بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

أَصْنَاف السلّ

 أَصْنَاف السلّ

الأولى من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: أَصْنَاف السلّ ثَلَاثَة: إِمَّا نزلة تنحدر من الرَّأْس وَإِمَّا الْعلَّة بعد النفث وَإِمَّا لقبُول إِلَى الرئة فضل عُضْو مِمَّا يُوشك بهَا ويعفن ويتقرح قَالَ: والأبدان المستعدة للسلّ من نفث الدَّم هِيَ الَّتِي تسرع الامتلاء فِيهَا إِلَى الرَّأْس بحرارة وينحدر نوازلها إِلَى الصَّدْر قَالَ: الحميات الَّتِي تكون مَعَ السلّ حميات الدق وَهِي غير مُفَارقَة الْبَتَّةَ والنائبة فِي كل يَوْم الدقيقة مَعَ ذَلِك قَالَ: السلّ لَا يكَاد ينضج النفث فِيهِ ويعسر ارتفاعه ونفثه وَإِن نفث مِنْهُ شَيْء كَانَ قَلِيلا زنخاً سريع الْإِتْلَاف خبيثاً وَالَّذِي يسْرع النضج ويسهل النفث فِيهِ أطول مُدَّة.

الْمقَالة السَّادِسَة قَالَ: البزاق المستدير بِلَا حمى يدل على الذبول وَقد رَأَيْت خلقا نفثوا هَذَا النفث فذابت أبدانهم على طول الْمدَّة وماتوا كموت أَصْحَاب السلّ قَالَ: يَنْبَغِي أَن تكون للَّذين بهم مُدَّة فِي الصَّدْر فِي ابْتِدَاء الْعلَّة قبل أَن تتأكّل الرئة قَالَ: وَأمر القدماء من بِهِ قرحَة فِي رئته أَن يستنشق هَوَاء حاراً كثيرا مرّة ابْتِدَاء مَرضه إِمَّا كثيرا فلينق القرحة وَإِمَّا حارة فليجففها وَأما فِي ابْتِدَاء الْعلَّة فَقبل أَن يعظم ويترهل.


من كتاب روفس: فِي شرب اللَّبن قَالَ: لبن النِّسَاء إِذا رضعوه سهلوا سَرِيعا وبرئت قروحهم فِي المّدة الَّتِي فِي الصَّدْر قَالَ: يحدث من دبيلة نَضِجَتْ وانفرغت فِي الصَّدْر إِمَّا لذات الْجنب أَو لغيره ويعرض فِي أول أمرهَا أَعنِي حِين يخرج الْخراج ثقل فِي الصَّدْر وتمدد ثمَّ تهيج حميات دقيقة وسعال يَابِس كَمَا يكون فِي ابْتِدَاء ذَات الْجنب فَإِذا كَانَ الْخراج مِمَّا ينضج وينضج فَإِنَّهُ مِمَّا ينفتق بِسَبَب الْمدَّة فَيحدث نافض شَدِيد ويحمر فِي غّدة بِجهْد الْمَكَان ويهيج السعال ويسخن الْأَصَابِع وخاصة بَاطِن الأَصْل وَإِن كَانَ الْمدَّة قَليلَة فَرُبمَا نقيت بالنفث وَإِن كَانَت كَثِيرَة آل إِلَى السلّ وَرُبمَا انْدفع فِي مجاري الْبَوْل وَالْبرَاز من غير أَن يهتك دم فر عَمَّا يكون بطرق خُفْيَة للطبيعة ويفرّق بَين الْمدَّة والبلغم من الرَّائِحَة على النَّار لِأَنَّهُ منتن وَإنَّهُ يذيب فِي المَاء والبلغم يطفو وَيعلم فِي أَي جَانب هِيَ الْمدَّة ينوّم العليل على جنبه مرّة بعد مرّة ألف ألف فَأَي جَانب مَال عَلَيْهِ فَلم يحس فِي الْأَعْلَى بثقل مُعَلّق وَلَيْسَت فِيهِ مُدَّة وَيَجِيء أَيْضا صَوتهَا إِذا قلبت الْعِلَل فِي الْخراج الَّذِي يُرِيد أَن ينضج وتنفتق وَهُوَ الدُّبَيْلَة فِي الصَّدْر والبطن قَالَ: أكب عَلَيْهِ بالأضمدة واسق مَاء الشّعير أَو مَاء اللَّبن فَإِذا أردْت أَن تتقيح وَعلمت أَن النضج قد كَانَ وعلامته سُكُون الْحمى فَاسق طبيخ الفراسيون والحاشا والتين وَالْعَسَل فيعين على سرعَة قيحها أكل السّمك) المالح وَشرب القوقايا عِنْد النّوم أَو يتَّخذ بالزوفا والحاشا وَالَّتِي فِي قمع يدْخلهُ فِيهِ والقيء يُعينهُ إلاّ أَنه يخَاف أَن يحدث فتقاً عَظِيما جدا ينصبّ المّدة صرفة ويخنق فِيهِ خطر فَإِذا انفتقت الْمدَّة فَانْظُر فَإِن حدست أَنَّهَا قَليلَة وَيُمكن أَن ينقى بالنفث فأعن الطبيعة بِمَا يسهل ذَلِك بِمَاء الْعَسَل والايرسا والحاشا والزوفا وَاجعَل الأغذية ملينة مسهلة فَإِن نفثت فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وإلاّ صَار سلاّ وَإِن حدست أَنَّهَا صعبة جذب الْقَيْح من الصَّدْر بجاذبة الْقَيْح كَثِيرَة لَا يُمكن أَن ينقى بالنفث فَيَنْبَغِي أَن يحمى مكوي رَقِيق وينفث بِهِ الصَّدْر وتنشف الْمدَّة بجاذبة الْقَيْح قَلِيلا قَلِيلا ويغسله بِمَاء الْعَسَل ويجذبه ثمَّ يقبل على الْموضع حَتَّى يلحمه.
ابْن سرابيون قَالَ: ذَات الرئة فلغموني تحدث فِي الرئة وَيكون فِي الْأَكْثَر بعقب الزُّكَام أَو الخوانيق أَو الربو وَذَات الْجنب أَو بعض النَّوَازِل من الرَّأْس الحادة الحريفة إِذا اندفعت الفضلة إِلَى الرئة فَلم يكنها دَفعهَا عَن نَفسهَا وَقد يحدث فِي بعض الْأَوْقَات ابْتِدَاء فِي الرئة وَيكون مَعَ هَذَا الوجع ضيق النَّفس وَحمى حادة وَثقل وتمدد فِي الصَّدْر وامتلاء وتحمر وانتفاخ وَحُمرَة الْوَجْه وخاصة فِي الوجنتين لما يصعد إِلَيْهَا من البخارات الحادة قَالَ: وَإِن كَانَ ذَات الرئة بعقب بعض الْأَمْرَاض الَّتِي ذكرت وَكَانُوا قد فصدوا فِي تِلْكَ الْعلَّة فَلَا تفصدهم وخلّ بعد ذَلِك الْبَطن ثمَّ اِسْقِهِمْ مَاء الشّعير بدهن اللوز الحلو والفانيذ فَإِذا سكن الوجع والحرارة فَاسْتعْمل الأحساء المتخذة من الشّعير مَعَ دهن اللوز وَالْعَسَل فَإِذا بَدَأَ النفث فاسقهم طبيخ الزوفا والايرسا ومرخ الصَّدْر مَا دَامَت حرارة بالتقيح والشمع الْأَبْيَض ولعاب بزر قطونا فَإِذا طفيت الْحَرَارَة فبالسمن والمخاخ لي بِمَا رَأَيْت لأبقراط فِي الْفُصُول: الِاخْتِلَاط رُبمَا يحدث للمسلول إِذا ضعفت حرارته الغريزية وكادت تطفأ ثمَّ تكون هُوَ نَفسه زَائِدا فِي ذَلِك عَادَته الزِّيَادَة قَالَ ج: أَصْحَاب ذَات الرئة يتنفسون نفسا عَظِيما متوالياً جدا جدا.
الرَّابِعَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: لَا يحدث فِي الرئة عَن الخراجات الوجع لَكِن الثّقل وَقد يكون فِيهَا كَثِيرَة تمدد يبلغ إِلَى القص وَإِلَى عظم ألف ألف الصلب لِأَن الْأَشْبَه المحيطة بهَا مربوطة بهَا وَيتبع الفلغموني فِيهِ نفس ضيق وَثقل كثير وَحُمرَة الوجنات وَحمى وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فِيهَا حمرَة إِلَّا أَنه إِذا كَانَ التلهب لَا يُطَاق والعليل مَدْخُول فالورم حمرَة.
لي وَأما إِن كَانَ التلهب قَلِيلا والحمى سَاكِنة والثقل شَدِيد فالورم بلغمي وَأما سوء المزاج فِي الرئة بِلَا مَادَّة فَإِن كَانَ مِنْهُ غير متساو ويجتذب سعالاً وَمَا كَانَ مِنْهُ مُتَسَاوِيا فَإِنَّهُ إِن كَانَ يَسِيرا)
غير المتنفس وَإِن كَانَ قَوِيا وَكَانَ حاراً أحدث شَهْوَة لتنشق الْهَوَاء الْبَارِد وَشرب الْبَارِد وَإِذا طَال الْأَمر بِهِ تتبعه حميات فَأَما الْبَارِد فيتبعه أَسبَاب خلاف هَذِه أَعنِي حسب استنشاق الْهَوَاء الْحَار وَشرب الْحَار مَا دَامَ يَسِيرا فَإِذا يزِيد امتلئت الرئة مواداً.
لي يتبعهُ الربو وَقد صَحَّ هَهُنَا علاج الربو الَّذِي لَا حمى مَعَه.
الثَّانِيَة من تَفْسِير السَّادِسَة من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: النفث المستدير يؤول الْحَال بِصَاحِبِهِ على الأولى من تَفْسِير الأولى قَالَ: النزلة الدائمة الَّتِي تنحدر من الرَّأْس فَيحدث على أَصْحَابهَا السعال والبحوحة ويتمادى ذَلِك وَيطول وَلَا يسكن يحدث عَلَيْهِم السل وَأعظم أَصْنَاف السلّ صنفان: أَحدهمَا الْكَائِن فِي النزلة الْمُتَوَاتر من الرَّأْس وَالْآخر من الْآفَات الْحَادِثَة فِي نفس الرئة وَأكْثر مَا يكون ذَلِك من نفث الدَّم وخاصة إِذا كَانَ من الصداع عروق أَصْنَاف السلّ ثَلَاثَة إِمَّا لما ينزل من الرَّأْس وَإِمَّا لما ينصبّ إِلَى الرئة من عُضْو مّا وإمّا أَن يحدث فِي الرئة ابْتِدَاء كنفث الدَّم من الرئة وَالَّذِي يصير إِلَى الرئة أَكْثَره من الصَّدْر والحجاب وَقد يصير إِلَيْهِ من الكبد والمعدة.
لي على مَا رَأَيْت فِي الميامير: من السعال نوع يكون من خشونة قَصَبَة الرئة وسقاؤه بالأدوية المملسة كعقيد الْعِنَب والنشا وَالْبيض والكثيراء.
السَّابِعَة من الميامر: دَوَاء جيد للسعال الرطب خَاصَّة شب سِتَّة أفيون أَرْبَعَة بارزد سِتَّة ميعة أَرْبَعَة يسقى بندقة.
لي قد يكون الصَّدْر والرئة رطبا وَلَا شَيْء أَنْفَع فِيهِ من الزاج يسقى دِرْهَم وَنصف وَهُوَ عِنْدِي ليجفف قرحَة السلّ عَجِيب وَهَذَا الْحبّ كَذَلِك.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to " أَصْنَاف السلّ "

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel