بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

جَوَامِع الْعِلَل والأعراض 3

التَّاسِعَة من الْأَدْوِيَة المفردة قَالَ: الطين الأرميني ينفع نفعا عَظِيما من فِي رئته قرحَة لِأَنَّهُ يجفّف الْجرْح الَّذِي فِي رئتهم حَتَّى لَا يسعلوا بعد ذَلِك إِلَّا أَن يَقع فِي تدبيرهم خطأ لِأَنَّهُ قويّ التجفيف وقروح الرئة تَنْفَع بالأدوية المجففة جدا حَتَّى أَن أَصْحَابهَا يظنون أَنهم قد برؤا برأَ تَاما وَكَذَلِكَ يَنْفَعهُمْ الْهَوَاء الْيَابِس وَلذَلِك كَانَ يمْضِي أَصْحَابه من رومة إِلَى بِلَاد النّوبَة وَمن مضى مِنْهُم إِلَى هُنَاكَ وَلم يُخطئ التَّدْبِير عَاشَ سِنِين كَثِيرَة وَأما من أطلق نَفسه وأفسد التَّدْبِير فنكسوا قَالَ: وَأَنا أرى أَن قُرُوح الرئة تصفّر وتجفّ بالأدوية المجففة حَتَّى تنطبق وَإِن كَانَت لَا تلتحم كالحال فِي النواصير فَإِن هَذِه أَيْضا مَتى نقيت ثمَّ عولجت بدواء مجفف ضمرت وانطبقت.

الرَّابِعَة عشر من النبض قَالَ: شرّ ضروب نفث الدَّم وأخبثها وأسرعها فِي فَسَاد الرئة الضَّرْب الَّذِي عَن التأكّل فِي بعض الْعُرُوق وَالْآخر يكون من آفَات تحدث فِي نفس الرئة وَأكْثر مَا يكون من نفث الدَّم وخاصة إِذا كَانَ ذَلِك من انصداع عرق قَالَ: الْأَبدَان المستعدّة للسلّ هِيَ الَّتِي الصَّدْر مِنْهَا ضيّق قَلِيل السّمك حَتَّى ترى الْكَتِفَيْنِ مِنْهَا ناشزين بارزين إِلَى خلف بِمَنْزِلَة الجناحين والأبدان الَّتِي تمتلي رؤسها سَرِيعا ينحدر مِنْهَا نزلات حادة إِلَى الرئة فَإِن ألف ألف اجْتمع الْأَمْرَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُجْتَمع فِيهِ مشرفاً على طرف السلّ غَايَة الإشراف وَذَلِكَ أَن تداوم النزلات يحدث السلّ على طول المّدة وَإِمَّا أَن ينصدع فِي الرئة عرق لِضعْفِهَا وضيق مَكَانهَا.


لي هَؤُلَاءِ تنزل إِلَيْهِم نزل فيسعلون لذَلِك والسعال رَدِيء بهم لضيق صُدُورهمْ فَيكون السعال سَببا لصدع الْعُرُوق وَإِذا نزلت بعد ذَلِك النَّوَازِل الحادة استحكم الْأَمر.

من تَفْسِير إبيذيميا لثالثة من السَّادِسَة: يَكْفِي فِي الاستعداد لأمراض الرئة ضيق تجويف الصَّدْر وخاصّة لنفث الدَّم.
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة: كَانَ أَكثر من يَقع فِي السلّ الزعر الْبيض النمش المجنحون الَّذين إِلَى الْحمرَة مَا هم السهل الْعُيُون قَالَ جالينوس: الأمزاج الْبَارِدَة وخاصة الرّطبَة مستعدّة للنزل من الرَّأْس وَهِي لذَلِك مستعدّة للسلّ وَالنِّسَاء أشبه وقوعاً فِي السلّ من الرِّجَال لبرد مزاجهم وضيق صُدُورهمْ.
الثَّالِثَة من السَّادِسَة قَالَ: رَأَيْت المجنحين يقعون فِي نفث الدَّم سَرِيعا من الصَّدْر وَرَأَيْت أَنه يتَوَلَّد فيهم ريَاح وَنفخ كَثِيرَة وَيكون ذَلِك معينا على مَا يقعون وَأرى أَن الرِّيَاح تتولد فيهم لصِغَر قُلُوبهم لِأَن قُلُوبهم صَغِيرَة لصِغَر صُدُورهمْ وَالْقلب إِذا صغر قلت حرارة الْبدن كُله) قَالَ: النَّوَازِل الَّتِي فِيهَا حِدة وحرارة وَلَا يُمكن أَن تبقى فِي الرئة حَتَّى تنضج وتنفث لِأَنَّهَا تسبق فَتحدث فِي الرئة تأكلا لحدتها فَلذَلِك هِيَ خبيثة رَدِيئَة فَأَما مَا لَيْسَ مَعهَا حِدة فَإِنَّهَا تنضج وَتخرج بالنفث وَإِن بقيت فِي حَالَة مّا يشده لذعاً تهيج سعالاً شَدِيدا حَتَّى يهزّ الرَّأْس هزاً شَدِيدا فَيحدث فِيهِ بِسَبَب ذَلِك امتلاء ثمَّ يعود فينحدر مِنْهُ نزلة أَيْضا وَرُبمَا صدعت فِي الرئة عرقاً لشدَّة السعال فَلذَلِك هِيَ رَدِيئَة مَكْرُوهَة لعظم خطرها فقد بَان إِنَّهَا رَدِيئَة نفثت أم لَا.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة: يَنْبَغِي للَّذين صُدُورهمْ عليلة أَن يتوقوا جَمِيع الأغذية الَّتِي تملأ الْبدن جدا والحريفة ويتقّون الصياح وَالْغَضَب وَجَمِيع مَا يمدد الصَّدْر بِقُوَّة.
السَّادِسَة من السَّادِسَة: قد اعْتَادَ الْأَطِبَّاء وَأَصَابُوا بنقلهم من بِهِ قرحَة فِي رئته إِلَى بلد يَابِس كَمَا ينقلون من بِهِ سلّ من رومة إِلَى بلد النّوبَة.
لي يَنْبَغِي أَن نَنْظُر فِي ذَلِك وَالْأَمر مَعْلُوم أَنهم إِنَّمَا ينقلون إِلَى الْهَوَاء الْيَابِس من قد استحكمت فِيهِ قرحَة الرئة وأيس من برءها وَإِنَّمَا تداوى لتجفيفها فَقَط وَتبقى جافة.
السَّابِعَة من السَّادِسَة قَالَ: أَصْحَاب قُرُوح الرئة كَانَ القدماء يتكوونهم بمكاو تحمى وَيُوضَع على الصَّدْر وَيَنْبَغِي ألف ألف أَن يُبَادر وَلَا ينظر بذلك حَتَّى تتأكّل القرحة الَّتِي فِي الرئة وتعظم قَالَ: وَأَصْحَاب السلّ إِذا قربوا من الْمَوْت بلغ من صغر نفسهم أَلا يحس إِلَّا بغاية الْعِنَايَة لتفقده.
الأولى من الأهوية والبلدان: أَصْحَاب الْأَبدَان الصلبة والبلدان الْبَارِدَة مستعدة لانخراق الْعُرُوق من أَسْفَل الرئة أَكثر من أَصْحَاب الْبلدَانِ الحارة والأبدان اللينة قَالَ: والرطوبات إِذا أزمنت فِي الرئة والصدر تقيحت.
الْيَهُودِيّ: دَوَاء لنفث الدَّم كندر وَدم الْأَخَوَيْنِ وجلنار وكهربا وخشخاش أسود وصمغ عَرَبِيّ وطين أرميني وزراوند صيني أَجزَاء معتدلة سقى الراوند يسقى مِثْقَال وينفعهم اللَّبن الحامض إِذا شربوه وَاللَّبن المغلي بالحديدة ويضمد الصَّدْر بضماد العفص.
اهرن قَالَ ج: قد كنت أَسْقِي صَاحب قرحَة الرئة الْعَظِيمَة الأفاويه والأدوية الْيَابِسَة لأجفف بذلك بعض عفن القرحة وَكنت أعطيهم أمروسيا ومثروديطوس الترياق والسجرنا نايا لتجفيف تِلْكَ الرُّطُوبَة وَلم ينج مِنْهُ الْبَتَّةَ قَالَ: وللقروح العتيقة الَّتِي فِي الرئة تلعق ملعقة صَغِيرَة من قطران بِالْغَدَاةِ.)
بخور ينفع من النفث المنتن والسعال الْقَدِيم: زرنيخ أَحْمَر يسحق بِسمن الْغنم ويطلى على ورق سدر ويجفف وتدخن مَتى شِئْت بِوَرَقَة أَو ورقتين.
آخر: خُذ زرنيخا أصفر وزاوند طَويلا وقشور أصل الْكبر اسحقه بِسمن واجعله بنادقاً وارفعه عِنْد الْحَاجة لّفها فِي قطنة وبخّر العليل فِي الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات وجسه بعد مَا يفرغ جيدا بِسمن الْغنم أَو دخّنه بالقنة أَو خُذ زرنيخا أَو جوزبوا صَغِيرا فاعجنه بدهن شيرج ودخنه بِقدر بندقة.
الطَّبَرِيّ: لنفث الدَّم يسقى اللَّبن على هَذِه الصّفة مخيضاً وَهُوَ حليب وَيخرج زبده ثمَّ يطْبخ بِقطع حَدِيد محمية يلقى فِيهِ ويسقى قَلِيلا قَلِيلا.
اهرن: قَالَ إِذا حدث فِي الرئة ورم حَار فَإِنَّهُ تلْزمهُ الْحمى الحارة قبل أَن تتقيح وتنضج وتحمر وجنتاه فَإِذا نضج الورم وهاج نقصت الْحمى وَصَارَت دقيقة لَازِمَة ونهك الْجَسَد واحدودبت الْأَظْفَار.
(الْفرق بَين ذَات الرئة وَذَات الْجنب) وَذَلِكَ بِشدَّة ضيق النَّفس جدا حَتَّى كَأَنَّهُ يختنق وَلَا يقدر أَن يتنفس الطَّبَرِيّ. . والنفث مَعَه بلغمي والوجع فِي الصَّدْر وَأما ذَات الْجنب فَإِنَّهُ يقدر أَن يتنفس نفسا عَظِيما وَلَو أَن نَفسه مُخْتَلف بِحَسب الْمَادَّة والوجع فِي صَدره حِينَئِذٍ فَفرق بَين هذَيْن نعما إِن شَاءَ الله.
النبض: إِن النبض فِي ذَات الرئة لين موجي وَفِي ذَات الْجنب صَلِيب نحيف متواتر وَلَا تحمر الوجنتان.
أهرن قَالَ: إِذا نظرت فِي أَمر الدَّم من أَن يشق يوجع العليل عِنْد ألف ألف النفث فافصد فَإِن أوجعهُ صَدره كُله فافصده من يَدَيْهِ جَمِيعًا أكحليه وَقَالَ: فَإِن أشرف نفث الدَّم فاربط السَّاقَيْن والعضدين وادلك الْقَدَمَيْنِ وباطن قَدَمَيْهِ خَاصَّة وأمرخه بدهن حَار.
لي إِذا كَانَ بعقب نفث الدَّم ضيق نفس شَدِيد جدا وكرب وعرق بَارِد فَاعْلَم أَن الدَّم جمد فإياك حِينَئِذٍ والقوابض وأعطه الملطفة والسكنجبين وبزورا حَتَّى يلطف وينقيه وينفع مِنْهُ دَوَاء الكركم سكنجبين وَمَاء حَار وزن دِرْهَم وَمَاء الكرّاث وَنَحْوه مِمَّا يحلل الدَّم وينفع من نفث الدَّم اللَّبن المخيض الْمَطْبُوخ بالحديد والأضمدة القابضة على الصَّدْر وينفع مِنْهُ أَن يبل الصُّوف لي ضماد جيد إِذا طلى على الصَّدْر منع نفث الدَّم وعَلى الْمعدة يمْنَع الْقَيْء وعَلى الأمعاء) منع الإسهال يُقَوي وَيقبض يُؤْخَذ من اللبان والجلنار والأقاقيا وماميثا وشبّ وراسن وَورد وبزربنج وقشور اليبروج وَمر وصبر وزعفران يسحق الْجَمِيع ويعجن بخل جيد ممزوج ويطلى بِهِ.
أهرن: للقروح العتيقة فِي الصَّدْر يُؤْخَذ ملعقة صَغِيرَة من قطران فَيعْطى الْمَرِيض غدْوَة فَإِنَّهُ جيد أَو يَأْخُذ شَيْئا من القنة السائلة فأذبه بِمثلِهِ عسل ويلعق مِنْهُ سَمِعت غير وَاحِد وَصَحَّ من تَوَاتر الْأَخْبَار أَنهم رَأَوْا قوما ينفثون مُدَّة مُنْتِنَة بعقب نفث الدَّم برؤا مِنْهُ بِلَبن الْمعز وَمِنْهُم بِلَبن الأتن وَبرئ وَاحِد مِنْهُم فِي عشْرين يَوْمًا وَكَانَ أَبوهُ يحلب لَهُ اللَّبن من أتان وَيَجِيء بِهِ إِلَيْهِ لَيْسَ على الْمَكَان لَكِن بعد نصف سَاعَة وَأكْثر فبرئ على الْمَكَان بِهَذَا اللَّبن على أَنه لم يشربه سَاعَة حلب وَبرئ فِي عشْرين يَوْمًا وَكَانَ شَابًّا حَدثا.
بولس قَالَ: ذَات الرئة ورم حَار يعرض للرئة وَيكون أَكثر ذَلِك مَعَ نزلات شَدِيدَة أَو مَعَ ذبحة أَو مَعَ ربو أَو شوصة أَو أسقام أخر وَرُبمَا كَانَ ابْتَدَأَ هَذَا السقم من ذَاته وَيكون مَعَه عسر نفس وَحمى حادة تشبه المحرقة وَثقل فِي الصَّدْر وامتداد وامتلاء كثير فِي الْوَجْه والتهاب وتصاعد بخار كثير إِلَى فَوق كتصاعد النَّار وتحمر الوجنتان والعينان وأجفانها إِلَى فَوق مائلة إِلَى أَسْفَل وَالْعُرُوق الَّتِي فِيهَا ممتلئة والأغشية الَّتِي فِي الْعين كَأَنَّهَا شحمة بانية وبقدر حرارة هَذِه الْأَعْرَاض تكون حرارة الورم مِمَّن عرضت لَهُ هَذِه الْعلَّة من عِلّة أُخْرَى تقدمتها فليجتنب الفصد وخاصة إِن كَانَت الْعلَّة الَّتِي تقدّمت مزمنة وَكَانُوا قد افتصدوا فِي ابْتِدَاء تِلْكَ الْعلَّة وَليكن اسْتِعْمَال الحقن فِي أَوْقَات الرَّاحَة وَاسْتِعْمَال الْحجامَة وتعلّق المحاجم كَثِيرَة عَظِيمَة على الصَّدْر والأضلاع مَعَ ألف ألف شَرط وَإِن كَانَ سقم الرئة ابْتِدَاء فابتدأ بالفصد أَو بحجامة السَّاق وتلطف التَّدْبِير وتضمد الصَّدْر بِمَا يُرْخِي ليسكن الوجع وَيحدث إِلَى خَارج ويليّن الْبَطن وَيسْتَعْمل الأغذية اللينة الَّتِي تُعْطى للسعال.
قَالَ: وَأما نفث الْمدَّة من الصَّدْر فَيكون إِمَّا من خراج فِي الرئة وَإِمَّا من نفث دم لم يلتحم وَإِمَّا من ذَات الْجنب وَإِمَّا من نَوَازِل حريفة دائمة تنزل من الرَّأْس ويستدل على الْخراج فِي الرئة بثقل الصَّدْر وسعال شَدِيد يَابِس بوجع شَدِيد وَرُبمَا كَانَ مَعَه نفث رُطُوبَة فيجفون بِخُرُوج تِلْكَ الرُّطُوبَة وَلَا يَصح تِلْكَ الجفة ويعرض لَهُم مَعَ الْحمى قشعريرة وَإِذا أَرَادوا الْكَلَام أَسْرعُوا فِيهِ لما يتأذون بِالنَّفسِ حَتَّى إِذا انفجر الْخراج وَجَاء فِي بعض الْأَوْقَات مّدة وَفِي بعض شئ شَبيه بالدردي وَرُبمَا نقوا بالسعال أَو بالبول أَو بالبراز فَسَلمُوا بِهِ من السلّ فَإِن لم يتقيئوا سَرِيعا) وَقَعُوا فِي السلّ لِأَن الرئة تتقرح فِي تِلْكَ المّدة فَإِذا وَقع فِي السلّ كمدت الوجنتان وذبل اللَّحْم ويتعقف الأظافر وَتَكون العينان دسمتين إِلَى الْبيَاض مَا هِيَ والصفرة وَإِذا وَقَعُوا فِي هَذَا السقم تكون قرقرة فِي الْبَطن وينجذب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق ويعرض لَهُم عَطش شَدِيد وَذَهَاب شَهْوَة الطَّعَام وَالَّذين يتقيئون رَدِيء الرّيح جدا.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to " جَوَامِع الْعِلَل والأعراض 3"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel