بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

مسَائِل أفيذيميا

مسَائِل أفيذيميا

قَالَ: ذَات الْجنب إِذا كَانَ الوجع فِيهَا يَسِيرا جدا وَكَانَ ينفث شَيْئا دموياً يجوز ألاّ يفصد فِيهِ لِأَنَّهُ يجتري بِسَائِر العلاجات الْأُخَر.

تياذوق: ضماد نَافِع لذات الْجنب والسعال شَحم ألف ألف البط والدجاج سمن الْبَقر وَالْغنم زوفا رطب وَأَيْضًا بزر كتّان وحلبة وإكليل الْملك وخطمى وفقاح إذخر وبابونج ودقيق شعير منخول بحريرة يطْبخ بِالْمَاءِ وبدهن الشيرج أَو بدهن النرجس إِن كَانَ بلغمياً ويطلى على خرقَة وَيُوضَع على الْجنب قَالَ: إِن كَانَ النفث صافياً أَبيض فِيهِ خلط دم فَإِن الوجع من الدَّم.

قاطا جانس الأولى مِنْهُ قَالَ أبقراط: إِذا كَانَ الوجع فِي الْحجاب وَكَانَ لَا يجد صَاحبه مسا فِي الترقوة فليّن الْبَطن بخربق أسود وبالدواء الْمُسَمّى بقلة بَريَّة لي هَذَا الدَّوَاء أحد اليتوعات.
ابْن سرابيون فِي الْفرق بَين ذَات الْجنب ووجع الكبد قَالَ: لَيْسَ مَتى وجد إِنْسَان وجعاً فِي الأضلاع وسعال فَإِنَّهُ ذَات جنب لَكِن إِن كَانَ مَعَ ذَلِك نفث ملّون فَهُوَ ذَات الْجنب فَإِن لم يكن نفث فقد يُمكن أَن تكون ذَات جنب لم ينضج وَيُمكن أَن يكون ورم الكبد لِأَن معاليق الكبد إِذا تمددت أحدث وجعاً فِي الْحجاب والأضلاع وغشائها وَلَكِن النبض فِي ذَات الْجنب صلب لَا يشبه نبض ورم الكبد وَلَا ينبعث من الْبَطن فِي ذَات الْجنب يشبه مَا فِي ذَات الكبد وَلَكِن لَعَلَّه لَيْسَ ورم الكبد بعد شَيْء يسيل من الْبَطن فجس المراق فَإِن كَانَ هَذَا فَهُوَ فِي الكبد ورم الكبد وَإِن لم يكن فعله فِي الحدبة حَيْثُ تغطي عَلَيْهِ أضلاع الْخلف فَمن العليل يتنفس أعظم مَا يكون وَانْظُر هَل يحس بِشَيْء مُعَلّق ثقيل فِي نَاحيَة أضلاعه وترقوته فَإِنَّهُ قد يحدث عَن ورم الكبد ضيق نفس لما نقع من ضغط الكبد للحجاب ووجع لهَذِهِ المعاليق ودغدغة تَدْعُو إِلَى السعال فَيُشبه ذَات الْجنب فِي أوّل الْأَمر فَإِذا طَالَتْ الْمدَّة انْكَشَفَ لِأَنَّهُ يلْزم ورم الكبد سَواد اللِّسَان أَو حمرته وَيحدث فِي ذَات الْجنب النفث. لي يُمكن الْفرق من السخنة وَالتَّدْبِير وَنَوع الوجع فَإِن ورم الكبد يكون اللَّوْن مَعَه رديئاً وَالتَّدْبِير مولّداً للسدد والوجع ثقيلاً مفرطاً وَذَات الْجنب يكون اللَّوْن فِيهَا أَحْمَر فَإِنَّهُ يحدث بالذين يكثرون الشَّرَاب وَيكثر فيهم الدَّم والوجع بنخس شَدِيد والوجع إِذا تنفس أَشد كثيرا) يستقصي.

فِي ذَات الْجنب: ذَات الْجنب مِنْهَا صَحِيحَة وَمِنْهَا غير صَحِيحَة فالصحيحة هِيَ الَّتِي يكون الورم فِيهَا فِي الغشاء الملبس على الأضلاع من دَاخل والغير صَحِيحَة مَا كَانَ الورم فِيهَا فِي العضل الَّذِي فِي مَا بَين الأضلاع أوجاع الأضلاع قَالَ والفصل بَينهمَا أَن الوجع فِي الصَّحِيح ناخس حاد لِأَنَّهُ فِي غشاء وَأما الآخر فَإِنَّهُ لَا يحس مَعَه بوجع ناخس حَار بل ضَرْبَان لِأَنَّهُ فِي اللَّحْم لَا فِي الغشاء وَأَيْضًا فِي الصَّحِيح يثقل الوجع وَفِي غير الصَّحِيح يكون ضرباناً ثَابتا فِي مَوضِع وَاحِد من الأضلاع والنبض فِي الصَّحِيح صلب جدا منشاري وَفِي الآخر لَا صلابة فِيهِ وَأَيْضًا إِن كَانَ مَعَ السعال نفث فذات الْجنب صَحِيحَة ألف ألف فَإِن لم يكن نفث فَلَيْسَ صَحِيحَة فَإِن كَانَ إِذا أحس الْموضع بالأصابع ألم فَإِنَّهُ غير صَحِيح وَإِن
لم يوجع فَهِيَ صَحِيحَة وتعرف الْمَادَّة من لون النفث وَيعرف طولهَا وقصرها من سرعَة النفث وبطئه ورقته وغلظه قَالَ وَكَذَلِكَ فالأعراض اللَّازِمَة لذات الْجنب أَعنِي الْحمى والوجع الناخس وضيق النَّفس فِي الصَّحِيحَة أَشد وخاصة إِنَّه مَتى لم ينق صَاحبهَا آل أمره إِلَى السلّ قَالَ أتوهم أَنه مَا دَامَت الْعلَّة فِي ابتدائها يَنْبَغِي أَن يفصد مُخَالفا فَإِذا استفرغت الْمَادَّة فَمن الْجنب نَفسه وَاسْتعْمل الفصد إِذا كَانَ الوجع يبلغ إِلَى نَاحيَة الكبد والترقوة والإسهال إِذا كَانَ يهْبط إِلَى أَسْفَل وَبعد ذَلِك فَاسق طبيخ الْعنَّاب والسبستان والتين والخشخاش والكثيراء والبنفسج المربّى ودهن اللوز واسقه ذَلِك بكرَة فَإِذا أصبح نعما فاسقه مَاء الشّعير فَإنَّك تجمع بذلك تسكين السعال وتسهيل النفث وتسكين الْحَرَارَة فَإِذا كَانَ فِي الرَّابِع أَو فِي السَّادِس وَنَحْوه فألق فِي الْمَطْبُوخ أصل السوس وَشعر الغول وَمَتى احتجت إِلَى تليين الطبيعة فليّنها بِأَن تطبخ بنفسجاً وأدف فِيهِ خِيَار شنبر وفانيذا وَإِن عسر فاحقنه بحقنة ليّنة وخاصة إِذا كَانَ الوجع يَمْتَد سفلاً ويمرخ الصَّدْر بقيروطي شمع مصفى ودهن بنفسج وكثيراء ثمَّ بِآخِرهِ إِذا صحّ النضج وطفيت الْحَرَارَة فَاسق مَاء الْعَسَل وضمد الصَّدْر بالبابونج وأصل الخطمى والبنفسج ودقيق الشّعير ودهن الْحل فَأَما الْغذَاء فَلْيَكُن من أوّل الْعلَّة إِلَى آخرهَا الْأَشْيَاء الرّطبَة الفاترة لتعين على النضج والنفث وَإِذا لم تكن حمى شَدِيدَة فَاجْعَلْ فِيهِ عسلاً فَإِن كَانَت الْحمى شَدِيدَة فماء النخالة مَعَ فانيذ ودهن لوز حُلْو والبقول الْمَذْكُورَة فِي بَاب السعال وَأما الشَّرَاب الريحاني وَمَا قاربه من الْخُمُور فَلَا تسْتَعْمل وَعَلَيْك بِمَاء الْعَسَل بِالْمَاءِ الْكثير فَإِن كَانَت حرارة وحدّة فالجلاب وشراب البنفسج وَإِن كَانَ)
وجع شَدِيد وسهر فشراب الخشخاش.
لي لَا تسْتَعْمل شراب الخشخاش وَقد بَدَأَ النفث فَإِنَّهُ يمنعهُ وَهُوَ فِي ذَلِك رَدِيء جدا.
لي الكبد قَليلَة الْحس فَإِذا كَانَ مَعَ ضيق النَّفس والحمى وخز فِي الأضلاع شَدِيد مؤلم فالألم ذَات الْجنب لِأَنَّهُ يكون من ورم الكبد ألم شَدِيد.
الثَّانِيَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: إِذا كَانَ الورم الْحَار فِي العضل الَّذِي فِيمَا بَين الأضلاع فَإِن العليل يجد ضرباناً مؤلماً وَذَلِكَ أَن حَرَكَة النبض الَّتِي هُنَاكَ تحس فَإِن كَانَ الضربان قَوِيا جدا لم يكن يدمن أَن يتقيح فَأَما إِن كَانَ الورم فِي الغشاء المستبطن للأضلاع فَإِنَّهُ لَا يحس بالضربان لِأَن الْخَامِسَة قَالَ: لَا عَلامَة أخص بِذَات الْجنب الكاذبة من فقد السعال وَلَكِن لِأَنَّهُ قد يكون ذَات الْجنب الصَّحِيحَة وَلم تنضج بعد فيسعل فليستدل بِسَائِر الدَّلَائِل أَعنِي الغمز على الأضلاع وَنَحْو ذَلِك مِمَّا ألف ألف ذكر الثَّانِيَة لَيست تستوي ذَات الْجنب فِي شدَّة الْأَعْرَاض فَإِن مِنْهَا مَا مَعَه حميات شَدِيدَة جدا وَمِنْهَا مَا مَعَه نخس شَدِيد جدا وحمياته أقل وَمِنْهَا مَا السعال
فِيهِ أَشد وَلذَلِك يجب أَن نكتسب من شدَّة الْأَعْرَاض دَلِيلا على مقاومتها وَمِنْهَا مَا الْقُوَّة مَعَه سَاقِطَة فَيحْتَاج أَن يغذي مَرَّات فِي الْيَوْم قَلِيلا قَلِيلا بِمَا لَا يعسر النفث. لي رَأَيْت الْأَمر فِي ذَات الْجنب بعد أَن يَقع النفث اعْتِمَاده على شدَّة الْقُوَّة وَذَلِكَ أَنَّهَا إِن كَانَت ضَعِيفَة لم يقدر الْمَرِيض أَن ينفث شَيْئا وَإِن كَانَ نضيجاً اختنق لذَلِك.
مِثَال ذَلِك مَا رَأَيْنَاهُ فِي أخي حَامِد بن الْعَبَّاس الْعَامِل فَإِنَّهُ: كَانَ ينفث نفثاً نضيجاً إلاّ أَن الرجل كَانَ ضَعِيف الْقُوَّة من الأَصْل رَدِيء المزاج وَلم يعلم الْأَطِبَّاء أَن بِهِ ذَات الْجنب إِلَّا بعد مُدَّة لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ وجع فِي معدته وكبده فَلَمَّا علمُوا ذَلِك فصدوه على الرَّسْم لَا بِمَعْرِِفَة فَمَاتَ وَقد كنت أَشرت أَن لَا يفصد وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت نبضاً ضَعِيفا جدا وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الفصد فِي الِابْتِدَاء فَأَما إِذا نضج وَنَفث فَلِأَن تغذوه مثلا لتزيد فِي قوته لَا أَن تفصده لِأَن سَلَامَته حِينَئِذٍ يكون بِكَثْرَة النفث وَذَلِكَ يكون لشدَّة الْقُوَّة.
الثَّالِثَة: السكنجبين يَنْبَغِي أَن يعْطى فِي ذَات الْجنب آخر الْأَمر من حَيْثُ يكون غرضك تهييج السعال وتقطيع الْخَلْط ونفثه فَأَما فِي أوّل الْأَمر حَيْثُ يحْتَاج إِلَى التسكين فَلَا لِأَنَّهُ يهيج السعال. (وَقت فصد صَاحب ذَات الْجنب) حد الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن يفصد صَاحب ذَات الْجنب قَالَ فِي الأولى من الْفُصُول وَالثَّانيَِة من أفيذيميا: إِن الرجل الْمُسَمّى الكيش قَالَ: فصد فِي الْيَوْم الثَّامِن وَأخرج لَهُ دم كثير كَمَا كَانَ يَنْبَغِي فخف وَجَعه وَلَزِمَه السعال الْيَابِس وابتدأ فِي السَّابِع عشر. لي حد الفصد فِي هَذِه الْعلَّة مَا دَامَ لم يخف ضيق النَّفس والنخس وَلَا بَدَأَ النفث. لي حسن الوضاح: أَصَابَته ذَات جنب مَعَ حمى مفرطة الْحر جدا وصفراء ويبس وجفاف فِي اللِّسَان وسعال مؤذ وضيق النَّفس وَكَانَت حماه على غَايَة الحدّة وأعراضه معولة كلهَا إلاّ حسن عقله وَحسن نفثه فَإِنَّهُ كَانَ نضيجاً حسنا فِيهِ حمرَة ففصدته وألزمته مَاء الشّعير ولعاب البزر قطونا وَمَاء الْخِيَار فَخرج من علته خُرُوجًا تَاما فِي الرَّابِع عشر فَعجب النَّاس مِنْهُ وَذَلِكَ أَنه خرج من علته دفْعَة وَقد كَانَ أَصَابَهُ اليرقان فِي الْيَوْم السَّابِع. لي على مَا رَأَيْت ذَات الْجنب إِذا لم تقبل علاجاً وَلم تنْحَل بالنفث وَلَكِن إِن مَالَتْ إِلَى التقيح فَإِنَّهَا تتقيح فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وعلامة ألف ألف ذَلِك شدَّة الْحمى والوخز مَعَ عدم النفث فَإِذا كَانَت مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء مَعَ قُوَّة قَوِيَّة جدا لم يمت العليل لَكِن يجمع مُدَّة وَدَلِيل على أَن المّدة مؤذية يكون شدَّة الْحمى والوخز حَتَّى إِذا جمع وفرغت سكنت الْحمى والوخز وقّل عِنْد ذَلِك وخف بِأَن ينفجر وعلامته أَن يهيج مَعَه نافض وربو نفس ونبض وربّما هاج غشى إِن كَانَ
الْخراج عَظِيما حَتَّى انصبّ لم ينفث بل يختنق وَيَمُوت وعلامة ذَلِك أَن لَا ينفث العليل بعد عَلَامَات الانفجار شَيْئا الْبَتَّةَ لَكِن يضيق نَفسه أَشد وَأَشد فَإِن نفث فَإِنَّهُ ينفث نفثاً كثيرا متداركاً يقيء بِهِ وَسلم وَإِلَّا وَقع فِي السلّ وعلامته أَن تهيج بِهِ حمرَة فِي اللَّوْن ودوام النَّفس ولهيب فَذَلِك دَلِيل الْفساد ينَال الرئة فَإِذا لم يكن شَيْء من هَذِه بعد الانفجار لَكِن نفث وخف عَلَيْهِ وَتوسع نَفسه وسكنت حرارته وعطشه فَإِنَّهُ هُوَ ذَا يبْقى من غير أَن يحدث بالرئة آفَة.
جَوَامِع أغلوقن: ذَات الْجنب الصعبة الشَّدِيدَة يبلغ الوجع من أَسْفَل إِلَى مراق الْبَطن وَمن فَوق إِلَى الترقوة وينتقل فِي الأضلاع الَّتِي بهَا الْعلَّة إِلَى السليمة لي ليكن ميلك إِلَى الفصد بِقدر ضيق النَّفس وَشدَّة الضربان والوخز وميلك عَنهُ بِقدر نُقْصَان هَذِه وَشدَّة لهيب الْحمى فَإِن الْحمى اللهبة تحل من الْجِسْم شَيْئا كثيرا وَتسقط الْقُوَّة سَرِيعا فأجود مَا يسقى قبله إِذا كَانَ لهيب)
شَدِيد عناب وسبستان وأصل السوس ويطبخ ويسقى قبل السحر ثمَّ يسقى مَاء الشّعير بِالْغَدَاةِ وَإِن كَانَت الْحَرَارَة ألق مَعَه تيناً وَاجعَل مَعَه من مربّى البنفسج وَإِن أسهل فبالليل بِخِيَار شنبر مداف فِي طبيخ المخيطة أَو طبيخ رب السوس وليمسك فِي الْفَم قطع الترنجبين وَالسكر الْحِجَازِي والكثيراء وَرب السوس الْخَالِص وَمَتى احتجت إِلَى إسهال قوي فبالبنفسج وأصول السوس وَخيَار شنبر وترنجبين يطْبخ الْكل ويمرس فِيهِ هَذَانِ فَإِن هَذَا أَجود مَا تكون وَأقوى مِنْهُ تُؤْخَذ عشرَة دَرَاهِم من أصُول السوس وَخَمْسَة دَرَاهِم بنفسج برطلي مَاء حَتَّى يصير رطلا ويمرس فِيهِ سَبْعَة دَرَاهِم من فلوس رب خِيَار وَعشرَة ترنجبين ويسقى فَإِن احتجت زِدْت فِيهِ تربداً. 3 (من الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة)
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "مسَائِل أفيذيميا"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel