بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الْأَدْوِيَة الَّتِي تصلح لأورام الْمعدة والكبد 6

وَقد برِئ رجل كَانَت بِهِ هَذِه الْعلَّة بِشرب مَاء بَارِد كثير دفْعَة إِلَّا أَنه أعقبه بردا فِي مريئه وَلِهَذَا يجب أَن ندبره بِرِفْق قَلِيلا قَلِيلا وَوضعت أَنا على صدر رجل كَانَ بمعدته سوء مزاج حَار يَابِس بعض الأضمدة المبردة فسكن اللهيب الَّذِي كَانَ يجده فِي معدته إِلَّا أَن تنفسه كَانَ صَغِيرا وَكَأَنَّهُ يُحَرك صَدره فَعلمت أَن حجابه برد بالأضمدة فقلعتها وصببت عَلَيْهِ زيتا مسخنا فَعَاد نَفسه إِلَى الْحَال الطبيعية وعالجته على مهل وَوضعت ذَلِك الْأَدْوِيَة قَلِيلا قَلِيلا أَسْفَل الْبَطن وَأَطْعَمته طَعَاما بَارِدًا فبرئ فِي مُدَّة طَوِيلَة من غير أَن أعقبه مَكْرُوها فَإِن كَانَ الْغَالِب على الْمعدة مزاجا حارا مفرطا ويخالطه إِن شِئْت يبس أَو رُطُوبَة غير مفرطين أَقُول: إِن من هَذِه حَاله يداوى بِمَاء بَارِد من غير تخوف لِأَن الْمعدة إِذا كَانَ بهَا سوء مزاج يَابِس فَلَا بُد أَن تهزل وتقصف مَا يقربهَا من الْأَعْضَاء ثمَّ جَمِيع الْجِسْم فَأَما إِذا كَانَ ذَلِك حارا من غير يبس أَو مَعَ يبس يسير فَإِن الْأَعْضَاء الَّتِي حولهَا لم تهزل وَلم تقصف وَلذَلِك لَيْسَ يَضرهَا المَاء الْبَارِد.

فَأَما إِذا كَانَ يبس مَعَ حرارة ظاهرية قَوِيَّة فمداواته كهذه المداواة إِلَّا أَن الْبَارِد لَيست فِيهِ على)

الثِّقَة جدا كَمَا إِذا لم يكن مَعَ الْحَرَارَة يبس ظَاهر وَإِن أشرف سوء المزاج الْحَار حَتَّى يبلغ من الْمعدة إِلَى الْقلب فَإِنَّهُ يستحم وعلاجه دَاخل فِي بَاب الْحمى على أَن هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ من بَاب الْحمى.

فَأَما سوء المزاج الرطب فَهُوَ أسهل برءا من الْيَابِس مَعَ حر كَانَ أَو برد فَهُوَ أَكثر مَا يحدث عَن هَذِه الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة وَالَّذِي يداوي بِهِ المزاج الرطب من غير سخونة وَلَا برودة الْأَطْعِمَة المجففة من غير إسخان وَلَا تبريد قوى وتقليل الشَّرَاب عَن مِقْدَار الْحَاجة وَإِذا كَانَ مَعَ حرارة فالأطعمة والأشربة القابضة ولتكن تقبض من غير إسخان وينفعهم أَيْضا شرب المَاء الْبَارِد ينظر فِيهِ.

وَإِن كَانَ مَعَ برودة فأفضل مَا يداوى بِهِ الْأَشْيَاء الحريفة ولتخلط مَعهَا أَشْيَاء عفصة بعد أَن تكون مِمَّا لَا يبرد تبريدا ظاهريا والاقلال من الشَّرَاب من أفضل مَا يداوى بِهِ هَؤُلَاءِ وَليكن الْقَلِيل مِنْهُ من شراب يسخن إسحانا قَوِيا ويعالج من خَارج بِمَا يشبه مَا ذكرت وَأعلم أَن شَرّ أَصْنَاف سوء المزاج الْمُفْرد الْيَابِس والمركب الْبَارِد الْيَابِس فَهَذَا قولي من سوء المزاج فِي الْمعدة من غَيرهَا. فَإِن كَانَ فِيهَا سوء المزاج مَعَ مَادَّة فَهَذِهِ الْمَادَّة رُبمَا كَانَت محتبسة فِي تجويفها وَرُبمَا كَانَت مشربَة لطبقاتها وَالْأول إِن كَانَ إِنَّمَا يحدث مرّة وَاحِدَة فَإِذا يذهب إِذا نقيت الْمعدة بالقيء وَإِن كَانَ لَا يزَال يعاود مَتى تنقت الْمعدة مِنْهُ فتعرف باستقصاء وَانْظُر من أَيْن ينجلب فَإِذا عرف فالعالج بِحَسب ذَلِك
وداو الْعُضْو الَّذِي مِنْهُ ينجلب بِمَا يردع وَبِمَا يبرد وَبِمَا يعين على التقوية وَيعلم ذَلِك بِالتَّدْبِيرِ الْعَام لجَمِيع الْأَمْرَاض.
وَإِن كَانَ إِنَّمَا هَذَا للمعدة من امتلاء الْجِسْم كُله فنق الْجِسْم من ذَلِك الْفضل ثمَّ خُذ علاج الْمعدة لِأَنَّهَا قد اكْتسبت بانصبابه إِلَيْهَا شَيْئا من رداءة فعالجها بالأفسنتين فِي الْوَقْت الملائم وَاعْلَم أَن علاج المزمن مِنْهُ أعْسر برءا إِلَّا أَنه قد قبل من ذَلِك الْخَلْط أَشد وَأكْثر وَرُبمَا صَار لذَلِك إِذْ أزمن من جرم الْمعدة إِلَى سوء مزاج يَخُصهَا مُحْتَاج إِلَى مداواة مَا يداوى بِهِ سوء المزاج من غير مَادَّة وَأما الْأَدْوِيَة الَّتِي يعالج بهَا الْخَلْط المداخل لطبقاتها فَإِنَّهُ مَا يسهل إسهالا معتدلاً وَهِي الَّتِي لَا تجَاوز حَدهَا الْمعدة والأمعاء وَإِن هِيَ جَاوَزت ذَلِك بلغت إِلَى الجداول الَّتِي ينفذ فِيهَا الْغذَاء إِلَى الكبد وَأفضل هَذِه المتخذة بصبر وَالصَّبْر نَفسه إِلَى الِانْفِرَاد إِلَّا أَنه كَانَ غير مغسول فَهُوَ أقوى إسهالا وَإِن كَانَ مغسولاً فَهُوَ أَجود وَأكْثر تَقْوِيَة للمعدة وَلِهَذَا إيارج الفيقرا بصبر مغسول)
وَغير مغسول من جِيَاد الْأَدْوِيَة للأخلاط المحتقنة فِي الْمعدة فَاسق مِنْهُ ملعقتين صغيرتين الشربة الْوُسْطَى والكبرى ملعقتان كبيرتان وَالصُّغْرَى ملعقة بِمَاء فاتر ثَلَاث قوانوسات واسق صَاحب هَذِه الْعلَّة كشك الشّعير سَاعَة يخرج من الْحمام قبل كل شَيْء وَأما هَذَا الدَّوَاء فعلى حسب الْأَدْوِيَة المسهلة وَفِي وَقتهَا وَإِذا أَخذه فلتحرك وليمش وَمَتى عجن الأرياج بِعَسَل كَانَ إسهاله أَكثر لِأَنَّهُ يبْقى فِي الْبَطن أَكثر إِلَّا أَن تقويته للمعدة أقل وَإِن كَانَ فِي الْمعدة بلغم فنق قبل ذَلِك البلغم بِمَا يقطعهُ ثمَّ أسهله فَإِن كَانَ القئ يسهل على العليل فقيئه بفجل وسكنجبين وَإِن كَانَ البلغم لَيْسَ بلزج ولاغليظ فماء كشك الشّعير يكفى والقئ بِمَاء الْعَسَل وَهَذَانِ يؤخذان للقئ أَكثر مِمَّا يُؤْخَذ لسَائِر العلاج وَينْتَفع صَاحب هَذِه الْعلَّة بِمَاء الْعَسَل مطبوخاً مَعَه أفسنتين فَإِنَّهُ يحدر جَمِيع مَا فِي جرم الْمعدة محتقنا من الأخلاط الرقيقة وَهَذَا يُشْرك تَدْبِير جَمِيع مَا جرم الأصحاء وَقد تتركب هَذِه الْأَمْرَاض فِي الْمعدة وَذَلِكَ أَنه يُمكن أَن يكون بهَا سوء مزاج وَتَكون مشربَة لخلط ردئ وَفِي تجويفها خلط يجول وارجع حِينَئِذٍ إِلَى تَدْبِير الْأَمْرَاض المركبة بِحَسب المفردة واحفظ قوانينها فابدأ بِمَا هُوَ أخطر وَالَّذِي هُوَ كالسبب الْفَاعِل لغيره وَالَّذِي لايمكن أَن يبرأ دون أَن يبرأ غَيره.
من حِيلَة الْبُرْء: وينفع الْمعدة الملتهبة مَعَ إسهال قيروطي بدهن السفرجل وَإِذا لم يكن التهاب شَدِيد فقيروطى بدهن الناردين وَيكون فِيهِ صَبر ومصطكى من كل وَاحِد سدس
مِثْقَال ولضعف فَم الْمعدة سحق المصطكى بدهن الناردين يغمس فِيهِ صوف قرمزي وَيُوضَع عَلَيْهِ وَهُوَ حَار فَإِن الْأَشْيَاء الفاترة تحل قُوَّة فَم الْمعدة ولتقوية فَم الْمعدة كمد بلبد قد غمس فِي دهن زَيْت قد طبخ فِيهِ أفسنتين فِي إِنَاء مضاعف.
من الْعِلَل والأغراض حس المراق مادام صَحِيحا فالألذ عِنْده الحلو فَإِن نالته أفة فَكَانَت قابضة التذ بالدسم وَإِن كَانَت إِلَى الْحَرَارَة أميل اشْتهى الْبُرُودَة وَإِن كَانَت الْبُرُودَة فالى الْحَرَارَة وَمَتى كَانَ الْخَلْط أغلب عَلَيْهِ الغلظ اسْتعْمل الْأَشْيَاء اللطيفة فَانْتَفع بهَا وبالضد وَإِن غلب عَلَيْهِ خلط لزج اشْتهى المقطعات وبالضد فِي جَمِيع الأضداد.
قَالَ: بطلَان الشَّهْوَة إِمَّا لِأَن فَم الْمعدة لَا يحس بِالنُّقْصَانِ الْحَادِث عَن امتصاص الْعُرُوق أَو لِأَن الْعُرُوق لاتجذب ولاتمتص من الْمعدة شَيْئا أَو لِأَن الْجِسْم لايستفرغ ولاتحلل مِنْهُ شَيْء وَبطلَان حس فَم الْمعدة يكون لمَرض الدِّمَاغ فِي هَذِه الْعلَّة شَهْوَة الطَّعَام وَالشرَاب أَو لفساد يحدث فِي الْعُضْو)
الَّذِي فِيهِ تنبعث هَذِه الْقُوَّة وَهُوَ الزَّوْج السَّادِس أَو لِأَن نفس الْمعدة بِهِ سوء مزاج حَار كَمَا يعرض ذَلِك فِي الْحمى قَالَ: الْخَلْط الحامض إِن أكل وَكَانَ فِي فَم الْمعدة أهاج الشَّهْوَة لثلاث أَنه يلذع بحموضته فَم الْمعدة فَيحدث حَرَكَة شَبيهَة بحركة مص الْعُرُوق عِنْد الْجُوع فيحرك ذَلِك الْغذَاء أَو يقبض الدَّم بِبرد فيتسعالأمكنة لذَلِك وَيكون الْحس بالخلاء أسْرع وَإنَّهُ يقبض جرم الْمعدة أجمع فَيكون كَمَا قُلْنَا أَولا حساسا بالخلاء شَدِيدا الْخَلْط الحامض يقل شَهْوَة المَاء وَبطلَان المَاء يكون إِمَّا من غَلَبَة الْبرد أَو من غَلَبَة الْخَلْط الرطب من سوء مزاج رطب أَو من ذهَاب حس الْمعدة وَكَثْرَة الشَّهْوَة للْمَاء يكون لفضل مالح أَو لفضل مرارى أَو لرطوبة قد حمئت وَحدث فِيهَا كالغليان كَمَا يحدث فِي الْحمى قَالَ: ويعرض فِي الاستمراء بُطْلَانه أَو إبطائه أَو فَسَاد الطّعْم وَذَلِكَ يكون إِمَّا من دَاخل إِمَّا لسوء مزاج أَو لمَرض يحدث فِي فَم الْمعدة كالسلع وَغَيرهَا وَفَسَاد الطَّعَام مَتى كَانَ حارا أحَال الطَّعَام إِلَى الدخانية وَإِن كَانَ بَارِدًا أَحَالهُ إِلَى الحموضة وَإِمَّا من خَارج يعرض من سوء الِاسْتِمْرَار إِمَّا من أجل الْأَطْعِمَة فِي كيفيتها أَو كميتها أَو سوء وَقتهَا أَو سوء ترتيبها أَو من أجل قلَّة النّوم وَإِن كَانَت أَكثر مِمَّا يجب فَإِنَّهَا إِن كَانَت أغذية وَكَانَت عسرة الْفساد لم تستمرأ أصلا وَأما سوء الْوَقْت فَإِذا كَانَ أَخذ الطَّعَام الثَّانِي قبل استمراء الأول وَأما سوء التَّرْتِيب فَإِن يتَنَاوَل الْقَابِض قبل المزاق فَيعرض من ذَلِك الْفساد وَأما من أجل كَيْفيَّة الأغذية فَإِن يطعم من معدته حارة عسلا وبالضد فعلى هَذَا فَافْهَم أَمر النضج الثَّانِي الْكَائِن فِي الْعُرُوق وَذَلِكَ أَنه رُبمَا بَطل حَتَّى يبْقى الكيلوس أَبيض أَو يَسْتَحِيل اسْتِحَالَة معفنة أَو اسْتِحَالَة رَدِيئَة حَتَّى يصير مرَارًا أصفر أَو أسود كَمَا يعرض فِي اليرقان
الْأَصْفَر وَالْأسود وعَلى الْمِثَال فِي الهضم الثَّالِث أَولا يَسْتَحِيل إِلَى الشبيه بالعضو الْبَتَّةَ فَيعرض الهلاس فِي جَمِيع الْجِسْم وَأَن يتشبه بعضه فَيعرض هلاس دون ذَلِك أَو يتشبه تشبها رديئاً فَيصير سَوْدَاء أَو صفراء فَيحدث سرطان أَو نملة أَو برص أَو بهق أَو جرب وَمَا يدْخل من الأفة على الاستمراء من الْأَشْيَاء الحارة سهل الْبُرْء وَأما مَا يَنَالهُ من أجل ضعف قُوَّة الْمعدة فعسر الْبُرْء وَرُبمَا كَانَ لابرء لَهُ لِأَن الْمعدة إِن لم تستمرئ الْغذَاء أصلا لضعف قوتها آل الْأَمر إِمَّا إِلَى زلق الأمعاء أَو إِلَى استسقاء طبلى.
يؤول إِلَى استسقاء طبلى إِذا كَانَ هُنَاكَ أدنى هضم وحرارة وَإِلَى زلق الأمعاء إِذا عدم)
النضج الْبَتَّةَ إِذا كَانَ الْغذَاء معتدل الْكَيْفِيَّة والكمية وَكَانَت سَائِر الْأَشْيَاء كَمَا يجب ثمَّ فسد الاستمراء فَذَلِك لضعف قُوَّة الْمعدة قوتها تضعف لسوء المزاج وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ سوء المزاج حارا أحدث جشاء دخانيا وسهكا وَإِن كَانَ بَارِدًا أحدث جشاء حامضا وَيحدث مَعَ الأول عَطش وَحمى ولايكون من الثَّانِي عَطش ولاحمى وَإِن بردت بردا كَامِلا خرج الْغذَاء على حَاله وَإِن لم يكمل برد الْمعدة فَإِنَّهُ يَجْعَل الأغذية الَّتِي هِيَ إِلَى الْبرد أميل خَاصَّة وَإِن لم يكمل برد الْمعدة فَإِنَّهُ يَجْعَل الأغذية الَّتِي هِيَ إِلَى الْبرد أميل خَاصَّة وَالَّتِي هِيَ أميل إِلَى الْحَرَارَة رياحا نافخة وَجُمْلَة بطلَان الاستمراء يكون من برد مفرط ونقصانه من برد غير مفرط وفساده يكون إِمَّا إِلَى الحموضة وهويكون عَن برد وَإِمَّا إِلَى الدخانية وَهُوَ يكون عَن حز فَأَما الرُّطُوبَة واليبس فَلَيْسَ يُمكن فيهمَا أَن يبطلا الاستمراء وَيُمكن فيهمَا أَن ينقصاه ولايبطلاه لِأَنَّهُ يسْبق حَال اليبس الَّذِي يبطل الاستمراء فِيهِ إِلَى الذبول وتسبق الرُّطُوبَة الَّتِي تبطل الشَّهْوَة وَالِاسْتِسْقَاء.
وَالْقُوَّة الماسكة الَّتِي فِي الْمعدة ينالها الضَّرَر على ثَلَاث إِمَّا آلا تنقبض على الطَّعَام أَو تقبض عَلَيْهِ قبضا ضَعِيفا أَو رديئا وَيحدث عَن بطلَان انقباضها عَلَيْهِ وَضَعفه: إِمَّا ريَاح نافخة أَو خضخضة وَتعرض الرِّيَاح إِذا كَانَت الْأَطْعِمَة مولدة للرياح وَلم تكن الْمعدة شَدِيدَة الْبرد والخضخضة تعرض إِذا اسْتعْمل صَاحبه الشّرْب يعد الْأكل وَكَانَت الْأَطْعِمَة غير رياحية والمعدة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد وَمَتى انقبضت على الطَّعَام انقباضا رديئا وَكَانَت مَعَ انقباضها ترتعد وترتعش وَالطَّعَام المؤذى للمعدة بكيفية أَو بكمية إِن كَانَ خَفِيفا طفا واستفرغ بالقئ وَإِن كَانَ ثقيلا رسب واستفرغ بالاختلاف وَرُبمَا طفا بعضه ورسب بعضه وَكَانَ عَنهُ الهيضة وَقد تعرض من حبس الثفل بِشدَّة أَن يترقى الثفل من لفافة إِلَى لفافة حَتَّى يبلغ الْمعدة فينالها مِنْهُ كَيْفيَّة رَدِيئَة يعرض مِنْهُ كرب واختلال فِي الشَّهْوَة.
الْأَعْضَاء الآلمة إِذا كَانَ فِي الْمعدة سوء مزاج حَار فَأَما أَن يكون مَعَ مَادَّة تنصب فِي تجويفها وعلامته أَن صَاحبهَا إِذا أكل طَعَاما بَارِدًا عسر الْفساد انْتفع بِهِ ويخالط قيئه وبرازه مرار وخاصة فِي القئ.
وَإِن لم يكن فِي تجويفها شئ لَكِن مداخلا لجرمها فعلامته الغثى والتهوع الَّذِي لَا يخرج مَعَه شَيْء والعطش وَقلة الشَّهْوَة للطعام وَالِانْتِفَاع بالأطعمة الْبَارِدَة عَام لَهما جَمِيعًا وَكَذَلِكَ الجشاء الدخاني
والبارد أَيْضا إِمَّا أَن يكون فِي تجويف الْمعدة وَإِمَّا مداخلا لجرمها ويعمها أجمع قلَّة الْعَطش وَالِانْتِفَاع بالأطعمة الحارة وَكَثْرَة شَهْوَة الطَّعَام ويخص الْخَلْط المنصب فِي جوفها إِذا تنَاول أَطْعِمَة جلاءة كالعسل وَنَحْوه كَانَ فِي قيئه خَاصَّة وَفِي برازه بلغم خَاصَّة ويخص المداخل لجرم الْمعدة الغثى مَعَ عدم مَا يخرج بالقئ لَكِن لاعطش مَعَه إِذا كَانَ عِنْد البلع وجع شَدِيد وَكَانَ يخرج قبل ذَلِك بالقئ شَبيه بالأغشية فَفِي المئ قرحَة وَإِن كَانَ الوجع أَشد وَكَانَ مَوْضِعه أَشد انسفالا فالوجع فِي فمها وَإِن كَانَ الوجع من قُدَّام مَعَ خُرُوج شئ من دَلَائِل القروح بالقئ فالقرحة فِي الْمعدة فَإِذا كَانَ من خلف فالقرحة فِي المرئ والغثيان يدل على أَن فَم الْمعدة عليل وَإِذا لم يتَغَيَّر الطَّعَام أصلا فقد كمل برد الْمعدة وَإِن كَانَ يفْسد إِلَى الحموضة فَهُوَ من ضد الْمعدة والتدخن من حرهَا قَالَ: والغثى إِنَّمَا يحدث من فَم الْمعدة فَقَط التُّخمَة تكون من برد أَو من
القوى الطبيعية القراقر عرض لَازم لسوء استمراء الْغذَاء على الطَّعَام لِأَنَّهَا إِن لم تحتو عَلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ حدث بَينهَا وَبَين الطَّعَام فضاء يجول فِيهِ الرِّيَاح والرطوبات.
شراب حب الآس يقطع سيلان الفضول إِلَى الْمعدة وقشور الأترج تقوى الْمعدة ويعين على الهضم مَعُونَة يسيرَة.
ابْن ماسويه: لحم الأترج خاصته تطفئة الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْمعدة د: الْإِذْخر نَافِع من أوجاع الْمعدة وَهُوَ نَافِع من أورامها والأقحوان الْأَبْيَض مَتى شربت أَطْرَافه جفف جملَة مَا يتجلب إِلَى الْمعدة والأحمر يجفف جَمِيع أَنْوَاع السيلان إِلَى الْمعدة.
فِي الجشاء والفواق والقراقر والرياح الْخَارِجَة من أَسْفَل والرياح الَّتِي تورم الْبَطن وَالْجنب وَالرِّيح السوداوية الَّتِي تنفخ الْمعدة ووجع الْجنب الْقَدِيم وانتفاخ واختلاج مَا دون الشراسيف وَالرِّيح فِي جَمِيع الْجِسْم والمغص وَالصبيان الَّذين تنتفخ بطونهم.
السَّادِسَة من الْعِلَل والأعراض القراقر تتولد من النفخ والنفخ لَا يتَوَلَّد إِذا لم يكن فِي الْبَطن حرارة الْبَتَّةَ ولايتولد إِذا كَانَ فِي الْجِسْم حرارة قَوِيَّة إِلَّا أَن يكون فِي الأغذية قُوَّة تولد الرِّيَاح ولابد من تولد النفخ من الأغذية المولدة للنفخ عِنْد الهضم لَكِن ذَلِك يكون قَلِيلا يستفرغ الجشاء فَأَما إِذا كَانَ عمل الْحَرَارَة فِي الْغذَاء ضَعِيفا وَجعلت تعْمل فِيهِ تذيبه أَولا أَولا ولاتهضمه هضما محكما فَإِنَّهُ يتَوَلَّد من ذَلِك ريَاح نافخة وَإِذا لم يكن فِي طَاقَة
الْمعدة والأمعاء دفع هَذِه النفخ بالجشاء والرياح الْخَارِجَة من أَسْفَل هَاجَتْ قراقر وتدل بِنَوْع الصَّوْت على حَال الْموضع وَحَال النفخ فَإِذا كَانَ الصَّوْت حادا دَقِيقًا فدورانه من معى ضيق جال لَا محَالة وَهِي بَقِيَّة من الرُّطُوبَة الهوائية وَإِن كَانَت الرّيح بخارية فصوتها يكون كَذَلِك فِي الصغر إِلَّا أَنه صَادِق الحدة وَلَا يكون دَقِيقًا وَجَمِيع الْأَصْوَات الَّتِي إِلَى الحدة والدقة يكون فِي المعى الدقاق وَكلما انحط نَحْو المعى الْوَاسِع كَانَ مَا يسمع من صَوته أقل والأصوات الَّتِي تكون فِي الأمعاء الْغِلَاظ إِذا كَانَت خَالِيَة من الفضول تكون هائلة وَإِن كَانَ مَعَ رُطُوبَة لم يكن الصَّوْت صافيا وَإِن كَانَ بِلَا رُطُوبَة كَانَ صافيا وصفاء الصَّوْت يدل إِمَّا إِلَى نقاء الأمعاء من الرطوبات أَو على أَن فضلا يَابسا محتقنا فَوق والقراقر الَّتِي مَعَ خضخضة وَخُرُوج الثفل بالصوت يكون لرطوبة وريح بخارية وضيق الْآلَة.
جَوَامِع الْعِلَل والأعراض القراقر تكون عَن ضعف القابضة من الطَّعَام وَالشرَاب وَقَالَ فِي الْكتاب مَتى لم ينهضم الطَّعَام فِي الْمعدة هضما محكما لَكِن كَانَ فِيمَا بَينهَا وَبَين الطَّعَام قرحَة حدث عَنْهَا قرقر الفواق يكون عَن شَيْء يُؤْذِي الْمعدة بِبرْدِهِ كَالَّذي يعرض فِي الناافض أَو بلذعه كَمَا يفعل فِي لذع الْخَرْدَل مَتى كَانَت الْحَرَارَة تبلغ من قوتها أَن تحلل الطَّعَام شَيْئا بعد شَيْء ولاتبلغ قوتها فِي الْحَرَارَة أَن تبرز تِلْكَ الرِّيَاح تولدت فِي الْبَطن نفخ وَهَذِه إِذا بقيت فِي الْبَطن كَانَ لَهَا أصوات وَقد يكون بقبقة وَرُبمَا كَانَ صَوتا صافيا وَرُبمَا كَانَ متوسطا وَرُبمَا كَانَ خفِيا والبقبقة تكون من ريح يخالطها رُطُوبَة والصافي يكون إِذا كَانَت الأمعاء ضَعِيفَة وَالرِّيح كَثِيرَة غَلِيظَة وَمَعَهَا شَيْء من الرُّطُوبَة وَإِن كَانَت الرِّيَاح أَكثر حرارة فتحركت كَانَت قراقر وَإِن كَانَت أقل حرارة كَانَت نفخا والبقبقة تدل على قيام ببراز رطب.
الثَّامِنَة من الميامر: الفواق يحدث مرّة من برودة فِي الْمعدة وَمرَّة من امتلاء وَمرَّة لتلذيع حَادث عَن رطوبات خبيثة.
قَالَ: كثيرا مَا يكون الفواق من أخلاط حادة أَو صديد أَو أدوية تلذع فَم الْمعدة أَو طَعَام يفْسد فِيهَا أعنى الْمعدة وَإِذا قاءه الْإِنْسَان سكن فواقه وَرُبمَا برد فَم الْمعدة فَعرض من أَجله فوَاق وَالصبيان يعرض لَهُم الفواق دَائِما من فَسَاد الطَّعَام فِي الْمعدة وَمن برودة فمها ويعرض من طَعَام كثير قد ثقل على فمها وَمن حِدة لذعته والقئ أَنْفَع مَا عولج بِهِ هَؤُلَاءِ والتسخين أبلغ مَا يعالج بِهِ من يُصِيبهُ فوَاق من برد وينفع من الفواق إخدار الْحس بأدوية كَثِيرَة وَمن وَجه آخر يَنْفَعهُ مِنْهُ تَحْلِيل تِلْكَ الأخلاط بأدوية ملطفة مجففة وَمن وَجه آخر بتربد مزاج تِلْكَ الْأَشْيَاء اللذاعة بِمثل هَذَا القرص: قسط زعفران ورد طري مصطكى من كل وَاحِد أَرْبَعَة أسارون مثقالان صَبر مثله أفيون مِثْقَال يعجن
بعصارة بزر قطونا ويسقى مِنْهُ نصف مِثْقَال بِبَعْض الْمِيَاه الْمُوَافقَة بالبزر قطونا والأفيون ممايخدر والسنبل يحلل ويقوى والأسارون يحدر الرطوبات بالبول وَالصَّبْر يحدرها بالاستفراغ والقسط والزعفران يقويان ويسخنان وَهَذَا القرص نَافِع من الفواق الشَّديد.
يَجْعَل تأليف أدوية الفواق بِحَسب هَذِه الْأَغْرَاض تَقْوِيَة فَم الْمعدة وإسخانها إِن احتجت وتلطيف الأخلاط والرياح وإخدار الْحس وتركب بِمِقْدَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ قرصا جَامعا كَهَذا خُذ سكا سنبلا دَار صينيا نانخواه أفيونا بزر كرفس يقرص ويسقى فَمن تتولد فِي معدته مرّة سوادء)
تنفخ معدته النفخة تضمد معدته فِي وَقت النّوبَة بخل ثَقِيف مسخن فِي أسفنجة فَإِن بقيت النفخة فضع عَلَيْهَا شَيْئا طَربا مَعَ قلفت مسحوق معجون بِعَسَل وَخذ جُزْء صَبر وشبا جزأ مسحوقا معجونا بِعَسَل أَو خُذ جُزْء قلقنت وأخلطه بقيروط وَضعه عَلَيْهَا فَإِذا طبخ أخثاء الْبَقر الراعية يَابسا بشراب وَوضع عَلَيْهِ نَفعه ثمَّ اسْقِهِ إبارج وَنَحْوه قَالَ فآما من تعرض فِي معدته نفخة وتمدد فاطبخ حزمة جعدة واسقه الطبيخ أَو أطبخ فوتنجا جبليا بعد أَن تنقعه لَيْلَة وَخذ من طبيخه فاخلط بِهِ شَيْئا من عسل ومثقال فلفل واسقه قَالَ: وكمدة الْمعدة وضع عَلَيْهَا محاجم وَحَملَة شياقة تخرج الثفل وَالرِّيح وَإِن كَانَ التمدد صعبا فافصد فَهُوَ من أقوى مَا تعالج بِهِ الْإِسْكَنْدَر احذر أَن تسقى من تتولد السَّوْدَاء فِيهِ عَن احتراقات هَذِه فَإِن أَيْضا تصلح لمن يتَوَلَّد فِيهِ خلط سوداوى بَارِد غليظ.
لَيْسَ لكَلَامه كَبِير محصول.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "الْأَدْوِيَة الَّتِي تصلح لأورام الْمعدة والكبد 6"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel