بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

جَوَامِع الْعِلَل والأعراض 2

الثَّانِيَة مِنْهُ يتبع الورم الْحَادِث فِي الرئة ضيق النَّفس حَتَّى يظنّ العليل أَنه يختنق فينتصب لذَلِك جَالِسا وَيكون مَا يخرج مِنْهُ بِالنَّفسِ حاراً جدا وَلَا سيّما إِذا كَانَ الورم حمرَة ويستريحون إِلَى إِخْرَاج النَّفس الْعَظِيم واستنشاق الْهَوَاء الْبَارِد وينفثون نفثاً إِلَى الْحمرَة أَو الصُّفْرَة أَو زبدياً أَو أَخْضَر أَو أسود وَكَثِيرًا مَا يحسّون مَعَ هَذَا بثقل فِي جَوف الصَّدْر ووجع يَبْتَدِئ من عمق الْجِسْم ويبلغ إِلَى نَاحيَة القصّ وَإِلَى نَاحيَة عظم الصلب وَبِه حمى حادة ونبضه موجيّ ووجنته حَمْرَاء الثَّانِيَة من الأخلاط: صَاحب نفث الدَّم لَا يحب أَن ينظر إِلَى الْأَشْيَاء الْحمر وَذَلِكَ أَنه يجذب الدَّم إِلَى ظَاهر الْجِسْم بمشاكلته للرئة.

لي أرى هَذَا إِنَّمَا يفعل لِأَنَّهُ يذكرّ النَّفس بِالدَّمِ.

الثَّالِثَة: المجنحون من أجل ضيق صُدُورهمْ يعرض نفث الدَّم بِسُرْعَة من أدنى سَبَب.
الثَّانِيَة من تقدمه الْمعرفَة: من حدثت بِهِ من أَصْحَاب ذَات الرئة خراجات فِي أعالي الْجِسْم أَو فِي أَسْفَل مَوَاضِع الصَّدْر فَإِن تِلْكَ الخراجات تتقيّح وَتصير نواصير ويتخلّصون.

لي من انصباب المّدة فِي فضاء الصَّدْر قَالَ وَإِذا كَانَت فِي ذَات الرئة الْحمى لَا تسكن والوجع والألم لَا ينقص وَلم ينفث شَيْئا ذَا قدر يعتّد بِهِ وَانْطَلق بَطْنه نعما وَلَا بَال بولا فِيهِ رسوب كثير وَكَانَ الْمَرَض سليما فِي أَحْوَاله فتوقع مثل هَذَا الْخراج لِأَن إِحْدَى هَذِه الْأَشْيَاء إِذا كَانَ بِهِ بحران وَلم يحْتَج إِلَى شَيْء قَالَ وَإِذا كَانَ بالعليل فِي مَا دون الشراسيف شَيْء من الالتهاب حدثت بِهِ هَذِه الخراجات فِي أَسْفَل الصَّدْر وَأما الخراجات الَّتِي تعرض فِي أعالي الصَّدْر فَيعرض لمن كَانَ دون الشراسيف مِنْهُ رَقِيقا وَعرض لَهُ سوء تنفس يلبث مُدَّة مّا ثمَّ يسكن من غير سَبَب ظَاهر فَإِن ذَلِك يدل على ارْتِفَاع الأخلاط إِلَى فَوق كَمَا تدل حرارة فِي مَا دون الشراسيف وتمددها على انحطاطها إِلَى أَسْفَل وَأما الخارجات الَّتِي تحدث فِي الرجلَيْن فِي علل الرئة القوية الْعَظِيمَة الْخطر فَكلهَا نافعة وأفضلها مَا كَانَ يحدث والبصاق قد بِأَن فِيهِ النضج وَذَلِكَ أَنه مَتى كَانَ) حُدُوث الْعرض والألم بعد أَن يكون مَا ينفث بالبصاق قد تغيّر عَن الْحمرَة إِلَى حَال الْقَيْح وانبعث إِلَى خَارج كَانَت سَلامَة ذَلِك الْمَرِيض على غَايَة الثِّقَة وَكَانَ لَا يسكن الْخراج حَتَّى يذهب ألمه فِي أسْرع الْأَوْقَات فَإِن كَانَ مَا ينفث بالبصاق غير نضيج وعَلى غير مَا يجب وَلم يظْهر فِي الْبَوْل ثفل راسب مَحْمُود فَلَيْسَ يُؤمن أَن يفْسد الْمفصل الَّذِي يخرج فِيهِ أَو يلقى مِنْهُ سدة شَدِيدَة.

قَالَ ج حُدُوث ألف ألف الخراجات فِي السَّاقَيْن فِي علل ذَات الرئة الصعبة مَحْمُود لَا محَالة وَذَلِكَ أَنه بعيد من مَوضِع الْعلَّة مائل إِلَى أَسْفَل وخاصة إِذا كَانَ مَعَ نضج وَالدَّلِيل على النضج تغيّر البصاق واستفراغه بِكَثْرَة من غير عسر فَإِن حدث الْخراج فِي السَّاق قبل نضج الْمَرِيض تخلّص الْمَرِيض من الْخطر الَّذِي يتخوّف عَلَيْهِ من ذَات الرئة إلاّ أَن ذَلِك الْمفصل يعسر برئه وخليق أَن يزمن فِي بعض الْأَوْقَات فَإِن غَابَتْ هَذِه الخراجات بعد ظُهُورهَا وَيحْتَاج أَن ينفث لم ينفث بعد والحمى لَازِمَة فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ لَا يُؤمن أَن يخْتَلط عقل الْمَرِيض وَيَمُوت لِأَن الْخراج لم يتَحَلَّل وَلَوْلَا ذَلِك لسكنت الْحمى لَكِن رَجَعَ إِلَى دَاخل وَإِذا عرض مَعَه ضيق النَّفس مَاتُوا والمشايخ يموتون فِي التقيّح الْحَادِث عَن الرئة أَكثر وَمن قد طعن فِي السن وَأما فِي سَائِر المتقيحات لِأَن علل الرئة والصدر يحْتَاج أَصْحَابهَا فِي التَّخَلُّص مِنْهَا إِلَى بَقَاء وَذَلِكَ يتم لشدَّة الْقُوَّة القوية فالمشايخ لضعف قوتهم اقل سَلامَة مِنْهَا وَأما الشَّبَاب فلشدة قوتهم ينقون سَرِيعا وَأما سَائِر أَصْنَاف التقيح فيعني بِهِ الَّذِي تكون مَعَه حميات شَدِيدَة كالخراج فِي الْأذن وَنَحْوه فَإِن الْخطر على الشَّبَاب هُنَاكَ أَكثر لِأَن الحميات فيهم أَشد لِكَثْرَة حرارتهم.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: نفث الدَّم يعرض إِمَّا من ضَرْبَة أَو وثبة أَو ضجة أَو برد شَدِيد أَو نوم على الأَرْض بِلَا وطاً.
الْخَامِسَة: إِذا كَانَ بِإِنْسَان سلّ فَكَانَ الَّذِي يقذفه بالسعال منتنا إِذا بخّر بِهِ وَكَانَ شعر رَأسه ينتثر فَذَلِك من عَلَامَات الْمَوْت لِأَن الشّعْر حِينَئِذٍ إِنَّمَا يكون سُقُوطه لنُقْصَان الْغذَاء وفساده فِي الْجِسْم وَمن تساقط شعره من أَصْحَاب السل ثمَّ حدث بِهِ اخْتِلَاف فَإِنَّهُ يَمُوت لِأَن سُقُوط الشّعْر مِنْهُ دالّ على قلَّة أخلاطهم وضعفهم فَإِن حدث بهم مَعَ ذَلِك اخْتِلَاف فَذَلِك غَايَة الْقرب من الْمَوْت لِأَنَّهُ يذهب بِالْقُوَّةِ الْبَتَّةَ قَالَ إِذا خرج بالنفث دم زبدي فَإِن ذَلِك من جَوْهَر لحم الرئة ويدلّ دلَالَة خاصّة على القرحة فِي الرئة وَإِذا خرج من ضّجة أَو نَحْوهَا بنفث دم مشرق أَحْمَر) كثير لَيْسَ بزبدي فَإِن عرقا فِي الرئة انصدع قَالَ وَالدَّم الزُّبْدِيُّ خَاص بجوهر لحم الرئة إِذا حدث بِصَاحِب السلّ اخْتِلَاف.
الْخَامِسَة من الْفُصُول: قَالَ الثَّلج والجليد والأشياء المبردة عَلَيْهِ يحدث كثيرا انفجار الدَّم لِأَنَّهَا تفجر الْعُرُوق فِي الصَّدْر وتصدعها وتضرّ بالرئة والصدر.
السَّابِعَة مِنْهُ إِذا حدثت ذَات الرئة عَن ذَات الْجنب فَذَلِك رَدِيء وَقد ذكرنَا الْعلَّة فِي ذَات الْجنب وَإِذا حدث عَن ذَات قرانيطس فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ يكون إِذا كَانَ الْخَلْط المولد للورم كثيرا جدا.
السَّابِعَة: صَاحب السلّ لَا يزَال يزْدَاد هزالًا وَهُوَ حيّ مَا دَامَ يقدر على أَن يسعل فتنقى رئته فينبعث فَإِذا ضعف عَن ذَلِك سد مجاري رئته فاختنق وَمَات فَبِهَذَا الْوَجْه يكون موت المسلول من السلّ.
من الْمَوْت السَّرِيع: من كَانَ بِهِ سلّ فَظهر على فَكَّيْهِ حب كَأَنَّهُ ألف ألف باقلي مَاتَ اثْنَيْنِ وَخمسين يَوْمًا من كَانَ بِهِ السلّ فَظهر فَوق قفاء مِنْهُ حَبَّة كَأَنَّهَا باقلاً سَوْدَاء الْوَجْه وَلم ترجع وَكَانَ مَعَ ذَلِك سبات وَكَثْرَة نوم مَاتَ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِن ظهر بقدم إِنْسَان فِي ظَاهره ورم أسود على قدر بَيْضَة عرض لَهُ بَوْل واشتهى الْعشَاء الطَّوِيل والبطيخ مَاتَ إِلَى ثَلَاثَة أشهر.
من كتاب العلامات: عَلَامَات ذَات الرئة حمى حادة وَثقل فِي الصَّدْر ووجع بَين الْكَتِفَيْنِ والجنبين والصلب ويضجعون على القفاء وَلَا يضجع على جَنْبَيْهِ وَلَا يكَاد يختنق وَوَجهه أَحْمَر كالورد وَنَفس عَال سريع وَعَيناهُ رطبتان ويشهى الْبُرُودَة ويخشن لِسَانه والمجسّة صَغِيرَة وتلغظ رقبته وينتفخ وَجهه وَتَكون حَرَكَة عَيْنَيْهِ بطيئة ويبرد أَطْرَافه وتكمد ويعظم لِسَانه فَإِن انْتقل إِلَى ذَات الْجنب خفّ النَّفس.
من اخْتِصَار حِيلَة الْبُرْء: القروح الْعَارِضَة فِي الرئة خبيثة لِأَنَّهَا دائمة الْحَرَكَة وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا تصل إِلَيْهَا الْأَدْوِيَة بعد مُدَّة وَطول كثير جدا قَالَ: وقروحها ضَرْبَان: أَحدهمَا الشق الطري الَّذِي يَقع فِي الرئة وَيحْتَاج أَن يُبَادر بالحجامة قبل أَن يعرض لَهُم ورم حارّ وَحمى وَبعد ذَلِك القروح الَّتِي قد مَاتَ ذَلِك مِنْهَا وَلَيْسَ يُمكن أَن تلتحم لَكِنَّهَا تداوى بِأَن تجفف بِشرب الْأَدْوِيَة النافعة لذَلِك تتهيّأ للعليل أَن يعِيش سِنِين كَثِيرَة وَبِه قرحَة فِي رئته وَقد تكون القرحة فِي الرئة عَن نزلة دائمة حرّيفة رقيقَة يتواتر نُزُولهَا إِلَى الرئة فَتحدث تأكّلاً فِي آلَات التنفس قَالَ وَهَذَا التأكّل مَتى كَانَ فِي)
ابْتِدَائه وَكَانَ قَلِيلا فَإِنَّمَا قَالَ الغشاء المغشي على قَصَبَة الرئة. . ولقصبة الرئة وَإِن بودر فِي علاجه فِي أوّل الْأَمر برِئ العليل برأَ تَاما وعلاجه الفصد مَتى ساعدت الْقُوَّة وتسخين الرَّأْس وحلقه بِالْمُوسَى ويلطخ بدواء يَابِس الْقُوَّة ثمَّ جفف الْمدَّة المنصبة مِنْهُ وَهَذَا الدَّوَاء هُوَ الثافسيا وَهُوَ أقوى مَا يسْتَعْمل فِي ذَلِك ودونه فِي الْقُوَّة مِمَّا يسْتَعْمل يزر الْحَرْف وزبل الْحمام وَأَنا اسْتَعْملهُ كثيرا وَيَنْبَغِي أَن يسقى أَيْضا أدوية البزور الَّتِي فِيهَا السليخة والأفيون فَإِن هَذَا الدَّوَاء يغلظ لي وَقد رَأَيْت السلّ يحدث بِقوم بِلَا أَن يتقدّمه نفث الْبَتَّةَ وَذَلِكَ يكون فِي الندرة وَقد رَأَيْت قوما يتقيئون خلطاً مرارياً ويدوم بهم ثمَّ تبَادرُوا مِنْهُ إِلَى السل وَقد ذَكرْنَاهُ فَأَما جَمِيع أَسبَاب السلّ فَهَذِهِ.
الرَّابِعَة من طيماوس: قَالَ البلغم المالح الَّذِي ينحدر من الرَّأْس إِلَى الرئة إِنَّمَا يُورث من السلّ مَا هُوَ فِي الْغَايَة من الرداءة.
لي الَّذين يكثر انحدار النَّوَازِل إِلَى صُدُورهمْ مستعّدون للسلّ وخاصة إِن كَانَت النزلة فِيهَا من حِدة والصدر يضيق وَإِذا كَانَ المزاج مرارياً قَلِيل اللَّحْم والنوازل تنزل فِي صَدره كثيرا فَإِنَّهُ ألف ألف فِي غَايَة الاستعداد للسلّ لِأَن هَذِه النَّوَازِل حرّيفة حارة.
السَّابِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء: أمراض الحادة فِي غضاريف الرئة إِمَّا الِابْتِدَاء وَإِمَّا أَن يعسر برؤها وَأما الحادة فِي الغشاء المغشي على هَذِه الغضاريف الموصولة أَعنِي الغشاء المستبطن لقصبة الرئة من دَاخل كَانَ بُرْؤُهُ سَرِيعا إِلَّا أَن يعرض فِيهِ عفونة شَدِيدَة يتأكّل مِنْهَا حَتَّى ينْكَشف مَا تَحْتَهُ من الغضاريف.
السَّابِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء: قَالَ الْعُرُوق الضوارب الَّتِي فِي الرئة إِلَى أَقسَام قصبتها منافذ تنفذ فِيهَا الرّيح وَلَا ينفذ فِيهَا الدَّم مَا دَامَ الْبدن بِحَالهِ الطبيعي فَإِن خرجت هَذِه المنافذ فِي حَالَة إِلَى غير حَالهَا الطبيعي حَتَّى ينفذ فِيهَا الدَّم وصل إِلَى أَقسَام الرئة مستهلّ دم وَكَانَ مِنْهُ سعال وَنَفث دم.
لي يَنْبَغِي أَن تعلم أَنه لَيْسَ مَتى نفث إِنْسَان دَمًا بالسعال وَالْأَمر فِيهِ مهول عَظِيم دلّ على أَمر يعسر علاجه وبرءه لِأَنَّهُ قد يكون ذَلِك عَن هَذِه الْعلَّة وَقد يكون ذَلِك لانفتاح عروق كالبواسير وَغير ذَلِك لَكِن مَتى رَأَيْت مَعَ نفث الدَّم أعراضاً رَدِيئَة وَكَانَت الْأَسْبَاب رَدِيئَة سَابِقَة فَحِينَئِذٍ فَاعْلَم أَنه رَدِيء وَأما فِي غير ذَلِك فَلَا تخف وعلاجه فِي مَا يقبض أَن أفراط والفصد وَتَخْفِيف) الامتلاء.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to " جَوَامِع الْعِلَل والأعراض 2"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel