التصريف المشترك الإدغام
Monday, April 9, 2018
Add Comment
التصريف المشتركالإدغام
الإدغامُ إِدخالُ حرفٍ في حرفٍ آخرَ من جنسه، بحيث يصيرانِ حرفاً واحداً مُشدَّداً، مثلُ "مدَّ يمدُّ مدّاً" وأصلُها "مدَدَ يمدُدُ مدْداً". وحكمُ الحرفينِ، في الإدغامِ، أن يكون أوَّلهما ساكناً، والثاني متحركاً، بلا فاصلٍ بينهما.
وسكون الأول إما من الأصل
كالمد والشد. وإما بحذف حركته. كمدَّ وشدَّ. وإما بنقلِ حركته إلى ما قبلهُ كيمُد،
ويشدُّ.
والإدغامُ يكون في
الحرفين المتقاربين في المَخرَج، كما يكون في الحرفين المتجانسين. وذلك
يكون تارةً بإبدال الأول ليُجانسَ الآخر كامَّحى، وأصلُه "انمحى"، على
وزن "انفعلَ" ويكون تارةً بإبدال الثاني ليُجانس الأولَ كادَّعى، وأصلُه
"ادْتعى"، على وزن "افتَعل".
اقسم الادغام
الإدغامُ، إِما صغيرٌ،
وهو ما كان أوَّلُ المثلين فيه ساكناً من الأصل.
وإما كبير وهو ما كان
الحرفان فيه متحركين، فأسكن أولهما بحذف حركته، أو بنقلها إلى ما قبلها. وإنما
سُمّيَ كبيراً لأن فيه عَمَلين وهما الإسكان والإدراجُ، أي الإدغام. والصغير ليس
فيه إلا إِدراج الأولِ في الثاني.
وللإدغامِ ثلاثُ أحوالٍ
الوجوبُ، والجوازُ، والإمتناع.
وجوب الادغام
يجبُ الإدغامُ في الحرفين
المتجانسين إذا كانا في كلمة واحدة، سواءٌ أكانا متحرّكين كمَرَّ ويمُرُّ
(وأصلُهما مَرَر ويمرُرُ) ، أم كان الحرف الأول ساكناً والثاني متحركاً كمد وعَض
(وأصلهما مَدْدٌ وعَضْضٌ) . وأما قول الشاعر "الحمدُ لله العلي
الأجلَلِ" فمن الضّرورات الشعريَّة، والقياسُ (الأجَلّ) .
ثم إن كان الحرفُ الأول
من المثْلين ساكناً، أدغمتَه في الثاني بلا تغيير. كشَد وصَدٍّ (وأصلهما شَدْد
وصَدْدٌ) . وإن كان متحركاً طرحتَ حركتهُ وأدغمتهُ" إن كان ما قبلهُ متحركاً
أو مسبوقاً بحرفِ مدٍّ، كرد ورادٍّ.
(وأصلُهما رَدَد ورادِدٌ)
أما إن كان ما قبله ساكناً فتنقَلُ حركته إليه كيرُدُّ (وأصلُه يُرْدُد) .
ويجب إدغام المِثلين
المُتجاورين الساكنِ أولُهُما، إذا كانا في كلمتين، كما كانا في كلمة واحدة، مثلث
"سَكَتُّ، وسكنَّا وعَنَّى وعَلَيَّ، واكتُبْ بالقلم، وقلْ له، واستغفرْ
رَبَّك" غيرَ أنه إن كان ثاني المثلين ضميراً، وجب الإدغامُ لفظاً وخطًّا،
وإن كان غير ضمير وجب الإدغامُ لفظاً لا خطًّا، كما رأيت.
وشذَّ فكُّ الإدغام
الواجبِ في ألفاظٍ لا يُقاسُ عليها، مثلُ "ألِلَ السقاء والأسنانُ" (إذا
تغيَّرت رائحتُهما وفسَدتْ) ، ودببَ الإنسانُ (إذا نَبت الشَّعرُ في جبينه)
وضضبِبتِ الأرض (إذا كثُرَت ضبابُها) ، وقَطِط الشَّعر (إذا كان قصيراً جَعْداً) .
ويقال قَطَّ بالإدغام أيضاً، ولَحِحت العين (إذا لَصقتْ أجفانُها بالرمصِ)
ولخَختْ) إذا كثُر دَمعُها وغلُظتْ أجفانُها، ويقال لحَّت ولَخَّت بالإدغام أيضاً،
ومَشَشتِ الدابةُ (إذا ظهرَ في وظيفها المَششُ) ، وعَزُزتِ الناقةُ (إذا ضاق مجرى
لبنها) .
وشذَّ في الأسماءِ قولُهم
"رجلٌ ضففُ الحال، (أي ضيّقُها) وشديدُها، ويقولُ (ضَفُّ الحالِ بالإدغام
أيضاً) ، وطعامٌ قَضيضٌ أي "فيه حصًى صغارٌ أو تراب، ويقال قضٌ بالإدغام
أيضاً وقَضِضٌ بالتحريكِ. وهذا يُمْنعُ فيه الإدغامُ، لأنه اسمٌ على وزنِ
"فعلٍ" كما ستعلم.
جوازم الإدغام
يجوزُ الإدغامُ وتركُهُ في أربعة مواضعَ
الأولأن يكون الحرفُ الأولُ من
المثْلين متحركاً، والثاني ساكناً بسكونٍ عارضٍ للجزْمِ أو شبْههِ، فتقولُ
"لم يَمُدَّ ومُدَّ"، بالإِدغامِ، و"لم يَمْدُدْ" بفكّهِ.
والفكُّ أجودُ، وبه نَزَلَ الكتابُ الكريمُ. قال تعالى {يكادُ زيتُها يُضيءُ، ولو
لم تَمْسَسْه نارٌ} وقال {واشدُدْ على قلوبهم} .
وإن اتَّصل بالمُدغَمِ
فيه ألفُ الأثنينِ، أو واوُ الجماعة، أو ياءُ المخاطبة، أو نونُ التوكيد، وجبَ
الإدغامُ، لزَوالِ سكونِ ثاني المِثْليْنِ، مثلُ "لم يَمُدَّا ومُدَّ، ولم
يَمُدُّوا ومُدُّوا، ولم تَمدِّي ومُدِّي، ولم يَمُدَّنْ ومُدَّنْ، ولم يَمدَّنَّ
ومُدَّنَّ"، أما إن اتصل به ضمير رفعٍ متحركٌ فيمتنعُ الإدغامُ، كما سيأتي.
وتكونُ حركةُ ثاني
المثْلين المُدغَميْن في المضارع المجزوم والأمر، اللَّذين لم يتَّصل بهما شيءٌ،
تابعةٌ لحركة فائه، مثلُ (رُدُّ ولم يَرُدُّ، وعَضَّ ولم يَعضَّ، وفِرَّ ولم
يَفرَّ) هذا هو الأكثرُ في كلامهم. ويجوزُ أيضاً في مضموم الفاء، معَ الضمِّ،
الفتحُ والكسرُ. "كرُدَّ ولم يرُدَّ، ورَدَّ ولم يَرُدَّ. ويجوزُ في مفتوحها،
مع الفتحِ الكسرُ، كعَضَّ ولم يَعَضَّ. ويجوز في مكسورها، مع الكسرِ، الفتحُ.
كفرَّ ولم يَفرَّ.
(نعلم من ذلك أن المضموم
الفاء يجوز فيه الضم والفتح، ثم الكسر، والكسر ضعيف، والفتح يشبه الضم في قوته
وكثرته، وأنّ المفتوح الفاء يجوز فيه الفتح، ثم الكسر، والفتح أولى وأكثر، وأن
المكسور الفاء يجوز فيه الكسر والفتح، وهما كالمتساويين فيه.
ويكون جزم المضارع حينئذ
بسكون مقدر على آخره، منع من ظهوره حركة الإدغام، ويكون بناء الأمر على سكون مقدر
على آخره، منع من ظهوره حركة الإدغام أيضاً.
واعلم أن همزة الوصل في
الأمر من الثلاثي المجرد، مثل "أمدد"، يستغنى عنها بعد الإدغام، فتحذف،
مثل "مد"، لأنها إنما أتي بها للتخلص من الإبتداء بالساكن، وقد زال
السبب، لأن أول الكلمة قد صار متحركاً) .
الثانيأن يكونَ عينُ الكلمةِ ولامُها
ياءَيْنِ لازماً تحريك ثاينتِهما، مثل (عييَ وحييَ، فتقولُ (عَيَّ وحَيَّ) ،
بالإدغام أيضاً.
فإن كانت حركةُ الثانيةِ
عارضاً للإعراب، مثل (لَن يُحييَ، ورأيتُ مَحيِياً) ، إمتنع إدغامُهُ. وكذا إن
عَرَض سكون الثانية مثل عييت وحيِيتُ) .
الثالثأن يكون في أول الفعل
الماضي تاءَان، مثلُ "تتابعَ وتَتَبّعَ"، فيجوز الإدغامُ، مع زيادة عمزة
وصلٍ في أوله، دفعاً للابتداء بالساكن، مثلُ "إتَابعَ واتّبَّع". فإن
كان مضارعاً لم يَجز الإدغام، بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءَين، فتقول في تتجلى
وتتلظّى "تجَلى وتلظّى"، قال تعالى "تنزَّلُ الملائكةُ
والرُّوح"، وقال "ناراً تلظّى" (أي تتنزَّلُ وتتلظَّى) . وهذا
شائعٌ كثيرٌ في الاستعمال.
الرابعُأن يتجاوَز مثْلانِ
متحركان في كلمتين، مثل (جعل لي وكتبَ بالقلم، فيجوز الإدغام، بإسكان المِثْلِ
الأول، فتقول "جَعَلْ لي، وكتبْ بالقلمِ". غير أنَّ الإدغام هنا يجوز
لفظاً لا خطًّا) .
امتناع الادغام
يمتنعُ الإدغامُ في سبعة
مواضع
الأولُأن يتصدَّرَ المِثْلان
كدَدنٍ ودداً ودَد وتَتَرٍ ودَننٍ.
الثانيأن يكونا في اسمٍ على
وزنِ "فُعَلٍ" (بضم ففتحٍ) . كدُرَرٍ وجُدَدٍ وصُفَفٍ، أو
"فُفُلٍ" (بضمّتينِ) كسُرُرٍ وذُلُلٍ وجُدُدٍ، أو (فعَلٍ) (بكسرٍ ففتحٍ)
. كلِمَمٍ وكِللٍ وحِللٍ، أو (فَعَلٍ) (بفتحتين) كطَلَلٍ ولَببٍ وخَببٍ.
الثالثأن يكون المِثْلان في وزن
مزيدٍ فيه للإلحاق، سواءٌ أكان المزيدُ أحد المثلين كجلبَب، أولا كهَيْلل.
الرابعأن يتَّصل بأول المثلين
مُدْغمٌ فيه كهَلَّلَ ومُهلّلٍ، وشدَّد
ومُشدد. وذلك لأنْ في
الإدغام الثاني تكرار الإدغام، وذلك ممنوعٌ.
الخامسُأن يكون المثلان على وزن
(أفْعل) ، في التعجُّب، نحو (اعزِزْ بالعلم! وأحببْ به!) ، فلا يقالُ (اعزَّ به!
واحبَّ به!) .
السادسُأن يعوض سُكونُ أحد
المثلين، لاتصاله بضمير رفعٍ مُتحرِّك كمدَدْتُ ومَددنا ومَددْتَ ومَددْتُمْ
ومَددْيُنَّ.
السابعُأن يكون مِمّا شذَّتِ
العَرَبُ في فَكِّه اختيارا، وهي ألفاظ محفوظةٌ تَقَدمَ ذكرُها، فيمتنعُ الإدغامُ.
فائدة
إذا كان الفعلُ ماضياً
ثلاثيًّا، مجرداً مكسورَ العينِ، مضاعفاً، مُسنداً إلى ضمير رفعٍ متحرك، جازَ فيه
ثلاثة أوجه، الأولُ استعماله تامًّا، مفكوك الإدغام، فتقولُ في ظلَّ.
"ظَلِلْتُ". الثاني حذفُ عينهِ، مع بَقاءِ حركة الفاءِ مفتوحةً، مثلُ
"ظلْتُ". الثالثُ حذفُ عينه ونقل حركتها إلى الفاءِ بعد طرح حركتها، مثل
"ظِلْتُ". قال تعالى {أُنظرْ إلى إِلهكَ الذي ظِلْتَ عليه عاكفاً} ،
وقال {لو نشاءُ لجعلناهُ حُطاماً، فَظَلتم تفكَّهون} . قُرِئَ بفتح الظاء في
الآيتين، على بقاءِ حركتها، وبكسرها على طرح حركتها ونقلِ حركة اللام المحذوفة
إليها.
فإن كان الفعل مضارعاً أو
أمراً، وهو ثلاثيٌّ، مجردٌ مضاعَفٌ، مكسورُ العينِ فيهما، مُستْنَدٌ إلى ضمير رفعٍ
متحرك، جاز فيه الإتمام، فتقولُ في يَقِرُّ وقِرُّ "يَقْررنَ واقرِرنَ"،
وجاز حذف عينه ونقل حركتها إلى الفاءِ، مثل "يَقِرْنَ وقِرْنَ".
ومنه، في قراءة غير نافعٍ وعاصم {وقِرْنَ في بُيوتكنَّ} بكسر القاف. أما ما فُتحت
عينه فلا يجوزُ فيه ذلك إلا سماعاً. ومنه "وَقرنَ في بُيوتكنَّ" بفتح
القاف، في قراءة نافع وعاصم، وبها قرأَ حَفصٌ وقراءةُ الكسر أصلُها
"اقرِرْنَ"، لأن "قرَّ" يجوز أن يكون من باب "فَعَلَ
يَفْعِلُ"، بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع، ويجوز أن يكون من باب
"فَعِلَ يَفْعَلُ"، بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع.
الكتاب: جامع الدروس العربية
المؤلف:مصطفى بن محمد سليم
الغلايينى (المتوفى: 1364هـ)
الناشر:المكتبة العصرية، صيدا -
بيروت
المصدر : المكتبة الشاملة
.
0 Response to "التصريف المشترك الإدغام"
Post a Comment