بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

روفس فِي كِتَابه فِي ذَات الْجنب

روفس فِي كِتَابه فِي ذَات الْجنب: إِنَّه ورم فِي العضلة الَّتِي فَوق الأضلاع وَهِي كَثِيرَة العصب وَمن أجل ذَلِك كثر وَجَعه وَرُبمَا أَخذ إِلَى أضلاع الْخلف ويعرض مِنْهَا سلْعَة يابسة وَرُبمَا كَانَ فِي الندرة فِي أول الْأَمر رطبَة وَحمى دائمة وتشتد بِاللَّيْلِ وضيق النَّفس ويضطجع على الْجَانِب الوجع وَلَا يكَاد يتَحَوَّل إِلَى الآخر وَأكْثر مَا يعرض فِي الْجَانِب الْأَيْسَر وَقل مَا يعرض فِي الْأَيْمن وَإِن قذف بالنفث أصفر فَهُوَ رَدِيء والأحمر وأبيض سُلَيْمَان وأردأ من الْأَصْفَر الْأسود فَإِن لم يقذف شَيْئا وَلم تسكن الْحمى وَكَانَ ضيق النَّفس شَدِيدا جدا ويغطّ غطيطاً عَالِيا مَعَ حمى لهبة قَوِيَّة هلك سَرِيعا وَإِن حدث النفث فِي أول مَرضه أسْرع بحرانه وَبِالْعَكْسِ وَأكْثر مَا يعرض فِي الخريف والشتاء وقلّ مَا يعرض فِي الصَّيف وَلَا تعرض للشتاء وخاصة إِذا صَحَّ طمثها وعَلى مَا يَنْبَغِي وَأكْثر مَا يعرض مَعَ هبوب الشَّمَائِل الدائمة وقلّ مَا يعرض مَعَ هبوب الْجنُوب فَمَتَى انفجر سكنت الأوجاع وأجود حالاته أَن يسهل نفثه ويخف عَلَيْهِ مَا بِهِ ويستريح بِهِ وَإِذا عرض للحوامل كَانَ مهْلكا بِسُرْعَة وَقد يعرض من شرب الشَّرَاب الصّرْف وَمن الْقَيْء أَيْضا ولاسيما إِذا كَانَ على السكر من كَثْرَة التخم ويعرض فِيهَا برد الْأَطْرَاف وتعرق صُدُورهمْ ورقابهم ولاسيما إِذا نَامُوا وتشتد حماهم أَنْصَاف النَّهَار وَمن كَانَت أعراضه أقوى كَانَ أسْرع بحراناً.

من كتاب العلامات الْمَنْسُوب إِلَى ج قَالَ: يكون مَعَ ذَات الْجنب وجع شَدِيد يَأْخُذ الترقوة أجمع والكتف وحماه حادة وضيق نفس وسعلة يابسة أول ذَلِك ثمَّ ينفث نفثاً زبدياً ثمَّ يقذف قذفا دموياً ويضطجع على جَانب وَجَعه ويسهر وييبس لِسَانه ويخشن فَإِذا هدئت هَذِه الْأَعْرَاض وَبَردت أَطْرَافه واستطلق بَطْنه واحمرت وجنتاه وَعَيناهُ وَصَارَت مجسته كثيفة سريعة وَنَفسه الْأَعْضَاء الألمة: صَاحب ذَات الْجنب يعرض لَهُ ضيق النَّفس وعسره وسعال ووجع ناخس لِأَن الْعُضْو العليل غشائي وعسر النَّفس والسعال لِأَنَّهُ فِي أحد آلَات النَّفس والنبض يكون منشارياً لِأَن الْعلَّة فِي عُضْو صلب وَلِأَن الْعلَّة ورم بعضه نضيج وَبَعضه غير نضيج وَلذَلِك صَارَت أَجزَاء الشريان فِيهِ مُخْتَلفَة النبض وَمَعَهُ حمى حادة لقرب الْعُضْو الَّذِي فِيهِ ورم من الْقلب.


ذَات الْجنب تنفصل من ذَات الرئة إِن الوجع فِي ذَات الْجنب ناخس لِأَنَّهُ فِي غشاء وَفِي ذَات)

الرئة ثقيل لِأَنَّهُ فِي عُضْو غير حسّاس والنبض فِي ذَات الرئة لَيْسَ موجي وَفِي ذَات الْجنب صلب منشاري لِأَن الْعلَّة فِي غشاء صلب يَابِس الْمَادَّة الَّتِي تنصبّ إِلَى الْعُضْو فِي ذَات الْجنب وَذَات ألف ألف الرئة إِن كَانَ دَمًا كَانَ النفث أَحْمَر وَإِن كَانَ بلغماً كَانَ أَبيض وَإِن كَانَ صفراء كَانَ النفث أصفر وَإِن كَانَ سَوْدَاء فأسود والمادة الَّتِي يحدث عَنْهَا الورم الحاد فِي

ذَات الْجنب على الْأَكْثَر هُوَ من جنس المرار وَذَلِكَ لِأَن الغشاء بِسَبَب كثافته لَا يقبل إِلَّا مَادَّة لَطِيفَة فِي أَكثر الْأَحْوَال والمادة الَّتِي عَنْهَا يحدث الورم فِي الرئة فَهِيَ فِي أَكثر الْأَمر من جنس البلغم وَإِذا كَانَت الرئة من أجل تخلخلها فِي نَفسهَا لَا تقبل فِي الْأَكْثَر إِلَّا مَادَّة غَلِيظَة لِأَن الْمَادَّة اللطيفة لَا يُمكن أَن يحتبس فِيهَا لِأَنَّهَا تجْرِي وتنحلّ مِنْهَا سَرِيعا وَمَا يفرق بَينه وَبَين ذَات الْجنب ووجع الكبد فِي بَاب الكبد قَالَ: إِذا كَانَ الورم فِي ذَات الْجنب فِي الْأَجْزَاء الْعَالِيَة من الغشاء المستبطن للأضلاع ووجع الْجنب أَرْبَعَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يتورم الغشاء المستبطن للأضلاع وَيُقَال لهَذِهِ الْعلَّة ذَات الْجنب وَتلْزَمهُ الْأَعْرَاض وَهِي الْحمى الحادة والوجع الناخس والنبض المنشاري الصلب والسعال بِلَا نفث أوّلاً ويتورم العضل الدَّاخِل وَيكون مَعَه وجع عِنْد دُخُول النَّفس فَيدل على تورم العضل الْخَارِج الَّذِي ينبسط الصَّدْر وَإِمَّا عِنْد خُرُوجه فَيدل على تروم العضل الَّذِي يقبض الصَّدْر وَإِمَّا أَن يتورم الْجلد مَعَ العضل الظَّاهِر وَهُوَ يعرف باللمس إِذا حدث فِي الغشاء المستبطن للأضلاع ورم فَإِن كَانَ نفث اسْتدلَّ بلونه على الْخَلْط الْفَاعِل فَإِن لم يكن مَعَه نفث كَانَ الْمَرَض أَعنِي ذَات الْجنب لَا نفث مَعَه فَفرق بَين الورم الدَّاخِل وَالْخَارِج أَن ضيق النَّفس والحمى والوجع فِي الدَّاخِل أَشد وَالْخَارِج أَيْضا رَأس يلمس خَارِجا.
قَالَ فِي أَصْنَاف الحميات: إِنَّه ينفث مَعَه شَيْء رُبمَا كَانَ أصفر أَو أَبيض أَو أَحْمَر أَو أسود فَهَذَا إِنَّمَا هُوَ صديد الْموضع الوارم الَّذِي لَا يضبطه الْموضع لَكِن يرشح وَيخرج هَذَا قَالَ: وَالْأسود لَا يكون من أوّل الْأَمر لَكِن بعد أَن يقذف قبله فِي أَكثر الْأَمر شَيْء أصفر قَالَ: وحميات ذَات الْجنب إِذا كَانَ النفث أَحْمَر غيّبه الدّور وَمَتى كَانَ الأرق واختلاط الذِّهْن وَذَهَاب الشَّهْوَة وَشدَّة الْعَطش فِي ذَات الْجنب أعظم فَهِيَ أعظم السهر واختلاط الذِّهْن يحدث فِي آخر الْأَمر فِي ذَات الْجنب لَيْسَ دَائِما جودة التنفس وَظُهُور النضج عَلامَة جَيِّدَة فِي ذَات الْجنب وبالضد النفث الصَّحِيح يدل على النضج والنفث الْأَبْيَض اللزج وَالَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَالَّذِي يخالط الدَّم يدل على عظم النضج والبصاق المشبع الْحمرَة والمشبع الصُّفْرَة والناري يدل على الْخطر)
والنفث الْأسود إِذا كَانَ مَعَه نَتن فَهُوَ أقوى الدّلَالَة على الهلكة وَإِذا لم يكن مَعَه نَتن فَهُوَ أقل رداءة وعسر النَّفس عَلامَة رَدِيئَة وَكَذَلِكَ شدَّة الوجع وبالضد النفث الْغَيْر نضيج فَإِنَّهُ إِذا كَانَ أَحْمَر ناصعاً والناري فَهُوَ فِي الْغَايَة من الشَّرّ إِذا كَانَ مَا يخرج بالنفث يَسِيرا نضيجاً فَإِنَّهُ إِذا كَانَت أَعْرَاض الْمَرَض قَائِمَة ألف ألف بعد يدل على تزيد الْمَرَض وَإِن كَانَت سكنت تدل على انحطاط أَحْوَال النفث
فِي أَصْحَاب أوجاع آلَات التنفس وَذَات الْجنب خَاصَّة كالبول فِي المحمومين فَمَتَى لم يصعد فِي علل ذَات الْجنب وَذَات الرئة شَيْء ينفث فَذَلِك نَظِير الْبَوْل المائي فِي المحمومين وَمَتى صعد لكنه رَقِيق غير نضيج فَهُوَ نَظِير الْبَوْل المائي فِي المحمومين الَّذِي يبال ثخيناً وَيبقى على حَاله وَمَتى نفث بزاقاً أَبيض نضيجاً لكنه يسير غير مُتَّصِل فَإِن الْمَرَض قد تجَاوز حد الِابْتِدَاء وَأخذ فِي التزيد وَهُوَ نَظِير للبول الَّذِي فِيهِ غمامة مراء أَو تعلق أَحْمَر أَو رسوب أَحْمَر وَمَتى كَانَ النفث أَبيض نضيجاً كثيرا مُتَّصِلا سهل الصعُود فَإِن التزيد قد انْقَضى والمنتهى قد حضر وَهُوَ نَظِير الْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب أَبيض أملس مستوياً وَإِمَّا أَن لَا ينفث الْمَرِيض شَيْئا أَو ينفث غير نضيج رَقِيق فَإِنَّهُمَا يدلان على أَن الْمَرَض فِي ابْتِدَائه.
أزمان الْأَمْرَاض من دَلَائِل عظم الْمَرَض فِي ذَات الْجنب وَذَات الرئة البصاق الْأسود والشديد الْحمرَة والزبدي والشديد النتن والعسر النفث مَعَ وجع شَدِيد وَسُوء تنفس.
الْيَهُودِيّ قَالَ: هُوَ فِي الشُّيُوخ قَاتل وانقضاءه يكون على مِقْدَار تقدم النفث وتأخره والفصد يجب أَن يكون فِي أَوَائِله وَأصْلح شَيْء لَهُ مَاء الشّعير قد جعل فِيهِ شَيْء من أصُول السوس وحبات عناب وسكر طبرزد ودهن لوز حُلْو وَالطَّعَام سرمق ومرق الماش وصفرة بَيْضَة نيمرشت ويلين الْبَطن ويخبص الْجنب بدقيق شعير وبنفسج وبابونج وخطمى وَنَحْوهمَا مِمَّا يسكن الوجع مَعَ تطفئة. ج فِي رسم الطِّبّ بالتجارب قَالَ: الْحمى حادة مَعَ سوء التنفس والسعال والبصاق الملون يعمّ ذَات الرئة وَذَات الْجنب فَإِن انضمّ إِلَى هَذِه وجع ناخس فِي الْجنب وصلابة النبض مَعَ تواتره فَإِنَّهَا ذَات الْجنب فَإِن انضمّ إِلَيْهَا أَن لَا يكون النبض صلباً وأحسّ كَأَنَّهُ يختنق فَإِنَّهُ ذَات الرئة.
من عَلَامَات الْمَوْت السَّرِيع: من نفث الدَّم مَعَ وجع الْجنب إِن لم يبرؤا فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا احتقنت فِي رئاتهم مُدَّة وماتوا بالسل الَّذين بهم ورم فَوق الْحجاب فيختفي بَغْتَة بِلَا سَبَب مَعْرُوف فَإِنَّهُ يتَحَوَّل إِلَى رئاتهم وهم يموتون قبل السَّابِع أَو بعده إِذا عرض من استطلاق الْبَطن)
مَعَ ذَات الْجنب وَذَات الرئة فَذَلِك شَرّ لِأَنَّهُ يدل على موت الْقُوَّة الطبيعية إِذا عرض الكزاز مَعَ من عَلَامَات الْمَوْت السَّرِيع: إِن نفث امْرُؤ دَمًا وأدمن بِهِ ثمَّ صَار ذَلِك مُدَّة وانطقع بَغْتَة مَاتَ بَغْتَة عَلَامَات الْوُثُوب والاستواء جَالِسا يدل على ورم فِي الْحجاب أَو فِي الرئة أَو عضلات الأضلاع.
إفيذيميا ألف ألف قَالَ: رَأَيْت مَرَّات من بِهِ مُدَّة فِيمَا بَين الرئة فبالوها وَآخَرُونَ مشوهاً فنقوا بذلك فَيَنْبَغِي أَن تعلم أَن خُرُوج هَذِه من عُضْو إِلَى عُضْو وانتقال الأخلاط لَا يكون بالأعضاء المجوفة فَقَط لَكِن بِجَمِيعِ أَعْضَاء الْبدن وَحَتَّى بالعظام والأوتار قد يحدث من
عظم الطحال بالورم الْعَظِيم جدا وجع حَتَّى يبلغ إِلَى الترقوة الْيُسْرَى والمنكب فَلذَلِك يجب أَن يبْحَث على ذَلِك لِئَلَّا يَقع غلط.
من كتاب العلامات قَالَ: تعرض حمى حادة ووجع شَدِيد دَائِم يَأْخُذ من الْجنب إِلَى الترقوة والكتف بنخس شَدِيد وضيق نفس وسعال يَابِس فِي أول الْأَمر ثمَّ أَنه بعد ذَلِك ينفث بصاقاً زبدياً ثمَّ يقذف بعد ذَلِك بصاقاً دموياً أَو مرياً وينام أبدا على الْجَانِب الوجع ويعرض لَهُم سهر ويبس فِي اللِّسَان وخشونة فِيهِ فَإِذا ازدادت أعراضه وانتهت بردت الْأَطْرَاف فاحمرت الوجنتان والعينان واستطلق الْبَطن وخفيت المجسة وأسرعت وَكَذَلِكَ النَّفس ويعرق عرقاً مُنْقَطِعًا وَقد يعسر عَلَيْهِ النفث وَرُبمَا سهل وَرُبمَا كَانَ أسود وأحمر وأصفر وَيُشبه الوردي أَو أَخْضَر وَرُبمَا كَانَ منتناً والمجسة مُخْتَلفَة ووجع الْأَيْمن أَشد من الْأَيْسَر لِأَن الرئة أقرب إِلَيْهِ وَقَالَ بَعضهم: وجع الْأَيْسَر أَشد لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْقلب فَإِذا خفت هَذِه الْأَعْرَاض ويستلقي المتقيح على الْقَفَا دَائِما وَلَا تسخن أَطْرَافه وتحمر وجنتاه فقد انْتقل إِلَى ذَات الرئة.
من كتاب البحران قَالَ: نَوَائِب الْحمى فِي الْأَكْثَر فِي ذَات الْجنب يكون غبّاً وَقَالَ فِي البحران: الوجع الناخس يعرض فِي ذَات الْجنب لِأَن الورم فِي غشاء وَهَذِه حَال الأوجاع الْعَارِضَة فِي الأغشية الحسّاسة وَلِأَن هَذَا الغشاء جزؤ من بعض آلَات النَّفس وَجب أَن يعرض تغير النَّفس وَلِأَنَّهُ أَيْضا قريب من الْقلب وَجب بِسَبَب أَن الْقلب يَنَالهُ شَيْء من ذَلِك الالتهاب أَن يكون حمى وَلِأَنَّهُ قريب من الرئة وَكَانَت الرئة سخيفة متخلخلة وَجب أَن ينَال الرئة بعض الصديد الراسخ من ذَلِك الورم الْحَار وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا بُد من سعال لِأَنَّهُ يُحَرك الرئة بِخُرُوج ذَلِك عَنْهَا وَلَا تجيب إِلَى النفث من أول الْأَمر لقلَّة ذَلِك ووتاحته وَلَا يكون النفث حَتَّى يجْتَمع الْكثير)
وينضج وعَلى قدر صلابة الورم وَقلة رشحه يكون تَأَخّر النفث لِأَنَّهُ لَا يرشح مِنْهُ مَا يدْخل الرئة وَإِذا كَانَ يلين سَرِيعا وينضج جَاءَ النفث سَرِيعا لِأَنَّهُ يسيل مِنْهُ شَيْء كثير وَتعلم من أيّ خلط الورم من لون الَّذِي ينفث وَذَلِكَ أَنه رُبمَا كَانَ زبدياً أَو أَحْمَر ناصعاً أَو أصفر مشبعاً أَو فِيهِ صفرَة رقيقَة أَو أَحْمَر قاني أَو أسود فالزبدي يدل على أَن الورم بلغمي والأحمر الناصع يدل على أَنه صفراء صرفة والأصفر الرَّقِيق يدل على أَنَّهَا صفراء يخالطها بلغم كثير بِحَسب نُقْصَان الصُّفْرَة وَالْأسود على ألف ألف فضلَة سوداوية والأحمر القاني أقل رداءة من هَذِه وَلذَلِك يدل على فضلَة دَمهَا أَكثر من الصَّفْرَاء وَلذَلِك هَذَا النفث أقل مَكْرُوها من جَمِيع أَصْنَاف النفث الْمُتَقَدّمَة كَمَا أَن النفث الْأسود أعظمها بلية وأدلّها على التّلف وَقُوَّة هَذِه تدل على قُوَّة الْمَرَض وضعفها على ضعفه والنبض فِيهِ من طَرِيق مَا هُوَ صلب مَعَ تمدد يدل على أَن الورم فِي عُضْو عصبي وَمن طَرِيق أَنه منشاري يدل على أَن الْعلَّة ورم وَمن طَرِيق مَا هُوَ سريع متواتر عَظِيم يدل على حمى.
إفيذيميا قَالَ: الورم الَّذِي فِي الْجنب إِذا كَانَ غائراً كثيرا مَا ينْتَفع بالمحجمة إِذا كَانَ
السيلان قد انْقَطع لِأَنَّهُ يجذب من دَاخل إِلَى خَارج فَيكون حِينَئِذٍ أمكن للتحليل إِذا كَانَ النفث فِي ذَات الْجنب مرارياً كَانَ أحْوج إِلَى الفصد مِمَّن نفثه دموي قَالَ: وَذَلِكَ أَنه هَذَا أسلم وَذَلِكَ أردأ قَالَ: من لم يكن بِهِ سعال مَعَ ورم وجع الْجنب والصدر فَلَيْسَ بِهِ هُنَاكَ ورم وَلَا خراج لِأَن الورم لَا بُد أَن يرشح مِنْهُ شَيْء فيهيج السعال والأخلاط قَالَ إِذا كَانَ النفث أَحْمَر فالعلة فلغموني وَإِذا كَانَ ناصعاً فالعلة حمرَة وَإِذا كَانَ النفث زبدياً فالدم ممازج للبلغم وَالْأسود يدل على أَن الورم سوداوي والتمدد إِذا كَانَ أَكثر من الوخز دلّ على كَثْرَة الْخَلْط والوخز يدل على كيفيته وارعف مِقْدَار الْعلَّة وصغرها من مِقْدَار الْحمى والوجع ورداءة النفث وتأخره وعسره رَدِيء لِأَن تقدمه وسهولة خُرُوجه جيد وَبطلَان الشَّهْوَة وَقلة النضج الظَّاهِر أَو عَدمه وَالنَّفس وَقلة السهر واختلاط الْعقل وَقلة احْتِمَال الْمَرِيض لمرضه.
مِثَال قَالَ: ضع أَن الْحمى والسهر والاختلاط فِي هَذِه الْعلَّة قوي إلاّ أَن النفث لَيْسَ ناصعاً صرفا وَالْأسود لكنه فِي أول الْعلَّة إِمَّا أَحْمَر وَإِمَّا أصفر وَإِمَّا زبدي ثمَّ أَنه يتَغَيَّر عَن قَلِيل إِلَى النضج أَقُول: إِنَّه لَا يجب لَك إِلَى حِينَئِذٍ أَن تجزع من شدَّة الْحمى وَسَائِر الْأَعْرَاض لِأَن جَمِيعهَا إِنَّمَا يحدث من أجل جمع الورم لِأَنَّهُ فِي وَقت الْجمع تعظم الْأَعْرَاض وتشتد وَلذَلِك لَا يلبث العليل)
أَن يتبديء ينفث نفثاً كثيرا ويسرع من جَمِيع الْأَعْرَاض الْمُتَقَدّمَة وَجَمِيع علل الصَّدْر والرئة وَظُهُور النضج فِي الَّذِي ينفث نفثاً يُقَاوم جَمِيع الأعرض الْمهْلكَة فَإِن أَعَانَهُ على ذَلِك قُوَّة عضل التنفس فَإِن الْمَرِيض يتَخَلَّص لَا محَالة.
قَالَ ج فِي الْأَمْرَاض الحادة: إِذا كَانَ النفث على مَا يَنْبَغِي وَلم يكن بالمريض حَاجَة إِلَى حقنة ودواء مسهل فاحقنه بِمَاء كشك الشّعير لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يسقى مَاء كشك الشّعير بعد أَن لَا تكون بِهِ حَاجَة الفصد والإسهال والحقنة لِأَنَّهُ يكون قد عولج بِهِ أوّلاً لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَيْهِ. ج: يكون عَن سقِِي مَاء الشّعير لَهُم بعد هَذِه الْأَحْوَال مَنَافِع عَظِيمَة وَذَلِكَ أَنه يسهل النفث وَيُقَوِّي الْمعدة وينقي آلَات النَّفس ويجتنب القابضة لِأَنَّهَا تمنع النفث فيختنق العليل وَقد ألف ألف جرب ذَلِك وَمَتى لم يشرب العليل مَاء الشّعير أَو مَاء الْعَسَل فَإِن مَاء الْعَسَل رُبمَا فعل فِعلَ مَاء الشّعير إِلَّا أَنه لَا يُقَوي الْقُوَّة كَمَا يُقَوي مَاء الشّعير فأطعمه السّمك الصخري مسلوقاً بِمَاء كراث وشبت وملح وزيت مِقْدَارًا معتدلاً والسكنجبين إِلَّا أَن يكون العصب أَو الرَّحِم فِيهَا عِلّة وأصل السوس أَو الفارسيون إِذا شرب مَعَ مَاء الْعَسَل أنضج الفضول الَّتِي فِي الصَّدْر إنضاجاً حسنا ويسهل نفثها بالبصاق قَالَ: وَالَّذين يموتون فِي هَذِه الْعلَّة بِسُرْعَة الاختناق ترى مِنْهُم مَوضِع الْجنب كَانَ بِهِ ضربا وَذَلِكَ أَن الدَّم المنصبّ إِلَى هُنَاكَ الَّذِي كَانَ سَبَب الورم إِذا مَاتَ هُنَاكَ كموت الْقُوَّة الحيوانية خضّر ذَلِك الْموضع من خَارج. ج: التكميد يجفف وجع ذَات الْجنب لِأَنَّهُ يسخف الْجلد ويحلل طَائِفَة من الدَّم لكنه إِن كَانَ الْجِسْم ممتلئاً جذب إِلَيْهِ أَكثر مِمَّا يحلل وَجعل مَا هُنَاكَ بخارياً فيتمدد وَيزِيد فِي الوجع فَمَتَى لم يتَحَلَّل الوجع فِي ذَات الْجنب بالتكميد فاستفرغ الْجِسْم استفراغاً قَوِيا إِمَّا
بالفصد وَإِمَّا بالإسهال واقرء بَاب التكميد لتعلم كَيْفيَّة التكميد وَإِذا كَانَ الوجع أَسْفَل فالتكميد يعْمل فِيهِ وَإِذا كَانَ الوجع يبلغ التراقي فالفصد يحله وَالَّذِي يسفل فالفصد فِيهِ أقل نفعا قَالَ وَإِذا لم يتَحَلَّل الوجع بالتكميد فَلَا تطل اللّّبْث فِيهِ لَكِن انْتقل إِلَى الاستفراغ وَذَلِكَ أَن التكميد يجفف الرئة وَيجمع الْمدَّة قَالَ: وَمَتى بلغ الوجع إِلَى الترقوة وجدت فِي الساعد ثقله أَو نَحْو الثدي أَو فَوق الْحجاب جملَة فافصد الباسليق واستفرغ من الدَّم مِقْدَارًا كثيرا إِلَى أَن يتَغَيَّر لون الدَّم وَذَلِكَ أَن الورم حِينَئِذٍ فِي الْأَجْزَاء الْعَالِيَة من أَجزَاء الغشاء المستبطن للأضلاع وَإِذا كَانَ الورم فِي هَذِه النَّاحِيَة شاركته فِي الوجع الترقوة والساعد وَمَتى كَانَ الوجع يَمْتَد نَحْو الشراسيف فاستفرغ بالأدوية)
المسهلة لِأَن الفصد للباسليق يجذب الدَّم من هَذِه النَّاحِيَة جذباً وَلَا بِسُرْعَة وَلذَلِك لَا ينْتَفع بِهِ بِسُرْعَة لِأَن النَّاحِيَة السُّفْلى من الصَّدْر تغتذي من شعب تخرج من الْعرق العميق قبل أَن يبلغ إِلَى الْقلب وَأما تغير الدَّم فيدلّك على أَن الدَّم كَانَ فِي الورم قد نفذ أَكْثَره وَصَارَ يخرج الدَّم الَّذِي فِي الْعُرُوق وَلِأَن الدَّم قد يسْقط الْقُوَّة وَإِن كَانَ عَظِيم النَّفْع فَلْيَكُن نظرك فِي حفظ الْقُوَّة أَكثر.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "روفس فِي كِتَابه فِي ذَات الْجنب"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel