بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

بجذبه الأخلاط إِلَى ظَاهر الْجِسْم

(بجذبه الأخلاط إِلَى ظَاهر الْجِسْم.) الأولى من الْفُصُول: واستفراغ الْجِسْم دَائِما من الْخَلْط الْأَغْلَب وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ من لون الْبدن وَإِن كَانَت الكيموسات قد غارت فاستدل على مَا تحْتَاج أَن تفرغه من التَّدْبِير وَالسّن وَالْمَرَض والمزاج وَسَائِر الْأَشْيَاء وَجُمْلَة ذَلِك كُله أَي الإستفراغات كَانَ بدواء أَو من قبل نَفسه إِن كَانَ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يكون مَعَ ذَلِك وخفف على الْجِسْم وَسَهل اجتذابه وبالضد. 3 (الأولى من الْفُصُول:) 3 (لَا يجب أَن يفرط فِي استفراغ مَا يستفرغه) 3 (الْبَتَّةَ وَاجعَل ذَلِك مِمَّا لَا يضعف الْقُوَّة فَإِن ضعفت فامسك عَن الاستفراغ وَإِن كَانَ قد) 3 (بَقِي مِمَّا يحْتَاج إِلَى استفراغه بَقِيَّة فَإِن الْخطر فِي الاستفراغ عَظِيم وَإِذا كَانَ الاستفراغ) 3 (من الْخَلْط الَّذِي يَنْبَغِي فاغتنم مَا جَاءَ مِنْهُ وَإِن كَانَ كثيرا مَا دَامَ الْمَرِيض يحْتَملهُ وَحَيْثُ)) 3 (يَنْبَغِي فاستفرغ إِلَى أَن يحدث الغشى.)

قَالَ ج: إِذا كَانَ الْجِسْم يستفرغ مِمَّا يَنْبَغِي فَإِنَّهُ يخف عَلَيْهِ ألف ألف وَلَو كثر اسْتِعْمَاله ويحتمله بسهولة وليستعمل الاستفراغ إِلَى أَن يعرض الغشى حَيْثُ تكون الْقُوَّة قَوِيَّة خَاصَّة فِي الأورام الحارة والحميات اللَّازِمَة فَإِنِّي لَا أعلم فِي الأوجاع الصعبة إِذا كَانَت الْقُوَّة مساعدة علاجاً أبلغ من الاستفراغ إِلَى أَن يعرض الغشى من الدَّم وَقد جربنَا ذَلِك فقد رَأينَا الْبَطن ينْطَلق بعده وَيخرج الْعرق وَتبطل الْحمى الْبَتَّةَ فَأَما فِي الأورام فتكسر عاديتها الْبَتَّةَ. 3 (الثَّالِثَة:) 3 (يجب قبل المسهلة والقيء أَن يلطف الْخَلْط) الَّذِي تُرِيدُ إِخْرَاجه ووسع المجاري الَّتِي يجْرِي مِنْهَا فَإِنَّهُ يجْرِي حِينَئِذٍ ذَلِك الْخَلْط وَيخرج بسهولة شَيْء كثير وَلَا ينَال الْبدن مِنْهُ كثير تَعب وبالضد إِذا سقِِي المسهل وَلم يلطف الأخلاط وَتوسع المجاري كَانَ الإسهال عسراً شاقاً ويعرض فِي أَكثر الْأَمر مغص ودوار وكرب وغثي وَجهد شَدِيد وَأَنا أسْتَعْمل قبل الإسهال التَّدْبِير الملطف فَيكون الإسهال بعده بِلَا مشقة الْبَتَّةَ وَفِي أسْرع الْأَوْقَات وَأفضل مَا يكون الإسهال والقيء بعد تلطيف الأخلاط وتقطيعها إِن كَانَت غَلِيظَة وتوسيع المسام.


قَالَ: وَقد يظنون أَن أبقراط عني بقوله هَذَا: أَنه يَنْبَغِي أَن تعود من تُرِيدُ إسهاله أَو تقيئه بدواء قوي أَن تعوده الإسهال والقيء بدواء ألطف وأسهل حَتَّى يعْتَاد ذَلِك وَالْغَرَض الأول أجل وَهَذَا لي أَكثر مَا يحْتَاج إِلَى تلطيف الأخلاط وتوسيع المسام إِذا كَانَت الأخلاط الَّتِي تحْتَاج أَن تخرج من الْجِسْم بلغمية لزجة وَأما الصفراوية الرقيقة فَلَا تحْتَاج إِلَى ذَلِك كَبِير حَاجَة والأجود أَن يدسم الْبَطن ويلين قبل المسهل الْقوي لِأَن الدَّوَاء المسهل إِذا ورد الأمعاء والمعدة جافة قحلة كَانَ إسهاله يعسر جدا وَكَانَ مَعَه مغس وكرب وَكَانَ مَا يبقي من أَثَره فِي الْجِسْم أَكثر وَمِمَّا يُخرجهُ من الْخَلْط أقل وبالضد وَلَا يجب أَيْضا أَن يفرط فِي لين الْبَطن لِأَن فعل المسهل حِينَئِذٍ لَا يُؤمن أَن يكون فِي غَايَة الْقُوَّة من فرط الإسهال وَمِمَّا يلين المائية الدسمة وَالْحمام والمروخ وَمِمَّا يقطع قبل ذَلِك السكنجبين والزوفا وتحوه بِمَاء الْعَسَل والأدوية المفتحة للمجاري فَإِن هَذِه مَتى اسْتعْملت قبل المسهل كَانَ جرى الفضول أسْرع وأسهل وَلَا يجب اسْتِعْمَال الزوفا والفوذنج وَمَاء الْعَسَل وَنَحْوه ثمَّ يُعْطي المسهل وَإِذا أردْت إسهال الصَّفْرَاء فَقدم أمراق الْبُقُول نَحْو الاسفاناخ والسلق)
واللبلاب والدهن وَمَاء الْعَسَل والمعمول بالسكر والجلاب وَنَحْوهَا فَإِذا لَان الْبَطن لينًا معتدلاً أَعْطَيْت المسهل بعده.
الثَّانِيَة من الْفُصُول: استفرغ الأخلاط بالسواء وَالْحمام وَترك الطَّعَام.
أبقراط: إِذا أردْت استفراغ الْجِسْم بِالسَّوِيَّةِ استفرغه بالفصد وَمَتى أردْت تنقية خلط فبذلك الدَّوَاء الَّذِي يسهل ذَلِك الْخَلْط. قَالَ: والامتلاء يفرغ بِمَا يفرغ الْبدن بِالسَّوِيَّةِ لِأَن الامتلاء هُوَ تزيد الأخلاط كلهَا على حفظ نسبتها قَالَ: وَالَّذِي أبدانهم صَحِيحَة نقية ألف ألف من
الأخلاط الرَّديئَة يورثهم المسهل والمقيء دواراً ومغصاً وكرباً ويعسر خُرُوج مَا يخرج مِنْهُم يَنْفَعهُ الغثي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أبدانهم أخلاط رَدِيئَة يُخرجهَا الدَّوَاء فَهُوَ يجاذب الدَّم الْجيد والطبيعة لَا تسمح بِهِ فتعرض هَذِه الْأَعْرَاض. قَالَ: الإسهال مَعَ هزال المراق خطر والقيء أشر وَيجب أَن يكون عِنْد هذَيْن العلاجين المراق سميناً ليعاون على ذَلِك. وَإِذا كَانَ منهوكاً عسر الْقَيْء والإسهال.
أبقراط: يسْتَعْمل عِنْد تزيد الأخلاط كلهَا بالسواء وَهُوَ الامتلاء الفصد وَعند تزيد وَاحِد مِنْهَا المسهل لذَلِك الْخَلْط. قَالَ: إِنَّمَا يحْتَاج أَن يسْتَعْمل الدَّوَاء المسهل فِي من تكون بِهِ حَاجَة إِلَى إستفراغ شَدِيد وَيجب أَن يكون بَين أَوْقَات طَوِيلَة فَأَما استفراغ الفضول الَّتِي تتولد كل يَوْم فِي الْبدن فَهُوَ أقل من عمل الدَّوَاء المسهل فَإِن ذهب ذَاهِب يسْتَعْمل المسهل والمقيء فِي الشَّهْر مرّة أَو مرَّتَيْنِ حذرا أَن يجْتَمع فِي الْجِسْم فضول كَثِيرَة أضرّ بالجسم وأنهكه مَعَ أَنه يلقيه فِي عَادَة رَدِيئَة.
الكتاب: الحاوي في الطب
المؤلف: أبو بكر، محمد بن زكريا الرازي (المتوفى: 313هـ)
المحقق: اعتنى به: هيثم خليفة طعيمي
الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م عدد الأجزاء: 7
الناشر: دار احياء التراث العربي - لبنان/ بيروت

0 Response to "بجذبه الأخلاط إِلَى ظَاهر الْجِسْم"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel