بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

علل الْمعدة

علل الْمعدة

قَالَ: قد يُصِيب بعض النَّاس عَن فَم الْمعدة غشى وتشنج وسبات وصرع ومالنخوليا وخيالات فِي الْعين إِلَّا أَن هَذِه كلهَا هِيَ عوارض تعرض عِنْدَمَا تقبل بمشاركة أَعْضَاء أخر فَأَما الْأَمْرَاض االتي تخص فَم الْمعدة فتعطل الشَّهْوَة وَفَسَاد الطَّعَام الَّذِي شَأْنه أَن تطفو فِي فَم الْمعدة فَإِن الْأَطْعِمَة الَّتِي تصل إِلَى قَعْر الْمعدة وَلَا سِيمَا الْعسرَة الْفساد لَا يعرض لَهَا ذَلِك.

قَالَ: كَانَ رجل إِذا صَامَ اَوْ اهتم أَو غضب صرع فحدست أَن فَم معدته يعْمل أخلاطاً مرارية وَأَنَّهَا شَدِيدَة الْحس فيشركها الدِّمَاغ ويرعش الْجِسْم ويحركه حَرَكَة التشنج فَأَمَرته أَن يستمرئ غذاءه نعما وَيَأْكُل فِي السَّاعَة الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة خبْزًا مُحكم الصَّنْعَة وَيجْعَل أكله إِيَّاه إِن لم يكن بِهِ عَطش وحدة فَإِن عَطش شربه بشراب قَابض ممزوج لإن هَذَا الشَّرَاب

يُقَوي فَم الْمعدة وَلَا يضر بِالرَّأْسِ فَلَمَّا فعل لم يجد من علته شَيْئا فَلَمَّا تحققت ذَلِك كنت أسقيه كل سنة من أيارج الفيقرا مَرَّات كي أنقي معدته من أَمْثَال هَذِه الفضول ولأقويها على أفعالها الخاصية بهَا فبرئ وعاش عشْرين سنة لَا يجد شَيْئا من ذَلِك وَكَانَ مَتى عرض لَهُ شغل عاقه عَن الطَّعَام تشنج تشنجاً يَسِيرا جدا.
وَرَأَيْت آخَرين: يتشنجون تشنج الصرع من أجل فَم الْمعدة إِذا أتخموا تخمة شَدِيدَة وَشَرِبُوا شرابًا صرفا وجامعوا وَأَكْثرُوا مِنْهُ فِي غير وقته.
وَرَأَيْت آخَرين: أَصَابَهُم التشنج من غير أَن يتَقَدَّم لَهُم عَلَامَات التشنج وَلما تقيؤا قيئاً كراثيا وزنجارياً واستراحوا من ساعتهم.
وَآخَرين: تناولوا طَعَاما كثيرا فثقل عَلَيْهِم فَأَصَابَهُمْ سبات لم يَنْقَطِع عَنْهُم حَتَّى تقيوا وَهَذِه الْأَشْيَاء كلهَا عرضت من أجل فَم الْمعدة ومشاركة الدِّمَاغ بعصب كثير جدا فَأَما الغشى الحاد فَإِنَّهُ يعرض مِنْهُ أبدا.

وقوماً آخَرين: إِذا اجْتمعت فِي معدهم أخلاط رَدِيئَة رَأَوْا منامات مضطربة وَرُبمَا عرض لَهُم اخْتِلَاط الذِّهْن من أجل ذَلِك وَأَصْحَاب الْعلَّة الْمُسَمَّاة المراقية إِذا أتخموا كَانَ ذَلِك أَشد عَلَيْهِم وَبطلَان الشَّهْوَة الْبَتَّةَ وفسادها بِهَذِهِ الْأَشْيَاء الرَّديئَة إِنَّمَا تعرض من أجل هَذَا الْعُضْو لِأَنَّهُ آلَة الشَّهْوَة وَكَذَلِكَ الْقَيْء والتهوع والفواق وَأما الأورام والخراجات فتعرفها كتعرف مَا فِي المريء بل هُوَ أبين لفضل حس هَذَا ألف ألف الْعُضْو وَلِأَن الْحس يَقع عَلَيْهِ فِي بعض الْأَوْقَات وَكَذَلِكَ)
نزف الدَّم الْكَائِن مِنْهُ فِي علل الْمعدة قَالَ: أَسْفَل الْمعدة هُوَ الْموضع الَّذِي إِذا فسد فسد الْعُضْو الْبَتَّةَ واستخراج أورامه وَعلله مثل الَّذِي ذَكرْنَاهُ قَالَ: فَأَما نفث الدَّم فَإِنَّهُ رُبمَا جَاءَ إِلَى الْمعدة من الكبد وَالطحَال وَكَذَلِكَ الْمدَّة لي الْفرق بَينهمَا أَن الَّذِي عَن الْمعدة مَعَه وجع وَالَّذِي عَن هَذِه بِلَا وجع ويتقدمه أَيْضا عِلّة هَذِه الْأَعْضَاء وَقد يعرض قيء الدَّم مرَارًا من صِحَة الْقُوَّة من أجل الامتلاء ومراراً كَثِيرَة لِأَن عضوا من الْأَعْضَاء يقطع فَصَارَ فضل غذائه يستفرغ وَمن الِانْتِقَال من الكد إِلَى الرَّاحَة وَزِيَادَة الْغذَاء وَهُوَ فِي الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة بعد قصَّة اغلوقن وَالدَّم الَّذِي تَدْفَعهُ الطبيعة للكثرة دم صَحِيح جيد بِلَا وجع وَأما مَا كَانَ من قرحَة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ مَعَ وجع لي انْظُر أَولا فِي الدَّم هَل الكبد وَالطحَال عليلان أم لَا ثمَّ فتش عَن حَال الْأَعْضَاء شَيْئا فَشَيْئًا وَالتَّدْبِير الْمُتَقَدّم وَالسَّبَب البادي لتقف على ذَلِك بِالْحَقِيقَةِ فَإِن الطحال كثيرا مَا يدْفع دَمًا أسود وَلَيْسَ فِيهِ مَكْرُوه بل ينقى بِهِ بدنه وَكَذَلِكَ قد يكون من الكبد لَكِن إِذا كَانَ مَعَ وجع وَسبب باد علمت من مَوضِع الوجع وَسَائِر العلامات مِمَّا هِيَ الْحَال على الصِّحَّة من جَوَامِع الْأَعْضَاء الألمة: الطَّعَام يفْسد فِي الْمعدة إِمَّا لسوء مزاج فِي الْمعدة وَإِمَّا
لرداءة جَوْهَر الطَّعَام وَإِمَّا لخلط رَدِيء فِي الْمعدة والخلط الرَّدِيء فِي الْمعدة يكون إِمَّا سابحاً وَإِمَّا متداخلاً لجرمها وَإِذا كَانَ سابحاً خرج بالقيء والإسهال مَعَ الطَّعَام الَّذِي يُؤْكَل وَإِذا كَانَ غائصاً هيج التهوع وَلم يتقيأ وَسُوء المزاج الْحَار يتبعهُ جشاء دخاني وسهولة الرِّيق وعطش وَينْتَفع بالأطعمة الْبَارِدَة الْعسرَة الْفساد وَيكون إِمَّا مَعَ خلط وَإِمَّا بِلَا خلط وَإِذا كَانَ مَعَ خلط كَانَ إِمَّا غائصاً وَإِمَّا سابحاً وَقد أعطينا الدَّلِيل والبارد يحدث بالجشاء الحامض فيقل عطشه وَينْتَفع بالأطعمة الحارة والحار يكون إِمَّا مَعَ خلط وَإِمَّا بِلَا خلط والخلط الْحَار إِمَّا أَن يتَوَلَّد فِي الْمعدة وَإِمَّا أَن ينصب إِلَيْهَا من الرَّأْس أَعنِي البلغم وَإِمَّا من الطحال.
فِي القروح: إِذا رَأَيْت عَلَامَات القرحة قد خرجت بالسعال فَإِن رَأَيْت الوجع من قُدَّام فالقرحة فِي الْمعدة وَإِن كَانَ عَالِيا ففى فمها وَإِن كَانَ أَسْفَل فَفِي قعرها وَإِذا كَانَ الوجع من خلف فالقرحة فِي المريء وَاسْتدلَّ على مَكَانَهُ من مَوضِع الوجع.
عَلامَة برد الْمعدة وَإِذا كَانَ الطَّعَام لَا يتَغَيَّر فِي الْمعدة فقد بردت فِي الْغَايَة وَإِن تغير تغيراً ضَعِيفا فقد بردت برودة كَثِيرَة بِحَسب ذَلِك.
وَالدَّم إِذا كَانَ من المريء كَانَ الوجع من خلف ألف ألف من الْكَتف وَإِذا كَانَ من الْمعدة كَانَ الوجع من قُدَّام إِلَّا أَنه إِن كَانَ من فَم الْمعدة كَانَ الوجع أَشد وَأَرْفَع موضعا وبالضد.
الثَّالِثَة من الْعِلَل والأعراض: إِذا كَانَت الْمعدة تحتوي وتنقبض على الطَّعَام التفافاً محكماً لم تعرض قراقر وَلَا نفخ وبمقدار تَقْصِير التفافها عَلَيْهِ تعرض القراقر والنفخ وَإِذا كَانَ الطَّعَام ينزل سَرِيعا فَإِن وَقت انقباضها عَلَيْهِ قَلِيل فضعف التفاف الْمعدة على الطَّعَام تتبعه رداءة الاستمراء قَالَ: وَيتبع سرعَة خُرُوج الطَّعَام رُطُوبَة الثّقل وَقلة نُفُوذ إِلَى الْجِسْم.
لي فَيعرض مِنْهُ الهلاس. قَالَ: وَيتبع فَسَاد الطَّعَام نَتن الرَّائِحَة باضطرار ويتبعه لَا بالاضطرار بل فِي بعض الْحَالَات اللذع والانتفاخ وانقباض الْمعدة على الطَّعَام وَهُوَ من فعل الماسكة.
لي يَنْبَغِي أَن نبتدئ فَنَقُول: فِي قُوَّة قُوَّة كَيفَ يعرض مَا يعرض فِيهَا مِثَال ذَلِك أَن الماسكة إِذا كَانَ فعلهَا على مَا يجب كَانَ احتواء الْمعدة على الطَّعَام معتدلاً فِي كميته وكيفيته أَعنِي بكيفيته جودة الاحتواء والالتفاف أَو ضعفه وأعني بطول كميته طول وَقت الالتفاف أَو قصره ويعرض عَن طول وَقت الالتفاف يبس الثّقل واغتذاء الْجِسْم ويعرض عَن جودة الالتفاف وقوته عدم النفخ ويعرض عَن أضداد هَذِه أضداد هَذِه الْأَغْرَاض وَهَذِه الْقُوَّة إِمَّا أَن تبطل أَو تضعف أَو تقبح فعلهَا مِثَال ذَلِك: عدم الشَّهْوَة أَو ضعف الشَّهْوَة أَو اشتهاء الفحم وَغَيره.
قَالَ: مَتى تناولت الطَّعَام فَلم تَجِد بعده قرقرة وَلَا اختلاطاً وَلَا فواقاً لَكِن يصيبك فِي
معدتك كرب لَا عهد لَك بِمثلِهِ وتحس ثقل الطَّعَام عَلَيْهَا وتشتاق أَن ينزل عَنْك ذَلِك الثّقل سَرِيعا وَإِلَى الجشاء وَيحدث مَعَ ذَلِك فِي بعض الْأَوْقَات ضيق نفس رَدِيء بعسر التفوه بِهِ فَاعْلَم أَن الْمعدة قد انقبضت على الطَّعَام إِلَّا أَنه على جِهَة الارتعاش والشبيه بالنافض فِي جَمِيع الْجِسْم واستعن بالمقالة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة من الْعِلَل والأعراض قَالَ: الْجُوع الطبيعي إِنَّمَا يكون عِنْد مَا ينفذ الْغذَاء فتمتص الْعُرُوق من الْمعدة وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء فيجتذب جرمها فَيكون هَذَا الإحساس بِالْجُوعِ.
لي فَعدم الشَّهْوَة يكون إِمَّا لِأَن حس الْمعدة يبطل أصلا. أَو لِأَن الامتصاص لَا يكون أَو لإن)
الْجِسْم لَا يستفرغ والشهوة الطبيعية تكون لضعف هَذِه الْأَشْيَاء.
قَالَ: والخلط الحامض يحدث فِي الْمعدة لذعاً شَبِيها بلذع الْجُوع وَأما الْخَلْط المر والمالح فيهيجان الْعَطش وَذَلِكَ أَن هذَيْن يجففان الْمعدة والحموضة تبردها وبرودة الْمعدة عون جيد للشهوة لإنه يجْتَمع جرم الْمعدة ويشدها فتقوى على الاجتذاب وَأما الْحَرَارَة فَإِنَّهَا أَهْون الْأَشْيَاء على ذهَاب الشَّهْوَة لِأَنَّهُ يرخى الْأَجْسَام الصلبة ويحللها ويجعلها ضَعِيفَة فِي حدبها وَيحل الرطوبات ويبسطها فِي ألف ألف الْمعدة وَلذَلِك قد يكون الْجُوع المفرط عِنْد خلط حامض جدا فِي الْمعدة كالحال فِي الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة أَو عِنْد تحلل مفرط يتحلله الْجِسْم كالحال فِي الْجُوع البقري.
جَوَامِع الْعِلَل والأمراض الهضم يفْسد من أجل كمية الْغذَاء إِذا كَانَت قَليلَة والمعدة حارة فَإِنَّهَا تصير دخانية وَإِذا كَانَت كَثِيرَة والمعدة بَارِدَة حمضت وَإِمَّا لكيفيتها كالعسل وَنَحْوه فِي الْمعدة الحارة وَاللَّبن وَنَحْوه من الْأَطْعِمَة الْبَارِدَة فِي الْمعدة الْبَارِدَة وَإِمَّا من أجل النّوم فَإِن النّوم إِذا كَانَ أقل مِمَّا يجب والأغذية عسرة الهضم بطيئة لَا تنهضم وبالضد إِذا كَانَت الْأَطْعِمَة سريعة التَّغَيُّر وَالنَّوْم كثير استحالت إِلَى المرار وَمن الْقُوَّة الهاضمة فَإِنَّهَا إِذا كَانَت ضَعِيفَة والأغذية قَوِيَّة فَسدتْ إِلَى الحموضة وَإِن كَانَت قَوِيَّة والأغذية ضَعِيفَة فَسدتْ إِلَى الدخانية وَإِمَّا من أجل الْوَقْت وَذَلِكَ أَنه إِن أَخذ قبل أَن يكون الهضم للطعام الأول فسد إِلَى الحموضة وبالضد وَإِمَّا سوء التَّرْتِيب فَإِن يُؤْخَذ الْعسر الْفساد أَولا كالسفرجل وَيتبع بالمزلقة السريعة النضج والتزول فَيفْسد جوهرها قبل نضج تِلْكَ. 4 (الْبرد) الْبُرُودَة الْكَامِلَة يكون عَنْهَا يبس الطَّعَام بِحَالهِ لَا يتَغَيَّر الْبَتَّةَ وَإِذا كَانَت بَارِدَة لَا فِي الْغَايَة نضج الطَّعَام نضجاماً وَإِذا كَانَت نارية دخنت الطَّعَام وَإِذا كَانَت معتدلة هضمته وَأما الرُّطُوبَة واليبس فَلَيْسَ يُمكن فيهمَا أَن يبطلا الهضم إِذْ الاسْتِسْقَاء يسْبق سوء المزاج الرطب والذبول سيبق سوء المزاج الْيَابِس لَكِن قد يكون مِنْهُمَا ضعف الهضم فَأَما بُطْلَانه فَلَا. 4 (النفخ) النفخة تعرض للمعدة إِذا كَانَ الطَّعَام مولداً للرياح أَو كَانَت الْحَرَارَة متوسطة
والخضخضة والقراقر إِذا شرب على الطَّعَام قَالَ: مَعَ الثّقل وَالرِّيح يحدث فِي الأمعاء قُوَّة للدَّفْع بالضد مثل ايلاوش فَرُبمَا رَجَعَ الزبل إِلَى الْمعدة فهاج عَنهُ كرب واختلال الشَّهْوَة وَالرِّيح إِذا احْتبست وَدفعت إِلَى الْمعدة أهاجت بخاراً إِلَى الرَّأْس.
السَّابِعَة من الميامر: ولقيء الدَّم اسْتَعِنْ بِبَاب نفث الدَّم من الصَّدْر وجلّ أدويته القابضة والمغرية والمخدرة.
مِثَال ذَلِك: خُذ قاقيا وبزر الْورْد وجلناراً وطيناً مَخْتُومًا وصمغاً عَرَبيا وبزر بنج وأفيونا يعجن بعصارة لِسَان الْحمل وبعصارة عصى الرَّاعِي ويسقى بِمَاء وخل وَمَتى كَانَ التجلب كثيرا سقى بِمَاء لِسَان الْحمل 3 (الورم فِي الْمعدة) الثَّانِيَة فِي الميامر قَالَ: الورم فِي الْمعدة والكبد يحْتَاج أَن يعالج وَتَكون الْأَدْوِيَة الَّتِي يعالج بهَا أدوية قابضة لإنهما إِن عولجا بعلاجات مرخية لَا يخالطها شَيْء من القابضة كَانَ ذَلِك خطراً والقيروطى الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ جالينوس أبدا يصب على ثَمَانِيَة مَثَاقِيل من شمع أُوقِيَّة من دهن الناردين الْفَائِق وَيسْتَعْمل بعد أَن يلقى عَلَيْهِ صَبر ومصطكى ألف ألف من كل وَاحِد مِثْقَال وَنصف إِذا كَانَت الْمعدة شَدِيدَة الضعْف حَتَّى أَنَّهَا لَا تمسك الطَّعَام وَإِلَّا فمثقال وَمن عصارة الحصرم مِثْقَال وَضعه على الورم الَّذِي فِي الْمعدة فَإِن تطاول هَذَا الورم فعالجه بضماد أكليل الْملك قَالَ: وَأكْثر مَا يعرض الْمَوْت من هَاتين الْمعدة والكبد من اجل الورم فيهمَا.
ارجنجانس: علل الْمعدة فِي الْأَكْثَر من أجل التخم فاجتنبها فَإِن كَانَت من أجل المَاء فبدله وَإِن كَانَت من أجل الْهَوَاء فأصلحه وَإِن كَانَت من أجل كمية الطَّعَام فقللها أَو لسوء كيفيته أَو لطعام لَا عَادَة لَهُ بِهِ فَإِن كَانَ الْإِنْسَان مَعَ اجْتِنَاب هَذِه الْأَشْيَاء لَا ينهضم طَعَامه على مَا يجب فالعلة من ضعف الْمعدة قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فتوق أَسبَاب التُّخمَة كلهَا فَإِن كَانَ السَّبَب ضعف الْمعدة فقوها بالضماد وَاسْتعْمل الصياح وَأما من يتجشأ جشاء حامضاً فاسقه قبل الطَّعَام كزبرة يابسة قدر مِثْقَال وَقبل عشائه أَيْضا وليشرب بعده شرابًا صرفا، فَإِن عرض فِي وَقت أَلا يستمرىء الْإِنْسَان طَعَامه فَإِن كَانَ مَا يعرض لَهُ من ذَلِك يسير فمره بإطالة النّوم، فَإِن لم يُمكنهُ فليحذر الرياضة والصياح وَالْحمام الْحر، فَإِذا أحس بخف دخل الْحمام وَشرب مَاء فاترا وقيئه مَرَّات حَتَّى ينقى جَمِيع مَا فسد ثمَّ صب على رَأسه دهنا
وكمد بَطْنه وجنبه بخرق مسخنة (سقط: إِلَى سطر 12 من نفس الصفحة الْعلَّة يلْزمهَا)
من جنس المرار حَتَّى أَنه كثيرا مَا يُبرئ مِنْهَا فِي يَوْم والعلل الْحَادِثَة فِي الْمعدة والبطن من أخلاط رَدِيئَة ينْتَفع فِيهَا بالأدوية المتخذة بِالصبرِ فَأَما الْأَشْيَاء القابضة أغذية أَو أدوية فتضرهم مضرَّة عَظِيمَة فَأَما مَتى كَانَت الْمعدة إِنَّمَا تتأذى بكمية هَذِه الرطوبات لَا بكيفيتها ألف ألف حَتَّى أَنه قد حدث فِيهَا كالترهل فَإِن القابضة حِينَئِذٍ من أَنْفَع الْأَشْيَاء لهَذَا الْعُضْو لِأَن الْعُضْو العليل حِينَئِذٍ يكون مسترخياً كالمفاصل المسترخية الَّتِي إِنَّمَا يصلحها ويردها إِلَى حَالهَا الْأَدْوِيَة القابضة قَالَ: وَقد يكون تقلب النَّفس من مزاج رَدِيء فِي الْمعدة مَعَ خلط أَو تغير خلط وَمن استنقاع فَم الْمعدة برطوبة وَإِن كَانَت جَيِّدَة الْكَيْفِيَّة فَإِنَّهَا عِنْد ذَلِك تسترخي وَعند ذَلِك تحْتَاج إِلَى ادوية تجفف إِلَّا أَنه إِذا كَانَت هَذِه الرُّطُوبَة قد وصلت إِلَى عمق الْعُضْو واحتاجت إِلَى أدوية لَطِيفَة غواصة كالخل والأفاوية فَإِن لم تكن هَذِه الرُّطُوبَة غَلِيظَة وَلَا غائصة فالأفاوية القابضة تبرئها وَمن علل فَم الْمعدة الغثى وعلاجه فِي بَاب الهيضة قَالَ: إِذا كَانَت الْمعدة عِنْد أكل الطَّعَام يهيج فِيهَا غثى حَتَّى تقذف الطَّعَام فَهِيَ فِي غَايَة الضعْف أَشد ضعفها فِي أَعْلَاهَا وَإِذا كَانَ مَعَ التقلب وَثقل الطَّعَام عَلَيْهَا ينزل الطَّعَام وَيخرج بالبراز فأسفلها هُوَ الأضعف.
لي جملَة ذَلِك أَن الْمعدة الَّتِي يكربها ويؤذيها الطَّعَام إكراباً وأذى شَدِيدا ضَعِيفَة جدا وتضطر لذَلِك دفْعَة لِأَنَّهَا لَا تحمله فَإلَى أَي نَاحيَة دَفعته فَتلك النَّاحِيَة لضعف الناحيتين. (سقط: إِلَى آخر الصفحة)
(سقط: الصغحة كَامِلَة)
الْمقَالة الثَّانِيَة لون من بِهِ وجع فِي معدته لَا يخفى على الحاذق كَمَا لَا يخفى عَلَيْهِ لون من كبده عليلة.
الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: مَتى كَانَ ضعف فِي فَم الْمعدة واسترخاء لبث مَا يُؤْكَل طافياً فِيهَا مُدَّة طَوِيلَة وَفَسَد الهضم فَإِذا قوى بِبَعْض الْأَطْعِمَة الْمُوَافقَة لَهُ دفع الْغذَاء حِينَئِذٍ
إِلَى قَعْره وَاسْتقر فِيهِ فنضج وَخرج بالبراز كَمَا أَن الَّذِي يبْقى طافياً لَا ينهضم وَلَا ينضج وَلَا يخرج بالبراز قَالَ: وَأكْثر فعل فَم الْمعدة إِنَّمَا هُوَ الشَّهْوَة لِأَن الهضم وَمَا كَانَ من الْأَطْعِمَة قَابِضا يُقَوي فَم)
الْمعدة.
لي فِي خلال كَلَام جالينوس أَنه يَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل التقوية لفم الْمعدة فِي الأصحاء بالقابضة وَفِي المحمومين لَا لِأَن ذَلِك يجفف فَم معدهم بِأَكْثَرَ مِمَّا يحتملونه بل إِن عولج بهَا قلل مِنْهَا.
الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: جَمِيع الْأَدْوِيَة المسهلة والأشياء الشِّيعَة الكريهة رَدِيئَة لفم الْمعدة وَجَمِيع الْأَشْيَاء العطرية والغذائية المستلذة جَيِّدَة لَهَا قَالَ: الَّذين تنصب المرار إِلَى معدهم يلذع فمها وَيفْسد طعامهم ويؤذيهم ويقومون للبراز مرَّتَيْنِ أَو أَكثر فَأَما الَّذين تنصب المرار إِلَى أمعائهم فَإِنَّهُم يقومُونَ مَرَّات لِأَن المرار يحث الثفل على الانحدار يَعْنِي فِي المخربين من المرار قَالَ: الْمعدة إِذا كَانَت عَظِيمَة بالطبع وامتلأت من الْغذَاء لَزِمت الأحشاء وامسكتها فَإِذا خلت تقبضت وَتركت الأحشاء تضطرب فيحس أَصْحَابهَا كَأَن أحشائهم تعلق وَالَّذين يعرض لَهُم فَسَاد ولذع فِي الْمعدة لَيْسَ هم مراريون بالطبع فَيكون إِذا كَانَ المجرى الَّذِي يصب الْمرة من الكبد إِلَى المعي الْمَعْرُوف بالأثني عشر إصبعاً يصب إِلَى الْمعدة فَإِن هَؤُلَاءِ تطفو الْمرة أبدا فِي أَفْوَاه معدهم وَأما فِي غَيرهم فَإِنَّهُ ينحدر دَائِما مَعَ البرَاز وَلذَلِك يقوم هَؤُلَاءِ إِلَى البرَاز أَكثر لِأَن البرَاز يحث الأمعاء وَالَّذين ينصب المرار مِنْهُم ألف ألف إِلَى معدهم فَرُبمَا لم يقومُوا فِي الْيَوْم الْبَتَّةَ.
السَّابِعَة من الْفُصُول إِذا كَانَ فِي الْمعدة وجع. . فأدمن جودة التَّدْبِير فَإِن ذَلِك لورم فِي الْمعدة. أبقراط: إِذا حدث مَعَ الوجع المزمن فِيمَا يَلِي الْمعدة تقيح فَلذَلِك رَدِيء برد الْأَطْرَاف عَن وجع شَدِيد فِيمَا يَلِي الْمعدة رَدِيء لِأَن ذَلِك يدل على ورم حَار عَظِيم أَو وجع شَدِيد فيمايلي هَذِه الْمَوَاضِع قَالَ: السَّوْدَاء إِذا كَانَت فِي آلَات الهضم أضعفت الهضم وَحدثت لذَلِك تخم وَأما الصَّفْرَاء فتفعل ضد ذَلِك إِلَّا أَن الَّذِي يستمرئ من أجل الصَّفْرَاء يحدث لَهُ كالاحتراق.

الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "علل الْمعدة"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel