مضادة لنَوْع ذَلِك الْفساد وَذَلِكَ أَنه يطعم من يتَغَيَّر طَعَامه فِي معدته إِلَى الدخانية خبز شعير وَلحم وَمن يتغر طَعَامه إِلَى الحموضة عسلاً وتفقد برازه هَل يخرج مَعَ الأول خلط مراري وَمَعَ الثَّانِي خلط بلغمي أم لَا يخرج مَعَهُمَا خلط الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ إِن كَانَ ذَلِك السوء مزاج فِي الْمعدة حاراً رَأَيْت الْخبز وَاللَّحم يخرجَانِ وَقد تغيرا تغيراً يَسِيرا وَإِن كَانَ ذَلِك الْخَلْط من الأخلاط وجدتهما قد تغيرا كثيرا وخرجا مصبوغين بذلك الْخَلْط وَأَصَح من ذَلِك بالقيء إِن سهل عَلَيْهِ والقيء يسهل إِذا كَانَ الْخَلْط سابحاً فِي تجويف الْمعدة وَإِن كَانَ متشرباً بطبقاتها فَإِنَّهُ يكون غثى ولايكون قيء إِلَّا أَنه إِن كَانَ الْخَلْط مَعَه المداخل لطبقات الْمعدة حاراً كَانَ مَعَ الغثى الْعَطش وَإِن كَانَ بَارِدًا كَانَ مَعَه هيجان الشَّهْوَة وَانْظُر مَعَ ذَلِك فِي الكبد وَالطحَال وَحَال غذَاء العليل مَا كَانَ
وَمَا هُوَ الْآن وَكَيف حَاله فِي هضمه وَخُرُوجه فَإِنَّهُ أَحْرَى أَلا يفوتك شَيْء من المداواة فَإِن كَانَت الْعلَّة سوء مزاج فقد داويته)
بالمزاج المضاد فَإِن انْتفع صَحَّ حدسك قَالَ: وَصَاحب الجشاء الحامض ينْتَفع بجوارش فَلَا فلى إِذا شربه بشراب وَصَاحب الدخاني ينْتَفع بالأفسنتين والأيارج وَإِن كَانَ فِي الْغَائِط قشرة قرحَة وَإِن كَانَ الوجع فَوق حَيْثُ الْمعدة فَإِنَّهُ إِن كَانَ فِي مقدم الْجِسْم فِي المراق فالقرحة فِي الْمعدة وَإِن كَانَ من خلف فَهُوَ فِي المريء وَإِن كَانَ إِذا بلع خردلاً فأوجعه فالقرحة فِي فَم الْمعدة وَإِن كَانَت فِي أَسْفَل الْمعدة وجد لَهُ وجعاً فِي مَمَره فِي الصَّدْر.
لي هَذَا غلط إِن كَانَت القرحة فِي المريء وجد لَهُ لذع سَاعَة يبلع قبل أَن يصل كثيرا إِلَى أَسْفَل وَإِن كَانَ فِي فَم الْمعدة فحين يصل إِلَى قريب من الصَّدْر وَإِن كَانَ فِي الْمعدة فَإِنَّهُ لَا يحس الْبَتَّةَ أَو يحس بعد زمن طَوِيل فَأَما فِي الْمُرُور عِنْد الازدراد فَلَا.
الْمقَالة الثَّالِثَة قَالَ: للمعدة منفذان أَن يقذف فضولها إِلَّا أَنَّهَا إِنَّمَا 3 (الورم فِي الْمعدة) الثَّانِيَة فِي الميامر قَالَ: الورم فِي الْمعدة والكبد يحْتَاج أَن يعالج وَتَكون الْأَدْوِيَة الَّتِي يعالج بهَا أدوية قابضة لإنهما إِن عولجا بعلاجات مرخية لَا يخالطها شَيْء من القابضة كَانَ ذَلِك خطراً والقيروطى الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ جالينوس أبدا يصب على ثَمَانِيَة مَثَاقِيل من شمع أُوقِيَّة من دهن الناردين الْفَائِق وَيسْتَعْمل بعد أَن يلقى عَلَيْهِ صَبر ومصطكى ألف ألف من كل وَاحِد مِثْقَال وَنصف إِذا كَانَت الْمعدة شَدِيدَة الضعْف حَتَّى أَنَّهَا لَا تمسك الطَّعَام وَإِلَّا فمثقال وَمن عصارة الحصرم مِثْقَال وَضعه على الورم الَّذِي فِي الْمعدة فَإِن تطاول هَذَا الورم فعالجه بضماد أكليل الْملك قَالَ: وَأكْثر مَا يعرض الْمَوْت من هَاتين الْمعدة والكبد من اجل الورم فيهمَا.
ارجنجانس: علل الْمعدة فِي الْأَكْثَر من أجل التخم فاجتنبها فَإِن كَانَت من أجل المَاء فبدله وَإِن كَانَت من أجل الْهَوَاء فأصلحه وَإِن كَانَت من أجل كمية الطَّعَام فقللها أَو لسوء كيفيته أَو لطعام لَا عَادَة لَهُ بِهِ فَإِن كَانَ الْإِنْسَان مَعَ اجْتِنَاب هَذِه الْأَشْيَاء لَا ينهضم طَعَامه على مَا يجب فالعلة من ضعف الْمعدة قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فتوق أَسبَاب التُّخمَة كلهَا فَإِن كَانَ السَّبَب ضعف الْمعدة فقوها بالضماد وَاسْتعْمل الصياح وَأما من يتجشأ جشاء حامضاً فاسقه قبل الطَّعَام كزبرة يابسة فَقَط وَلم يكن مَعَه ورم يتبعهُ إبطاء نُفُوذ المبتلع فِي مروره بالمريء كُله بالسواء وَلَا يكون مَعَه وجع وَإِذا اسْتلْقى عسر ذَلِك عَلَيْهِ أَكثر وَإِذا نصب عُنُقه نقص ذَلِك وَسَهل وَلَا يجد مَعَه مس الضّيق.)
قَالَ: إِذا كَانَ المريء إِنَّمَا ضيقه دُخُول الخرز إِلَى دَاخل فَإِنَّهُ لَا يكون مَعَ عسر
الابتلاع وَإِذا كَانَ الورم فَإِنَّهُ يكون مَعَ وجع شَدِيد وَإِذا كَانَ الضعْف مَعَ ورم أَو من الورم فَإِنَّهُ يحدث فِي بعض أَجزَاء المريء ضيقا أَكثر مِمَّا يحدث فِي الْأَجْزَاء وَإِن كَانَ الورم فلغمونيا أَو حمرَة كَانَ مَعَه وجع وعطش وحرارة مَعَ حمى لَيست بالحارة كثيرا وَلَا هِيَ بِقِيَاس مِقْدَار الْعَطش فَإِن كَانَ من الأورام الْغَيْر حارة فَإِن انحدار الأغذية يكون على غير اسْتِوَاء على مَا وصفت لَك إِلَّا أَنه بِلَا حمى وَلَا عَطش وبمقدار حرارة الورم يكون الوجع والحمى وَسُرْعَة النضج فقد رَأَيْته من عرض لَهُ مثل هَذِه الْأَعْرَاض مَعَ وجع يسير ودامت مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ يحم فِي الْوَقْت بعد الْوَقْت حمى يَوْم ويصيبه فِي الآحايين نافض فحدست أَنه قد حدث فِي مريئه خراج عسر النضج فنفث مُدَّة أحس العليل أَن الْخراج قد انفجر وتقيأ قَيْحا عِنْد ذَلِك وتقيأ كَذَلِك فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث وتبعته بعد ذَلِك العلامات الدَّالَّة على القرحة فِي المريء وَذَلِكَ أَنه كلما ابتلع شَيْئا فِيهِ حموضة أَو حرافة أَو ملوحة وَذَلِكَ أَنه كلما ابتلع شَيْئا فِيهِ حموضة أَو حرقة أَو ملوحة أَو قبض أوجعهُ ويتجرع قَلِيلا وَإِن لم يبلغ شَيْئا فَأَما الْأَشْيَاء الحريفة والحامضة فَإِنَّهَا تلذعه جدا وطالت بِهَذَا الرجل علته وَبرئ بعد كد وأعان على خلاصه سنه لِأَن جَمِيع من كَانَ أسن مِنْهُ مِمَّن أَصَابَته هَذِه الْعلَّة مَاتَ وَجَمِيع من أَصَابَته هَذِه الْعلَّة كَانَ يجد مس الوجع فِي الْموضع الَّذِي بَين كَتفيهِ فِي الظّهْر لِأَن المرئ مَمْدُود هُنَاكَ إِلَى جَانب عظم الصلب.
قيء الدَّم قَالَ: قد يتقيأ الْمَرَض الدَّم من انْفِسَاخ الْعُرُوق الَّتِي فِي المريء إِلَّا أَنه مَتى كَانَ قيء الدَّم من المرئ بِسَبَب انْفِسَاخ عرق كَانَ مَعَه وجع يدل على الْموضع الَّذِي انْفَسَخ ذَلِك الْعرق مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِن ألف ألف كَانَ قيء الدَّم من أجل أَكلَة فِي المريء فَأَما إِن كَانَ قيء الدَّم لعروق تنفتح أفواهها فَإِنَّهُ يكون بِلَا وجع وَلَا يكون لَهُ سَبَب باد وَقد تنفتح أَفْوَاه هَذِه الْعُرُوق من امتلاء وَكَثْرَة الطَّعَام وَالْحمام على مَا ذكرنَا فِي الرئة فَأَما قذف الدَّم الْحَادِث عَن التآكل فَإِنَّهُ إِنَّمَا يكون من أجل قرحَة أَو بعقبها والقرحة تحدث عَن سَبَب باد وَقد تحدث عَن خلط حَار ينصب إِلَيْهِ.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "أمراض المريء والمعدة 3"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel