بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الْأَعْضَاء الألمة و جَوَامِع الْأَعْضَاء الآلمة

الْأَعْضَاء الألمة الْمقَالة الأولى قَالَ:

3 - (الورم الصلب) فِي الْجَانِب الْأَيْمن تَحت الشراسيف الَّذِي تحويه دَائِرَة تفرق بَينه وَبَين مَا يقرب مِنْهُ هَذَا فِي الكبد لِأَن الَّذِي يكون فِي العضل يكون طَويلا وَلَا يكون ضَرْبَة بل قَلِيلا قَلِيلا لِأَن العضل مَوْضُوع من القص إِلَى السُّرَّة بالطول والكبد يحويها مَوضِع صَغِير والورم الْحَار فِي الكبد لَا يكون مَعَه ضَرْبَان وَذَلِكَ لِأَن هَذِه الأحشاء إِنَّمَا تتفرق العصب فِي غشائها وَمَا توغل فِيهَا وَمَا يجيها أَيْضا مِنْهُ قَلِيل. 3 (الثَّانِيَة:) 3 (الورم الْعَظِيم فِي الكبد) مَتى كَانَ الورم فِي الكبد عَظِيما فَإِن الوجع الْحَادِث فِي الترقوة الْيُمْنَى إِنَّمَا يكون لتمدد الْعرق الأجوف قَالَ: إِذا حدث عسر النَّفس الشَّديد مَعَ ثقل فِيمَا دون الشراسيف بِلَا حمى فَإِن فِي الكبد إِمَّا سدداً وَإِمَّا ورماً صلباً فَإِن كَانَ مَعَه حمى فَإِن فِي الكبد ورماً حاراً. 3 (اللِّسَان يسود عِنْد أورام الكبد) الحارة ولون الْجِسْم كُله يفْسد.

الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: قد يحدث فِي هَذَا الْعُضْو أَيْضا سوء المزاج والأورام والقروح والسدد وَغير ذَلِك إِلَّا أَن مَعَ الورم الصلب والفلغموني والتمدد الريحي فَإِنَّهُ قد يحدث فِيهَا ذَلِك وَعَن السدد فِي أقاصي عروقها يحس الْإِنْسَان بثقل مُعَلّق فِي الْجَانِب الْأَيْمن فِيمَا دون الشراسيف وَإِذا كَانَ قد اجْتمع فِي الكبد مِقْدَار كثير من ريح بخارية لَا تَجِد منفذاً تخرج مِنْهُ فَإِن صَاحب هَذِه الْعلَّة لَا يجد مس الثّقل فَقَط لَكِن يحدث مَعَه أَيْضا من التمدد والأورام فِي حدبة الكبد إِذا كَانَت عَظِيمَة ظَهرت للحس وَأما الَّذِي فِي الْجَانِب المقعر فَيحْتَاج إِلَى عَلَامَات هَاهُنَا.

لى فِي هَذَا الْموضع صفة عضل المراق وَوَضعه.
قَالَ: وَيجب أَن تكون ذَاكِرًا لوضع العضل الَّذِي على الْبَطن لِئَلَّا تغلظ فِي ذَلِك فتظن أَن فِي الكبد ورماً وَإِنَّمَا الورم فِي عضل المراق والكبد مَوْضُوعَة تَحت الصفاق وَرَاء هَذَا العضل أجمع والورم الْحَادِث فِي هَذِه طَوِيل بِحَسب طولهَا لِأَنَّهَا ممدودة من القص إِلَى عظم الْعَانَة إِلَّا أَنه قد يكون الورم فِيهَا طَويلا مُسْتَقِيمًا (ألف ب) ومورباً لِأَن وضع العضل مِنْهُ مُسْتَقِيم وَمِنْه مورب. قَالَ: وَكَذَلِكَ لَا يُمكن أَن 3 (معرفَة ورم الكبد) يعرف ورم الكبد إِلَّا أَن يكون عَظِيما ويهزل المراق جدا بعلامات.
عَلَامَات الفلغموني فِي الكبد: أَن يجد العليل وجعاً فِي الْجَانِب الْأَيْمن فِيمَا دون
الشراسيف وَإِذا حدث فلغموني جملَة دون الشراسيف إِلَى فَوق فَإِن وجد لذَلِك وجعاً يَمْتَد حَتَّى يبلغ إِلَى التراقي وبلوغ الوجع إِلَى الترقوة لَيْسَ بِلَازِم فِي كل حِين ويسعل سعالاً يَسِيرا وَيكون لِسَانه فِي أول الْأَمر أَحْمَر وَفِي الآخر الْأسود وَتبطل شَهْوَته بطلاناً شَدِيدا مَعَ حمى حادة ويشتد عطشه ويتدارك ويتقيء مرّة مَحْضَة حَيَّة وَفِي آخر الْأَمر وَفِي بعض الْأَوْقَات زنجارية وَإِن لم يكن ورم الكبد مَعَ ضعف مِنْهَا احْتبست الطبيعة وَإِن كَانَ الورم فِي الكبد حمرَة كَانَت أعراضه مثل هَذِه إِلَّا أَنه تكون مَعَه حمى محرقة مَعَ عَطش شَدِيد جدا وَأما الأورام الْحَادِثَة فِي الْجَانِب المقعر فَإِنَّهَا أَكثر فِي تَعْطِيل الشَّهْوَة والتهوع والقيء المراري والعطش الشَّديد والأورام الَّتِي فِي المحدب يفرق بَين هَذِه فِي الوجع عِنْد التنفس والسعال وارتقاء الوجع إِلَى التراقي حَتَّى يظنّ العليل أَن ترقوته تنجذب إِلَى أَسْفَل فَأَما ضلوع الْخلف وَهِي الَّتِي رَأسهَا خَارج عَن القص فَإِنَّهَا تسكن مَعَ ورم الْوَجْهَيْنِ كليهمَا وَلَيْسَ هُوَ أبدا دَائِما وَذَلِكَ أَن الكبد لَيست هِيَ فِي جَمِيع النَّاس مضامة لهَذِهِ الأضلاع بالأغشية الَّتِي تربطها.

قَالَ: مَا دَامَ ورم المقعر اتَّصل الورم بالمحدب ضَرُورَة وَبِالْعَكْسِ لِأَن لحم الكبد مُتَّصِل فَمن كَانَ دون الشراسيف مِنْهُ بالطبع رَقِيقا ثمَّ هزل بِسَبَب مرض فَإِن الورم الْعَظِيم إِذا حدث فِي كبده يدْرك باللمس ولهذه الأورام شَيْء يَخُصُّهُ دون أورام العضل الَّذِي على المراق فَإِن هَذَا الورم لَهُ حد مُنْقَطع إِلَى الْخَلَاء دفْعَة وأورام العضل يرى ورمه يلطف قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يَنْقَطِع دفْعَة فالورم الصلب لَوْلَا أَن الاسْتِسْقَاء يبادره لَكَانَ أبين للحس وَلَكِن هَذِه الْعلَّة مبدأ عسر والمراق يدق فِي هَذِه الْحَالة أَن ابْتِدَاء الاسْتِسْقَاء يُبَادر استحكام الورم الصلب فِي الكبد. قَالَ: ويعرض مَعَ عِلّة الكبد أَن يصير اللَّوْن أَبيض مرّة وأصفر تَارَة وَمرَّة إِلَى الخضرة وَمرَّة إِلَى الكمدة وألوان كَثِيرَة لَا تنطق بهَا تسهل على من قد تدرب فِي النّظر إِلَى المرضى حفظهَا وَلذَلِك أَنا أحكم على العليل أَن كبده عليلة أَو طحاله إِذا رَأَيْت لَونه فَقَط فَإِن رجلا كَانَ بِهِ خراج فِي عضل بَطْنه فَتوهم الْأَطِبَّاء أَنه ورم فِي كبده فساعة رَأَيْتهمْ حكمُوا على عِلّة فِي كبده أعلمته أَلا عِلّة فِي كبده. قَالَ:)
وَلَيْسَ يُمكن أَن ينْطق بتفسير هَذِه الألوان لَكِن يسهل إِدْرَاكهَا.
لى قَالَ: سوء المزاج الْحَار فِي الكبد يكون عِنْد البرَاز الْيَابِس المحترق والبارد يَجْعَل البرَاز رطبا وَأَقل صبغاً واليابس يَجْعَل الْبَزَّار أيبس وَأَغْلظ وَأما الرطب فَيَجْعَلهُ أرق وَأقرب إِلَى المائية الَّذِي على مِثَال غسالة اللَّحْم فِي علل الكبد (ألف ب) الَّتِي من سوء المزاج فَإِن كَانَ الْإِنْسَان يتغوظ مثل مَاء اللَّحْم الْمَذْبُوح طرياً إِذا غسل فَإِنَّهُ عَلامَة صَحِيحَة على ضعف قُوَّة الكبد فِي نفس جوهرها لسوء مزاج بَارِد ضَعِيف على توليد الدَّم وَمَتى كَانَ يتغوظ كالدردي فَإِن فِي كبده مزاجاً حاراً يحرق الدَّم. قَالَ: وَهَذَا الصديد الرَّقِيق الدموي إِذا طَالَتْ
مدَّته خرج بالتغوظ دم غليظ ثمَّ خرج مرّة سَوْدَاء بآخر وَهَذَا الضعْف من الكبد يبتدىء بِلَا حمى مادام يخرج بالتغوظ صديد دم رَقِيق فَإِذا طَالَتْ الْمدَّة تبع ذَلِك حميات لِأَن الدَّم الَّذِي فِي الكبد يفْسد وَهِي حميات خبيثة يستخف بهَا الْجُهَّال ويدخلون أَصْحَابهَا الْحمام ويلطفون تَدْبيره وَإِذا كَانَ كَذَلِك عاوده الإسهال من ضعف الْقُوَّة وَبَعض هَؤُلَاءِ تبطل شهواتهم وَبَعْضهمْ تشتد أَكثر وَأما سوء المزاج الْحَار فَلَا يتبعهُ فِي وَقت شَهْوَة الطَّعَام بل ذهَاب الشَّهْوَة الصعب والعطش الشَّديد والحمى القوية وقيء أخلاط مرارية وَرُبمَا تركبت هَذِه الْعِلَل مَعَ الأورام.
مِثَال قَالَ: صرت إِلَى رجل فَلَمَّا دخلت الْبَاب رَأَيْت غُلَاما مَعَه طست يمر بِهِ إِلَى الْخَلَاء فِيهِ صديد رَقِيق يشبه غسالة اللَّحْم الطري الذّبْح وَهِي عَلامَة صَحِيحَة غَايَة الصِّحَّة على عِلّة الكبد فتغافلت ومددت يَدي إِلَى عرق العليل لأعرف مَا قد صَحَّ عِنْدِي أَن الكبد عليلة هَل فِيهَا ورم وَرَأَيْت فِيهَا ورماً وَكَانَ فِي طاق الْبَيْت قديرة فِيهَا زوفاً وَمَاء الْعَسَل فَعلمت أَن العليل يظنّ أَن بِهِ ذَات الْجنب لِأَنَّهُ كَانَ يشتكى عِنْد ضلوع الْخلف ويسعل سعلات صغَارًا وَكَانَ طَبِيبا وَكَانَ نَفسه متواتراً وَهَذِه عَلَامَات بعض ذَات الْجنب ووجع الكبد وَلما تحققت ذَلِك كُله وضعت يَدي على كبده وَقلت: هَاهُنَا تَشْتَكِي فَأقر بذلك فَأَرَدْت أَن أَقُول لَهُ أَن ترقوتك تنجذب إِلَى أَسْفَل وَلَكِن لما كَانَ هَذَا لَيْسَ يلْزم أبدا وجع الكبد بل إِنَّمَا يتبع الأورام الحارة والصلبة إِذا كَانَت عَظِيمَة لم أقل ذَلِك لَهُ مُطلقًا لَكِن قلت: ستجد ترقوتك تنجذب فَأقر بذلك أَيْضا فَلذَلِك يجب أَن تحسنوا اسْتِعْمَال السَّعَادَة إِذا اتّفقت لكم ثمَّ قلت للعليل. إِنَّك تظن أَن بك ذَات الْجنب فتعجب من ذَلِك جدا.
قتا: الإسهال الكيلوسي خَاص بِضعْف قُوَّة الكبد الجاذبة لِأَن الكبد إِذا لم تجذب الْغذَاء من)
الأمعاء والمعدة ينزل الثفل رَقِيقا فَإِذا كَانَ مَعَ هَذَا الإسهال كيلوسي صديد رَقِيق فَإِن ذَلِك حِينَئِذٍ لِأَن بالعروق الَّتِي ينفذ مِنْهَا الْغذَاء إِلَى الكبد ورم حَار وَالْفرق بَين هَذَا الصديد وَبَين هَذَا الْحَادِث عَن ضعف الكبد أَن هَذَا الَّذِي يشبه الصديد رَقِيق قروحي. لى هَذَا كَأَنَّهُ إِلَى الْبيَاض والصفرة وَذَلِكَ إِلَى الْحمرَة وَبِالْجُمْلَةِ الْفرق بَين الصديد القروحي وَبَين مَاء اللَّحْم جدا بَين.
قَالَ: فَمَتَى رَأَيْتُمْ الثفل كيلوسيا وَفِيه هَذَا الصديد وَلَيْسَ فِي الكبد عَلَامَات الورم فأعلموا أَنه لَيْسَ الكبد (ألف ب) عليلة وَلَا عِلّة كيلوسية البرَاز ضعف قوتها الجاذبة فِي الْعُرُوق الَّتِي يصير مِنْهَا الْغذَاء إِلَى الكبد ورم حَار. قَالَ: وَمَتى كَانَت الْقُوَّة الماسكة مِنْهَا ضَعِيفَة خرج أَولا دم صديدي ثمَّ بعد ذَلِك دم غليظ كَأَنَّهُ دردى. لى قد فرق وميز وَقد نظرت فِي هَذِه الْموضع وَكَانَ الْفرق بَين الإسهال الصديدي الْحَادِث من أجل ورم الماسريقا وَالَّذِي من أجل الكبد أَن مَعَ هَذَا لَا يتَبَيَّن ضعف الكبد فَأَما الِاخْتِلَاف الَّذِي يكون بِهِ الضعْف لقُوَّة الماسكة فَهُوَ الأول وَذَلِكَ أَن جَوْهَر الكبد إِنَّمَا هُوَ مَا تتمّ بِهِ قوتها الماسكة. لى قد تكون استفراغات مثل هَذِه والجسم صَحِيح سليم وَيكون السَّبَب فِيهِ كَثْرَة مَا فِي الْجِسْم من ذَلِك الْخَلْط الَّذِي يستفرغ أَيْضا وَيكون فِي عقب الْبُرْء من علل الكبد إِذا عَادَتْ
إِلَيْهَا قوتها وَانْقَضَت عَنْهَا مَا كَانَ مُؤْذِيًا مِمَّا لَا تتهيأ إحالته ونضجه. قَالَ: وَقد يعرض خُرُوج الدَّم من أَسْفَل لصِحَّة الْقُوَّة والانتقال من كبد وَقلة غذَاء إِلَى رَاحَة وَكَثْرَة غذَاء وَرُبمَا قاء الرجل دَمًا وَهَذَا يكون دَمًا جيدا فَأَما الدَّم الَّذِي تَدْفَعهُ الكبد عِنْد قوتها وبرئها فَإِنَّهُ يكون دَمًا منتاً وَكَذَلِكَ الَّذِي يسيل من القروح والأمراض ففاسد فِي هَذِه الْحَال يظنّ جهال الطِّبّ أَن العليل قريب من الْمَوْت إِذا رَأَوْهُ يستفرغ دَمًا منتاً فَأَما أَنْت فَإِذا كنت قد علمت أَن كبده كَانَت عليلة وَأَنَّهَا قد قويت وَأَن هَذَا الاستفراغ الْآن إِنَّمَا يعقب قُوَّة الكبد فَلَا تجزعن من ذَلِك.
3 - (جَوَامِع الْأَعْضَاء الآلمة)
قَالَ: الِاخْتِلَاف الشبيه بِمَاء اللَّحْم الطري إِذا خرج من الدبر دلّ على أَن الْجَانِب الْأَيْمن المحدب مِنْهَا عليل الورم من الْجَانِب الْأَيْمن إِذا كَانَ شكله هلالياً فَهُوَ فِي نفس الكبد لِأَن شكل الكبد هلالي وَإِذا كَانَ شكله متطاولاً فَهُوَ فِي العضل الَّذِي يعلوها.
لى يمكنك أَن تعلم فِي أَي العضل هُوَ من هَذَا العضل فَإِنَّهُ إِن كَانَ يمر فِي وسط الْبَطن مُسْتَقِيمًا فَهُوَ يمر فِي العضلات الَّتِي تمر على استقامة وَإِن كَانَ يمر مورباً فَفِي الموربة وَإِن كَانَ فِي وسط الْبَطن فَإِنَّهُ فِي المستقيمة لِأَنَّهُ مَوضِع وسط الْبَطن وَإِن كَانَ نَاحيَة فَفِي المعترضة والموربة وَإِن كَانَ غائراً فَوْقه لحم كثير فَفِي الَّتِي هِيَ أغور وَهِي المعترضة إِذا أحس إِنْسَان بثقل فِي الكبد فَإِن كَانَ مَعَ حمى فهناك ورم حَار وَإِن كَانَ بِلَا حمى فهناك إِمَّا سدة وَإِمَّا ورم صلب يحدث أَولا فأولاً.

الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

2 Responses to "الْأَعْضَاء الألمة و جَوَامِع الْأَعْضَاء الآلمة"

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel