بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

جَوَامِع مَنَافِع الْأَعْضَاء

جَوَامِع مَنَافِع الْأَعْضَاء

الكبد الحارة جدا يتَوَلَّد عَنْهَا استسقاء فِي سرعَة مَعَ حمى. الْمقَالة الأولى من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ قولا: يجب مِنْهُ بِهَذَا الَّذِي أَقُول: إِنَّه قد يكون ضرب من الاسْتِسْقَاء يكون ذَلِك لضعف الكلى عَن جذب مائية فَينفذ الدَّم من الكبد مائياً وعلامته أَن يكون مَعَ ثقل فِي الْبَطن وَقلة مِقْدَار الْبَوْل علاج هَذَا إسخان الكلى بالضماد وإدرار الْبَوْل والتعرق فِي الْحمام عرقا الكلى يتصلان بالعرق العميق بعد إِن يطلع حدبة الكبد قَالَ ذَلِك فِي الْأَعْضَاء الألمة فِي هَذَا الْموضع وَفِي الْخَامِسَة عِنْد ذكر الكبد فِيمَا احسبه قد شَككت فاقرأه واقرء الَّتِي قبلهَا وَبعدهَا اجْتنب فِي الاسْتِسْقَاء الطبلي الْحُبُوب والغذاء المنفخ وَفِي الزقى شرب المَاء والبقول والأغذية المرطبة وَفِي

3 - (الْعِلَل والأعراض)

إِذا حدث استسقاء بَغْتَة فَإِن كَانَ الْجِسْم يذوب وينخل فَاعْلَم انه قد حدث فِي الْبدن ذوبان فعجزت (ألف ب) الكلى عَن جذبه وَلم ينصب إِلَى الأمعاء لرقته وخاصة إِن كنت قد رَأَيْت فِي البرَاز اخْتِلَافا كثيرا مثل مَاء اللَّحْم فَعِنْدَ ذَلِك تقوى الكلى على الجذب وَبرد الْبدن لتذهب الذوبانات.
أرخيجانس قَالَ: يسقى قوانوس من بَوْل الْمعز وَمن السنبل مِثْقَال أَو اسْقِهِ شرابًا أَبيض قد أنقع فِيهِ قثاء الْحمار واسقه نُحَاسا محرقاً وسداباً وخرؤ الْحمام وملحاً قَلِيلا واسقه وزن دِرْهَم فِي الشَّمْس دَائِما ورؤوسهم مغطاة ومرخهم بالزيت وَالْملح وَاضْرِبْ الْمَوَاضِع المنتفخة مِنْهُم بمثانة منفوخة كل يَوْم دَائِما فَإنَّك إذافعلت ذَلِك بهم ضمرت تِلْكَ الْمَوَاضِع ونقصت واشرط مَا يَلِي كعابهم واثقبها وأجلسهم على كرْسِي فَإِنَّهُ يسيل مِنْهُم رطوبات كَثِيرَة.

الأولى من الأخلاط: الاسْتِسْقَاء اللحمي يقْصد فِيهِ لاستفراغ الْبدن من البلغم بالإسهال أَولا ثمَّ بالقيء ثمَّ بالغرغرة لِأَن البلغم فِيهِ منبث فِي الْجِسْم كُله فَاسْتعْمل استفراغه
من جَمِيع النواحي واسقه أَيْضا مَا يقطع ويسخن فتدر بهَا الْعرق وَالْبَوْل وَبِالْجُمْلَةِ فَإنَّا نستعمل جَمِيع أنحاء الاستفراغ للبلغم أَلا ينبث فِي جَمِيع الْبدن وَأما الزقى فَإنَّا لَا نَفْعل ذَلِك لِأَن المَاء مَحْصُور فِي مَوضِع وَاحِد وَلَكنَّا نفصده بالأدوية الَّتِي تسهل المَاء كَمَا نفصد فِي اليرقان إِلَى الْأَدْوِيَة الَّتِي تسهل الصَّفْرَاء. تقدمة الْمعرفَة الثَّانِيَة قَالَ: الاسْتِسْقَاء مَعَ الْأَمْرَاض الحادة ردىء وَذَلِكَ أَن صَاحبه لَا يتَخَلَّص من الْحمى الشَّدِيدَة ويألم ألماً شَدِيدا وَيكون ذَلِك مَعَ ثقل. قَالَ: وَأكْثر مَا يكون الاسْتِسْقَاء لمشاركة الكبد للكلى وللطحال وللمعى الصَّائِم أَو لجداول الأمعاء الَّتِي تُؤدِّي الْغذَاء إِلَى الكبد أَو الْمعدة فَإِن الكبد يتَّصل بالكلى وَالطحَال والمعدة والأمعاء بعروق عِظَام وَبَعضهَا تماسها وَقد يعرض الاسْتِسْقَاء من الطحال إِذا حدث فِيهِ ورم عَظِيم تألم بِسَبَبِهِ الكبد قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَجَمِيع أَسبَاب الاسْتِسْقَاء تحدث عَن ضعف الْقُوَّة المولدة للدم إِذا قصرت عَنهُ كَمَا يعرض للمعدة فِي ضعف الهضم. قَالَ: الاسْتِسْقَاء الَّذِي يعرض من أجل أَن جداول الكبد المنفذة للغذاء إِلَيْهِ أَو المعى الصَّائِم إِذا كَانَ فِيهَا ورم حَار يعرض مَعَه ذرب طَوِيل لَا ينْحل بِهِ شَيْء من الْمَرَض وَذَلِكَ أَن الْغذَاء لَا ينفذ إِلَى الكبد على الْعَادة فَيكون مَعَه ذرب وَينصب أَيْضا من ذَلِك الورم الْحَار صديد إِلَى الأمعاء يحثها على الدّفع وَتَكون بطونهم فِيهَا)
وجع وانتفاخ والوجع يكون من اجل الورم الْحَار واللذع وَأما انتفاخه فَإِن الأمعاء تمتلئ ريحًا نافخة بِسَبَب بطلَان الهضم وَتثبت هَذِه الرّيح فِي الْبَطن لضعف الْقُوَّة الدافعة. لى بَان من كَلَامه هَاهُنَا أَن الاسْتِسْقَاء الَّذِي يحدث من الكبد زقى وَعَن فَسَاد الْمعدة والأمعاء طبلي وَأما الاسْتِسْقَاء الْكَائِن عَن ورم الكبد فَيعرض لصَاحبه أَن تَدعُوهُ نَفسه إِلَى أَن يسعل ثمَّ لَا ينفث شَيْئا يعْتد بِهِ إِلَّا رُطُوبَة قَليلَة دموية وَلَا ينْطَلق بَطْنه وَلَا يخرج مِنْهُ إِلَّا شَيْء يَابِس صلب باستكراه ويجد فِي بَطْنه أوراماً بَعْضهَا (ألف ب) فِي الْجَانِب الْيمن وَبَعضهَا فِي الْجَانِب الْأَيْسَر وَيظْهر أَحْيَانًا وَلَا يلبث أَن تغيب ثمَّ تعود إِنَّمَا يعرض لَهُ السعال لِأَن ورم الكبد أبدا يدافع الْحجاب فَيعرض لَهُ ضيق فِي نَفسه شبه مَا يعرض لمن فِي رئته شَيْء فيزيد السعال فَإِذا سعل علم أَن ذَلِك الضّيق لَا يَتَّسِع عَلَيْهِ بسعاله وَلَا ينفث شَيْئا لَهُ قدر وَلَكِن رُطُوبَة رقيقَة مائية بِمَنْزِلَة الزّبد فَهَذَا هُوَ الْفَصْل بَين الاسْتِسْقَاء من الكبد وَالْآخر الَّذِي تقدم ذكرهَا وَأما بَطْنه فُلَانُهُ لشدَّة الْحَرَارَة يبس بعض رطوباته من أجل الورم الْحَار فِي الكبد وَبَعضهَا يسير إِلَى الفضاء الَّذِي دَاخل الصفاق فَيكون مَا ينزل لذَلِك صلباً باستكراه.
الْفُصُول الأولى: الاسْتِسْقَاء مَعَ الْحمى مرضان متضادان وَيجب أَن يقْصد لأشدهما وأخوفهما وَإِن كَانَ يزِيد فِي الْأُخَر فَإِن ذَلِك مِمَّا لابد مِنْهُ إِن امكنك أَلا تغفل الآخر بِمَا ينفذ بِهِ فافعل.
الْفُصُول الرَّابِعَة قَالَ: إِذا كَانَ بانسان استسقاء فَجرى فِي عروقه مَاء إِلَى بَطْنه انحل مَرضه. قَالَ: من كَانَ بِهِ مغص وأوجاع حول السُّرَّة ووجع فِي الْقطن دَائِما لَا ينْحل بدواء مسهل وَلَا يُغَيِّرهُ فَإِن امْرَهْ يؤول إِلَى الاسْتِسْقَاء الطبلي لن هَذَا الوجع إِذا ثَبت فِي هَذِه الْمَوَاضِع لم ينْحل بالإسهال وَلَا يُغَيِّرهُ من العلاج فَإِن فِي هَذِه الْأَعْضَاء سوء مزاج رَدِيء قد استولى عَلَيْهَا جدا وَإِذا طَال الوجع آل إِلَى الاسْتِسْقَاء الطبلي وَلم يقل لم ذَلِك وَهَذَا يحْتَاج إِلَى نظر واستسقاء فَأَما إِن كَانَ هَذَا يظْهر بالتجربة هَكَذَا فغن ابقراط خليق أَن يكون لم يقل إِلَّا لذَلِك.
السَّادِسَة: إِذا دفعت طبيعة المستسقى من ذَاتهَا مَا انْقَضى بذلك مَرضه. قَالَ: وَمن يجْرِي مِنْهُ من المستسقى مَاء كثير دفْعَة هلك وَرُبمَا حدثت عَلَيْهِم حمى بل تحدث فِي الْأَمر الْأَكْثَر وَيتبع ذَلِك غشى وَمَوْت.
قَالَ: ذَلِك يعرض للمستسقين لِأَنَّهُ ينفش مِنْهُم روح كثير. لى يَعْنِي بخاراً حاراً لطيفاً. قَالَ: وَلِأَنَّهُ مَا دَامَ المَاء فِي الْبَطن فَهُوَ يحمل ثقل الورم الجاسي الَّذِي فِي الكبد فَإِذا استفرغ دفْعَة)
ارجحن وجذب مَعَه الْحجاب والصدر إِلَى أَسْفَل إِذا عرض للمستسقين سعال بِلَا سَبَب يُوجب السعال كالنزل وَغَيرهَا لَكِن من نفس علته ولغلبة المَاء وكثرته فَإِنَّهُ هَالك وَذَلِكَ أَنه يدل على إِن المَاء قد بلغ إِلَى قَصَبَة الرئة وأشرف على الاختناق. لى هَذَا قَول سمج وَذَلِكَ إِن المَاء تَحت الْحجاب فَكيف يبلغ قَصَبَة الرئة وَلَكِن الأولى فِي ذَلِك أَن كَثْرَة المَاء يزحم الْحجاب جدا فيضيق لذَلِك النَّفس فيهم السعال لظن العليل أَن ذَلِك يَنْفَعهُ كالحال فِي سعال الكبد. ج: إِذا كَانَ ذَلِك دَائِما أَبرَأَهُ قَالَ: فِي الْفَصْل الَّذِي قَالَ فِيهِ ابقراط من تحيز فِيهِ بلغم فِيمَا بَين الْمعدة والحجاب انه لَا يُمكن يدْخل هَذَا البلغم إِلَى الْعُرُوق كَمَا تدخل الرُّطُوبَة الرقيقة المائية فِي أَصْحَاب الاسْتِسْقَاء فِي الْعُرُوق فَيجْرِي فِي الْبَوْل. قَالَ: يجب أَن تعلم أَن على رأى أبقراط (ألف ب) لَا يَنْبَغِي أَن تطلب للأشياء مجاري لِأَن الطبيعة عِنْده إِذا كَانَت قَوِيَّة دفعت مَا تُرِيدُ دفْعَة وَلَو فِي الْعِظَام.
أبقراط: مَتى امتلئت كبده ماءاً ثمَّ انفجر ذَلِك المَاء إِلَى الغشاء الْبَاطِن امتلا بَطْنه مَاء وَمَات. ج: إِنَّه قد يحدث بِهِ نفاخات لماء فِي ظَاهر الكبد أَكثر من حُدُوثه فِي سَائِر الْأَعْضَاء وَإِنَّمَا تتولد هَذِه النفاخات فِي الغشاء الْمُحِيط بالكبد فقد نرى فِي كثير مِمَّا نذبح من الْحَيَوَان نفاخات فِي أعلي كبده مَمْلُوءَة من ذَلِك المَاء فَإِن اتّفق فِي بعض الْأَوْقَات أَن تنفجر هَذِه النفاخات فَإِن ذَلِك المَاء ينصب فَيصير فِي الفضاء الَّذِي فِي جَوف الغشاء الممتد على الْبَطن
فِي الْموضع الَّذِي يجْتَمع فِيهِ فِي المستسقين المَاء وَأما إِلَى الْحجاب الْبَاطِن الَّذِي هُوَ الثرب فَلَا يُمكن أَن ينصب تَحْتَهُ المَاء دون أَن يحدث فِيهِ ضرب من التأكل وَذَلِكَ لِأَن هَذَا الغشاء مُتَّصِل من جَمِيع نواحيه لَا جَوف فِيهِ وَلَا ثقب وَلَا يُمكن أَن يدْخل فِيهِ شَيْء من عُضْو من الْأَعْضَاء سوى الْمعدة والقولون وَالطحَال أَن يحدث فِي هَذَا الغشاء تَأْكُل فِي الْجَانِب الْيمن مِنْهُ عِنْد الكبد. قَالَ: وَأما من انصب هَذَا المَاء فِي بَطْنه مَاتَ فَإِنَّهُ يَعْنِي بالبطن هَاهُنَا جَمِيع الفضاء الَّذِي تَحت الْحجاب إِلَى عظم الْعَانَة وَقد يرى هَذَا الْموضع بِأَنَّهُ مَمْلُوء مَاء من أَصْحَاب الاسْتِسْقَاء ة قد يسلمُونَ فَلَيْسَ يُمكن إِن نستفرغ أَيْضا هَذِه الرُّطُوبَة كَمَا نستفرغ من المستسقين بالأدوية المسهلة والأدوية المدرة للبول والضمادات الَّتِي شَأْنهَا أَن تحلل الرُّطُوبَة.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: أنزل أَنه حدث فِي بعض النَّاس فِي الْجَانِب المقعر من الكبد ورم متحجر يخفي عَن الْحس مُدَّة مَا ثمَّ إِن نُفُوذ الْغذَاء إِلَى الْبدن فسد من غير أَن يمكننا أَن نعلم فِي)
ذَلِك الْوَقْت أَيْضا السَّبَب فِي ذَلِك فَلَمَّا طَال الزَّمن وَعرض الاسْتِسْقَاء وَلم يتَبَيَّن أَيْضا فِي ذَلِك الْوَقْت الورم المتحجر ثمَّ أَنه بِآخِرهِ يتَبَيَّن للجس بَغْتَة ورم صلب عَظِيم فأنكرنا ذَلِك لقلَّة معرفتنا بِالسَّبَبِ الَّذِي كَانَ فِي مَا مضى.
قَالَ: وَقد رَأَيْت ذَلِك فِي كثير من النَّاس وَذَلِكَ انه قد عرض لَهُم بَغْتَة ورم عَظِيم متحجر فَعلمنَا إِن هَذَا الورم قد كَانَ مُنْذُ مُدَّة طَوِيلَة وَإِن خفاءه إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب صغره وبسبب عظم العضل الَّذِي كَانَ على الْبَطن.
لى جملَة مَا يُمكن أَن يسْتَعْمل فِي الاسْتِسْقَاء مَا اسْتَعْملهُ جالينوس. نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة: إِن امْرَأَة كَانَ بهَا نزف مائي فبرئت بِهَذَا العلاج وَهَذَا علاج يُمكن إِن ينْقل إِلَى المستسقى بل هُوَ خَاص لَهُ فَإِن سقيتها مَا يسهل المَاء ثمَّ سقيتها بعد ذَلِك طبيخ الكرفس والأنيسون ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ سقيتها أَيْضا مَا يسهل المَاء ثمَّ سقيت الطبيخ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ سقيت مَا يسهل المَاء وَجعلت أدلكها بالمناديل واطل بدنهَا بالعسل الْمَطْبُوخ الْمبرد بعد ذَلِك تبريداً صَالحا فبرئت فِي خَمْسَة عشر يَوْمًا طلاء الْعَسَل يجتذب الرطوبات إِذا طبخ جيدا حَتَّى يغلظ ثمَّ يرد وطلى بِهِ وينوب عَنهُ مِنْهُ الْمَشْي والرمل الْحَار يندفن فِيهِ وَالْحمام الْحَار الْيَابِس وَغير ذَلِك إِلَّا أَن الإسهال الْمُتَوَاتر وإدرار الْبَوْل وتجفيف الْغذَاء إِذا أمكن فِي المستسقى فَهُوَ أعظم علاجه وَقد يُمكن أَن يسهل ويدر بَوْله بِلَا حرارة فِيهِ لَكِن ملاك هَذَا العلاج على المتواترة وتقوية الْقُوَّة بالطيوب المشروبة وَنَحْوهَا لِئَلَّا يسْقط الإسهال (ألف ب) الْقُوَّة وضمد الكبد بعد الهضم فِي كل يَوْم ساعتين بِمَا يقويها وَكَذَلِكَ الْمعدة من الطّيب الْقَابِض فَإِن هَذَا علاج لَا يعْدم الشِّفَاء إِلَّا أَن يَصح الاسْتِسْقَاء من ورم صلب فِي الكبد فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ وَإِن جف المَاء لم تذْهب عِلّة الاسْتِسْقَاء إِلَّا أَن يذهب ذَلِك الورم وَلَكِن قد يَنْبَغِي أَن يعالج اولاً ليجف المَاء ثمَّ ينفرغ بعد ذَلِك.
من كتاب العلامات قَالَ: قد يعرض الاسْتِسْقَاء بعد الذرب الذوسنطاريا كثيرا وَإِذا تمكن هَذَا السقم عرض مَعَه ضيق النَّفس وَبرد الْأَطْرَاف وَرُبمَا هاج السعال وَاحْتبسَ الرجيع وَالْبَوْل وَرُبمَا انفرغ الْبَطن مَاء ويرم ذكره فَهَذَا الزقى وَأما الطبلي فَإِنَّهُ يستريح بِخُرُوج الرّيح ويعرض فِي صُفُوف الاسْتِسْقَاء ضيق النَّفس والعطش وَقلة الشَّهْوَة للطعام وَقلة الْبَوْل وَحمى فاترة وَمِنْهُم من يظْهر بِهِ بثر فَإِذا تفقأت خرجت مِنْهُ رُطُوبَة صفراء وَالْمَاء الْكَائِن فِي ورم الكبد أَشد من المَاء الْكَائِن عَن ورم الطحال.) 3 (الغلظ الْخَارِج عَن الطبيعة) المَاء المحتقن بَين الصفاق وَبَين باريطاون والثرب وَهُوَ غشاء مؤلف من شَحم واغشية تحيط بالمعدة والأمعاء وَهِي تَحت الباريطاون وَفَوق الثرب.
من كتاب النفخ: بطن المستسقى إِذا نزل فَإِنَّهُ لَا تَأتي عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى يعود فيمتلىء فَأَي شَيْء يُمكن أَن يملاْ الْبَطن سوى الرّيح فِي هَذِه السرعة وَذَلِكَ انه لَا يرد الْبدن من الشَّرَاب هَذَا الْقدر فِي هَذِه الْمدَّة وَلَا يُمكن إِن يكون سَبَب ذَلِك اللَّحْم أَيْضا حِين يذوب لِأَن اللَّحْم فِي تِلْكَ الْحَال قد جف وقحل بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ وَكَذَلِكَ حَال الْعِظَام والعصبة حَتَّى أَنه لَا يُمكن أَن يتزيد المَاء عَن وَاحِد مِنْهُمَا. لى فِي هَذَا بحث فاستقصه.
من كتاب مَنْفَعَة التنفس قَالَ: الْحبّ المسخن الَّذِي يجلس فِيهِ المحبون أَنْفَع الْأَشْيَاء لَهُم وَذَلِكَ إِن المستسقى يستفرغ من جَمِيع بدنه هَذَا الْحبّ استفراغاً أَكثر مِمَّا يستفرغه فِي الْحمام وَيبقى لَا يختنق لِأَنَّهُ يجتذب هواءاً بَارِدًا لَا حاراً وَلَا تسْقط قوته. لى وَقد رَأَيْت فِي مَوضِع أَن هَذَا يُغني عَن النزل وَهُوَ جيد للحمى جدا.
القوى الطبيعية الأولى قَالَ: المَاء فِي المستسقى يجْتَمع فِي الفضاء الَّذِي ينزل بَين الصفاق والأحشاء قَالَ: إِن شققت مجْرى الْبَوْل لم يجده يدْخل فِي المثانة بَوْل الْبَتَّةَ وامتلاء الفضاء الَّذِي بَين الأمعاء والصفاق مَاء كَمَاء لَو كَانَ ذَلِك الْحَيَوَان مستسقياً.
وَمِنْهَا الْبَوْل يجييء إِلَى الكلى من الْعرق الأجوف بقناتين ممدودتين مَعَهُمَا إِلَيْهِ فَإِذا لم ينفذ الدَّم وَالْمَاء على حسب الْعَادة لسدد الكبد وَجب أَن تمتلىء الأمعاء من الرُّطُوبَة وَيخرج مِنْهَا على طَرِيق الرشح عِنْده إِلَى مَا بَين الأحشاء والصفاق.
وَمِنْهَا من الثَّانِيَة: الاسْتِسْقَاء الَّذِي يكون من تحجر الكبد ضرب وَاحِد من ضروب الاسْتِسْقَاء فَأَما الْكَائِن من النزف واحتقان الدَّم الرَّدِيء وَفِي من يشرب المَاء الْبَارِد من نزف بعض الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة الَّتِي فِي الْبَطن وَمن ذهَاب قُوَّة جذب آلَات الْبَوْل وَكلهَا الف ب الكبد فِيهَا غير وارمة إِلَّا أَنَّهَا بَارِدَة إِلَّا الصِّنْف الَّذِي يكون لامتساك الكلى عَن جذب الْبَوْل فَإِنَّهُ فِي هَذَا الصِّنْف يُمكن أَن يكون استسقاء والكبد بِحَالِهَا.
مَنَافِع الْأَعْضَاء الثَّانِيَة: المجاري الَّتِي بهَا يجتذب الكلى الْبَوْل من الكبد يتَّصل بالعرق الأجوف بعد خُرُوجه من حدبة الكبد. الْأَدْوِيَة المفردة الأولى: المَاء القراح من أردى الْأَشْيَاء للاستسقاء)
شربه اَوْ استحم بِهِ وَالْمَاء المالح والفقري والكبريتي جيد لَهُم لن هَذَا يجفف بِقُوَّة.
النبض السَّادِسَة عشر: إِذا تورمت الكبد ورماً صلباً فَلَا بُد باضطرار إِن يلْزمه حبن فَأَما الطحال فقد رايته كم من مرّة ورم ورماً صلباً وَلم يعقبه حبن قَالَ: إِذا شَككت فِي الاسْتِسْقَاء أَي نوع هُوَ فاقرع الْبَطن وتفقد الصَّوْت فَإِن الزقى واللحمي لَا صَوت لَهما والطبلي لَهُ صَوت وللزقي بالمخض للرطوبات إِذا قلبت العليل من جنب إِلَى جنب وَإِذا مخضته بِيَدِك بِشدَّة.
إبيذيميا الرَّابِعَة: الفصد يضر المستسقى فِي أَكثر الْأَحْوَال وَرُبمَا نفع فِي نَادِر وَإِنَّمَا نَفعه إِذا كَانَ سَببه احتباس دم كثير بَارِد أَو رَدِيء فِي الْجِسْم كَدم الْحيض والبواسير أَو غَيرهَا. قَالَ: صَاحب المزاج الْحَار الْيَابِس إِذا استسقى ناله من ذَلِك خطر شَدِيد لِأَنَّهُ مرض ضد مزاجه فَلَا يحدث إِلَّا من غَلَبَة قوته وَصَاحب الْبَارِد الرطب ردائته أقل من الْحَار الْيَابِس وَأكْثر من الْحَار الرطب لِأَن صَاحب المزاج الرطب رطوبته تسرع إِلَيْهِ هَذِه الْعلَّة من غير أَن يكون شَبِيها قَوِيا وبحرارته يبرأ مِنْهَا سَرِيعا وَأما صَاحب المزاج الرطب الْبَارِد فَإِنَّهُ يعرض من انطفاء حرارته الغريزية.
السَّادِسَة من الثَّانِيَة قَالَ: مِمَّا علمه القدماء وَالْحَدَث بالتجربة وَاتفقَ عَلَيْهِ أَن الاسْتِسْقَاء يكون من الأورام الصلبة فِي الكبد وَالطحَال وَمن فرط جرى دم الطمث والبواسير وَمن احتقانها قَالَ: وَقد يكون ابْتِدَاء الاسْتِسْقَاء ذرب الْبَطن إِذا كَانَ كثيرا جدا وَقد يكون ابتداؤه سعالاً دَائِما مزمناً وَقد يكون من برد الكبد وَمن دم بَارِد كثير الْمِقْدَار يجْتَمع فِي الْبدن من أخلاط نِيَّة إِلَّا أَن الْأَكْثَر وَالَّذِي لَا يزَال يكون إِنَّمَا هُوَ من اجل الكبد خَاصَّة ثمَّ الطحال إِذا حدثت فِيهِ صلابة وَمِنْهَا غَايَة الْأَطِبَّاء فِي الاسْتِسْقَاء أَن ينقوا ويفتحوا سدد الكبد وَذَلِكَ لَا شَيْء أضرّ لَهُ من شَيْء يُولد سدداً من الأغذية وَغَيرهَا.
قَالَ: وَسَقَى اللَّبن للمستسقى إِنَّمَا دلسه السوفسطائيون فِي الطّلب وخاصة إِن كَانَ قدره ثَمَان قوطولات كَمَا أَمر فَأَما شَيْء دون هَذَا الْمِقْدَار فَفِيهِ نظر فِي طبيعة الاسْتِسْقَاء ومزاجه ومزاج اللَّبن.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة: نَحن ندلك المستسقى اللحمي بالمناديل وبالدلك الصلب ونأمره
أَن يرتاض فِي مَوضِع غُبَار وَمن لم يحْتَمل هَذِه الْأَشْيَاء نثرنا على الْبدن أدوية مجففة ونمنعه الاستحمام حَتَّى يصلب وَكَذَلِكَ أَن نرهل عضوا مَا عالجناه بِهَذَا العلاج. لى على مَا رَأَيْت: تعلف العنز القاقلي والإيرسا وقثاء (ألف ب) الْحمار وشيئاً من المازريون الرطب واليابس يخلط فِي)
بعض الْحَشِيش الَّذِي يَأْكُلهُ وَإِن كَانَت حرارة فالهندباء ويسقى المستسقى من لبنه بسكر الْعشْر وَإِن شرب بَوْله فَهُوَ أحد وأجود فَإِن هَذَا ينفض المَاء وَهُوَ عَجِيب. السَّابِعَة من السَّادِسَة: جلدَة الْبَطن من المستسقى تمتد وتنتو السُّرَّة وتهيج قُرُوح الْفَم واللثة قبل الْمَوْت. قَالَ: النِّسَاء اللواتي يستسقين من احتباس الطمث يُشِير عَلَيْهِنَّ حذاق الْأَطِبَّاء بالفصد وَكَذَلِكَ على من استسقى لاحتباس دم كَانَ يعتاده كثيرا إِمَّا بالرعاف وَإِمَّا بالبواسير فَإِن فِي هَذِه الْمَوَاضِع قد ينْتَفع بالفصد وَيجب أَن يكون ذَلِك قبل سُقُوط الْقُوَّة وَأما ثقب الْبَطن والصفاق فَإِنَّمَا يضْطَر عَلَيْهِ بِآخِرهِ إِذا كثرت الرُّطُوبَة حَتَّى تثقل الْمَرِيض وتوهنه وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون فِي الزقى وَفِي هَذَا الضَّرْب الفضاء الَّذِي بَين الأمعاء وَبَين الصفاق مَمْلُوء من الرُّطُوبَة.
الأغذية الأولى قَالَ: الْأَطْعِمَة الميبسة للدم جَيِّدَة لمن فِي بدنه أخلاط مائية كالعدس المقشر.
المزاج الثَّانِيَة: الدَّوَاء الْمُتَّخذ بالذراريح ينفع أَصْحَاب الاسْتِسْقَاء مَنْفَعَة قَوِيَّة لشدَّة مَا يستفرغه بالبول.
الْيَهُودِيّ قَالَ: قد يكون من ورم طرف الكبد حصر الْبَوْل لِأَن الوريد الَّذِي يَأْخُذ المَاء من الكبد إِلَى الكلى يَنْضَم بالورم فيسد فَيرجع مَاء الدَّم إِلَى الأمعاء. قَالَ: اللحمى أقرب ضروب الاسْتِسْقَاء من الْبُرْء وَقد رَأَيْت خلقا برؤا مِنْهُ فاسقوهم حب الراوند وَلبن اللقَاح وَقد يسهل المَاء إِذا كَانَ مَعَ حرارة ببول الْمعز ثَلَاثَة أساتير مَعَ مثله مَاء عِنَب الثَّعْلَب وَإِن لم ينْتَفع بذلك سقى ألبان اللقَاح وَأَبْوَالهَا. قَالَ: فَهُوَ علاج اللحمى وعالج اللحمى بحب السكبينج وبقمحة الراوند وبقمحة السكبينج وَهُوَ دَوَاء نَافِع للرياح فِي الْجوف جدا سكبينج بزر كرفس جزؤ جزؤ هليلج جزؤ انجدان وحرف نصف نصف الشربة ثَلَاثَة دَرَاهِم وبالاثاناسيا والأميروسيا وجوارش البزور الطاردة للرياح فَإِن كَانَ بَطْنه يَابسا لينه دَائِما وَإِن كَانَ لينًا فاعطه الشجرنايا وَقد يسقون دهن الخروع بِمَاء الْأُصُول وَاجعَل غذائهم مَاء حمص بشبث وكمون وَإِذا سقيت دهن الخروع فضع على رَأس العليل دهن البنفسج ليمنع الصداع والسدد وخاصة إِن كَانَ العليل بصداع فِي علته.
حب الراوند على مَا رَأَيْته هُنَاكَ: راوند صيني نصف مِثْقَال عصارة قثاء الْحمار ربع دِرْهَم لبن الشبرم طسوج أفسنتين نصف دِرْهَم يَجْعَل حبا ويسقى شربة.
لى مطبوخ الفتة ليسهل المَاء: يُؤْخَذ من التربد خَمْسَة دَرَاهِم وَمن الشبرم دِرْهَمَانِ وَمن)
المازريون ثَلَاثَة دَرَاهِم وَمن الأفسنتين والاسطوخدوس ثَلَاثَة دَرَاهِم ثَلَاثَة دَرَاهِم وَمن الإيرسا وقثاء الْحمار ثَلَاثَة ثَلَاثَة يطْبخ بِثَلَاثَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يبْقى رَطْل وَنصف ويسقى ثُلثي رَطْل مَعَ عشرَة دَرَاهِم (ألف ب) .
الْيَهُودِيّ: أَو اسْقِهِ مَاء القاقلى ثَلَاثَة أَيَّام كل يَوْم رطلا وَعشرَة دَرَاهِم من السكر الْأَبْيَض وَفِي الثَّالِث كف واسقه مَاء الهندباء وَمَاء عِنَب الثَّعْلَب إِن كَانَت حرارة وَإِن كَانَ الْبرد غَالِبا فماء الْجُبْن والكرفس أوقيتان مَعَ قدر حمصة من الترياق وحمه فِي مَاء الكبريت وَإِن كَانَ فِي الكبد صلابة يما فضمدها ثمَّ حللها. لى مرهم يسهل المَاء: يُؤْخَذ روسختج وخرؤ الْحمام وعصارة قثلء الْخمار وشحم حنظل ومازريون وشبرم وإيرسا وأفسنتين اعجن الْجَمِيع ببول الماعز وَاجعَل على وَجهه قَلِيل دهن سوسن وألزقه على الْبَطن فَإِنَّهُ يسهل المَاء وَإِن شِئْت فَاتخذ من هَذِه حقنة فَإِنَّهُ يسهل المَاء وَإِن شِئْت فرزجة وَإِن علفت الماعز شَيْئا من قاقلى وشيئاً من مازريون فِي عَلفهَا كَانَ لَبنهَا جيدا جدا وَهَذِه الْأَشْيَاء يحْتَاج إِلَيْهَا عِنْد الْحَرَارَة وَأما فِي غير ذَلِك فَلَا.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "جَوَامِع مَنَافِع الْأَعْضَاء"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel