بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

موازين الأفعال

موازين الأفعال

لكلِّ فعلٍ ميزانٌ يُوزنُ به.
والميزانُ يتألَّفُ من ثلاثة أحرف، وهي "الفاءُ والعين واللام". فيقال "كتب" على وزن "فَعَلَ" و"يكتُبُ" على وزن "يَفْعُلُ" و"اكتُبْ" على وزن "افعُلْ".
ويقال لأحرُفِ "فعلَ" ميزانٌ، ولما يوزنُ بها "موزونٌ".
ويُسمى ما يقابل فاءَ الميزان من أحرف الموزون. "فاءَ الكلمة"، وما يُقابلُ عينَه "عينَ الكلمة"، وما يُقابلُ لامَهُ "لامَ الكلمة". فإن قلت "كتب"، فتكون الكافُ فاءَ الكلمة، والتاءُ عينَها، والباءُ لامَها.
ويجبُ أن يكون الميزانُ مُطابقاً للموزون حركةً وسكوناً وزيادة أحرف. فإن قلت "كرُمَ" كانت على وزنِ "فَعُلَ". وإن قلت "أكرَمَ" كانت على وزن "أفعلَ". وإن قلت "كسرَ" كانت على وزن "فَعَلَ" وإن قلت "انكسرَ" كانت على وزن "انفعلَ" وهلُّمَّ جرَّا.
كلُّ ما يُزادُ في الموزون يزاد في الميزان هو بعينه، إِلا إِن كان الزائدُ من جنس أحرف الموزون فيُكرَّرُ في الميزان ما يُماثُله، فيقالُ في وزن عَظَّم "فَعَّل"، وفي وزن أغرَوْرَقَ "إفعَوْعَلَ" وفي وزن إحمارَّ "افعالَّ".
(بتكرير عين "فعل"، لأن الموزون، وهو "عظّم"، مكرّر العين. وبتكرير عين "افعوعل"، لأن الموزونه، وهو "اغرورق"، مكرّر العين.
وبتكرير لام "افعال"، لأن الموزون، وهو "احمارّ" مكرر اللام. أما مثل "أخرج وانكسر واستغفر" ونحوها، فان أحرفها الزائدة تزاد هي بعينها في الميزان، فيقال "افعل وانفعل واستفعل". وقس على ذلك) .
أما إن كانت أحرفُ الموزون الأصليَّة أربعةً، فتُكرَّرُ لامُ الميزان، فيقالُ في وزن دحرج "فَعْللَ". والمزيدُ في منه تُكرَّرُ لامُهُ أَيضاً، كما تُكرَّرُ في الأصليّ، فتقولُ في وزن احرنجمَ "افعنللَ" وفي وزن اقشعرَّ "افعَللَّ".

أَوزان الأَفعال
للماضي من الأفعال خمسةٌ وثلاثون وزناً. ثلاثةٌ منها للثُّلاثيّ المجرَّد، واثنا عشر للثلاثيّ المزيد فيه، وواحدٌ للرباعي المجرَّد، وسبعةٌ للمُلحَق به، وثلاثةٌ للرباعي المزيد فيه، وتسعةٌ للمُلحق به.

أَوزان الثلاثي المجرد
للماضي من الثلاثيّ المجرَّد ثلاثةُ أوزان "فَعَلُ وفَعِلَ وفَعُلَ".
1-وزن (فعل) المفتوح العين
وزنُ (فَعَلَ) - المفتوح العين ككتبَ وجلسَ وفتحَ يكون مضارعه، إما مضمومّها كيكتُبُ، وإما مكسورَها كيجلِسُ، وإما مفتوحَها كيفتَحُ.
وبابُ (فَعَل يَفعُل) - بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع -
يأتي منه، غير مُطردٍ الصَّحيحُ السالمُ كنصرَ ينصرُ، والمهموزُ الفاء كأخذَ يأخذُ. مويَطَّرِدُ فيه الأجوفُ والناقصُ الواويّانِ، نحو "قالَ يقولُ ودعا يدعو"، والمضاعفُ المتعدّي، نحو "مَدَّهُ يَمدُّهُ". وشَذَّ (حَبَّهُ يَحبُّهُ) . وجاءَ منه بعضُ أفعالٍ لوجهين ووهي "بَتَّ الحبلَ يَبُتُّه، وعَلَّهُ يَعُلُّهُ ويعِلُّهُ، ونَمَّ الحديث يَنُمُّهُ وينِمُّهُ، وشَدَّ يَشُدُّهُ ويَشِدُّهُ ورَمَّهُ يَرمُّهُ ويَرِمُّهُ، وهَر الشيء يَهُرُّهُ ويَهِرُّهُ"، والمكسور منها شاذٌ في القياس.

ومما يختصُّ بهذا الباب ما يُرادُ به معنى الفوز في مَقام المُغالبة والمُفاخرة، نحو "كاتبني فكتبتُهُ أكتُبُهَ"، أي غالبني في الكتابة فغلبتُهُ فيها. وحينئذ لا يكونُ إلا متعدياً، وإن كان في الأصل لازماً. فمثل "قعد" لازمٌ، فإن قلت "قاعدَني فقعَدتُهُ أقعُدُهُ"، صار متعدياً.

وكلُّ فعلٍ تُريدُ به معنى الغلبّة والمفاخرة حوَّلْتَهُ إلى هذا الباب، وإن لم يكن منه، فتقول في "نَزلَ يَنزِلُ، وخَصَمهُ يخصِمُهُ، وعلِمهُ يَعلَمُهُ" "نازلني فَنَزَلتُهُ أنزُلُهُ، وخاصمني فَخصَمتُهُ، وعالمني فَعلَمتُهُ، أعلُمُهُ"، أي غالبني في ذلك، فغلبتُهُ فيه. إلا ما كان منه مثالاً واويًّا مسكورَ العين في المضارع كوعدَ يَعِدُ، أو أجوَفَ يائياً كباعَ يبيعُ، أو معتلَّ الآخر بالياءِ كرمى يرمي، فإنه يبقى على حاله في باب المغالبة.
وبابُ "فَعَلَ يَفعِلُ" بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع - يطرد فيه المثالث الواويُّ، نحو "وثبَ يَثِبُ" (بشرط أن لا تكون لامُه حرفَ حلقٍ) كوَضعَ يَضَعُ ووَقَعَ يَقَعُ ووسِعَ يَسعُ، ووَطِيءَ يَطَأُ"، والأجوف اليائيُّ، نحو "شابَ يَشيبُ". والمعتلُّ الآخر بالياءِ، نحو "قضى
يقضي"، بشرط أن لا تكون عينه حرفَ حلقٍ "كسعى يَسعى، ونَعى المَيْتَ يَنعاه"، والمَضاعف اللازم، نحو فَرَّ يَفِرُّ" وما جاءَ على خلاف ذلك فهو مخالف القياس.
وبابُ "فَعَلَ يَفعَلُ" - بفتح العين في الماضي والمضارع - يكثُرُ أن يجيءَ منه ما كانت عينُهُ أو لامهُ حرف حلقٍ، نحو "فتَحَ يَفتَحُ، وسألَ يَسألُ، ووضعَ يَضَعُ".
ولا يكون الفعل مفتوحَ العينِ في الماضي والمضارع إلا إذا كانت عينه أو لامُهُ حرفاً من أحرف الحلقِ، مثلث "سألَ يَسألُ، وذهبَ يَذهَبُ، وجعلَ يجعلُ، وشغَلَ يَشغَلُ، وفتحَ يفتحُ، وشدَخَ يشدخُ". وأما نحو "أبى يأبى، ورَكنَ يَركُنُ"، فشاذُّ، ويجوز في الأَوَّل "أبى يأبي" من باب "فَعَلَ يَفعِلُ" المفتوح العين في الماضي، المكسورها في المضارع -.
ويجوز في الثاني "ركنَ يَركُنُ" بفتح العين في الماضي وضمها في المضارع، و"رَكِنَ يَركَنُ" بكسرِها وفتحها في المضارع.
ووجودُ حرفِ الحلقِ في فعلٍ لا يوجبُ فتحَ عينه في الماضي والمضارع، فمثلُ "دَخَلَ يَدخُلُ، ورَغِبَ يرغبُ، وبغى يبغي، وسَمعَ يَسمعُ، ونَبُهَ ينبُهُ" وغيرها، ليست من هذا البابِ، معَ وجودِ حرف الحلقِ في مُقابل عينها أو لامها.

2-وزن (فعل) المكسور العين
وزن "فَعِلَ" بكسر العينِ - كعلِمَ، لا يكونُ مضارعه إلاّ مفتوح العينِ كيَعلَمُ، لأنه إن كان الماضي مكسورَ العين فمضارعه لا يكونُ، إلاَّ مفتوحَها، إلاّ أربعةَ أفعالٍ شاذةٌ، جاءَت مكسورةَ العين في الماضي
والمضارع. ويجوزُ في مضارعها الفتحُ، وهو الأفصحُ والأولى وهيَ "حسِبَ يحسَبُ ويحسِبُ، وبَئِسَ يَبأَسُ ويَبْئِسُ، ونَعمَ يَنعمُ، ويَئِسَ يَيْأَسُ ويَيْئِسُ" وجاء شُذوذاً "وَرِثَ يَرِثُ ووَمِقَ يَمِقُ وورِمَ الجرحُ يَرِمُ، ووثِقَ به يثِقُ، ووريَ الزَّندُ يَرِي، ووَفِقَ أمرَه يَفِقُهُ" وليس فيها إلاّ كسرُ العين في الماضي والمضارع، إلا "وَرِي يَرِي" فيجوز فيه "وَرَى يَرِي" بفتح العين في الماضي وكسرِها في المضارع - وهو الأفصح.
وتكثُرُ في هذا الباب الأفعالُ الدَّالةُ على العِلَل والأحزان وأضدادِهما، نحو "سَقِمَ وحَزِنَ وفَرِحَ"، وما دلَّ على خُلُوٍّ أو امتلاءٍ، نحو "عَطِشَ وشَبِعَ" وتجيءُ الألوان والعُيوب والحِلى كلُّها عليه، نحو سوِدَ وعَرِجَ ودَعِجَ".

3-وزن (فعل) بضم العين
وزنُ "فَعُلَ" بضمّ العين في الماضي - مثلُ "حَسُنَ"، لا يكون مضارعهُ إلاّ مضمومَها، مثلُ "يَحسُنُ".
يأتي من هذا البا ما دلَّ على الغرائز والطبائع الثابتة، نحو "كرُمَ، وعَذُب الماءُ، وحَسُنَ، وشَرُفَ، وجَمُلَ، وقَبُحَ".
وكلُّ فعلٍ أردتَ التعجبَ به أو المدح، أو الذمَّ، حَوَّلتُهُ إلى هذا الباب، وإن لم يكن منه. (كما قدَّمنا في مبحث أفعال المدح والذَّم) نحو "كتُبَ الرجلُ سعيدٌ! " بمعنى "ما أكتبهُ! " تريدُ المدحَ والتعجب معاً.
وما كان على وزن "فَعُلَ" لا يكونُ إلاّ لازماً، لأنه لا يكون إلا لمعنًى مطبوعٍ عليه من هو قائمٌ به، (أي للسَّجايا والطبائع) مثلُ "كرُمَ ولؤُمَ" أو كمطبوعٍ عليه، مثلُ "فَقُهَ وخَطُبَ"، (أي، "صارَ فقيهاً وخطيباً" وغيرُه يكونُ متعدّياً، ويكون لازماً.

وحركةُ العينِ في الأمر، من هذه الأوزان المذكورة، كحركة العين في مُضارعه، مثلُ "انصُرْ واجمُلْ وارجِعْ واسألْ واعلَمْ".
وهذه الأوزان سَماعيَّةٌ كلها، إلا ما اطَّردَ منها.

أما أوزانُ المزيد فيه، فكلُّها قياسيَّةٌ، وكذا وزنُ الرُّباعيِّ المجرَّد.
أوزان الثلاثي المزيد فيه
للثُّلاثيّ المزيد فيه اثنا عشرَ وزناً ثلاثةٌ للزيد فيه حرفٌ واحدٌ، وخمسةٌ للزيد فيه حرفان، وأربعةٌ للمزيد فيه ثلاثة أحرف.
فللثلاثيّ المزيد فيه حرفٌ واحد، ثلاثة أوزانٍ "أَفعَلَ" كأكرمَ و"فَعَّلَ" كفَرَّح، و"فاعَلَ" كسابق.
وباب "أفعل" يكون للتعدية غالباً. أي لتصيير اللازم متعدياً إلى مفعول واحد كدخل وأدخلته. فان كان متعدياً إلى واحد صار متعدياً إلى اثنين كلزم الأمرَ، وألزمته إياه.
وباب "فعّل" يكون للتكثير وللتعدية غالباً. فالتكثير يكون في الفعل،
نحو "طوّفت وجوّلت" أي أكثرت من الطواف والجولان. وفي الفاعل، نحو "موّتَت الإبلُ" أي كثر فيها الموت وفي المفعول، نحو "غلقت الأبواب"، أي أبواباً كثيرة.

وباب "فاعل" يكون للمشاركة بين اثنين غالباً، نحو "راميته وخاصمته"، والمعنى اني فعلت به ذلك، وفعل بي مثله.
وقد تأتي هذه الأبواب لمعان غير هذه قلما تنضبط. وانما تفهم من قرينة الكلام.
وللثلاثيّ، المزيد فيه حرفان، خمسة أوزان. وهي "انفعلَ" كانحصرَ، و"افتعلَ" كإجتمع، و"افعَلَّ" كاحمرَّ، و"تفَعَّل" كتعلَّمَ، و"تفاعلَ". كتصالحَ.
وباب إنفعل يكون للمطاوعة، أي لمطاوعة المفعول للفاعل فيما يفعله به، كصرفته فانصرف. ولا ينفكّ هذا البابُ عن معنى المطاوعة. لهذا لا يكون إلا لازماً. ولا يكون مجرده إلا متعدياً.
وباب افتعل يكون للمطاوعة غالباُ، نحو جمعت القوم فاجتمعوا.
وباب افعلّ يكون للألوان والعيوب. فالألوان كاحمرّ. والعيوب كاعورّ.
ويقصد به المبالغة في معنى مجرده، ففي "احمرّ" زيادة ليست في "حمرَ". وفي اعورّ زيادة ليست في "عوِرَ".
وباب "تفعّلَ" يكون للتكلف غالباً، نحو "تعلّمَ وتصبر وتشجع وتحلم". وقد يكون التكلف ممزوجاً بإِدعاء شيء ليس من شأن المدعي. نحو تكبر وتعظم وتسرّى، أي تكلف مظاهر الكبرياء والعظماء والسراة.
وباب "تفاعل" يكون للمشاركة بين اثنين كتسابق الرجلان، أو أكثر، كتصالح القوم.
وقد تأتي هذه الأفعال لمعان غير هذه لا تنضبط، وانما يعيّنها المقام.
وللثلاثيّ، المزيد فيه ثلاثةُ أحرُفٍ، أربعةُ أَوزانٍ "استفعلَ" كاستغفرَ و"افعوْعَلَ" كاخشَوْشَنَ، و"افعوَّلَ" كاعلوَّطَ، و"افعالَّ" كادهامَّ.
وصيغةُ "افعالَّ" مُشتركةٌ بين الماضي والأمر لفظاً. فإن كانت للماضي فأصلها "افعالَلَ". وإن كانت للأمر فأصلُها "افعالِلْ".

ويكون باب "استفعل" للطلب والسؤال غالباً، نحو "استغفرت الله"، أَي سألته المغفرة، و"استكتبت زهيراً كلاماً، واستمليته إياه"، أي سألته كتابته واملاءه. وهو يكون متعدياً كما رأيت. وقد يكون لازماً نحو "استحجر الطين"، أَي صار حجراً. وإذا كان لازماً لم يكن بمعنى السؤال كما ترى.
وأبواب "افعوعل وافعوّل وافعالّ" تكون للمبالغة في معنى مجرّدها، أي انها تزيد في معناها على معنى المجرد منها.

وزن الرباعي المجرد
للرُّباعيّ المجرَّدِ وزنٌ واحدٌ، وهو "فَعْللَ" كدَحرجَ.
(ويكون متعدياً غالباً، نحو "دحرجت الحجرَ، وزلزلت البناء". وقد يكون لازماً، نحو "حصحص الحقّ" أي بان وظهر، وبرهم الرجل
أي أدام النظر. والبرهمة سكون النظر وادامته) .

الرباعي المنحوت
وقد يصاغُ هذا الوزنُ بالنَّحت من مركَّبٍ لاختصار الكلام، كقولهم "عقربتُ الصُّدغَ" (أي لويته كالعقرب) ، وفلفلتُ الطعامَ" (إذا وضعتُ فيه الفُلفل) ، و"نرجستُ الدواءَ" (إذا وضعتُ فيه النرجس) ، و"عصفرتُ الثوب" (إذا صبغته بالعُصفر) ، و"بسلمتُ وحمدلتُ وحَوْقلتُ وحسبلتُ وسَبحَلتُ وجعفلتُ" (إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبي الله، وسبحان الله، وجعلني الله فداءَك) .
ويُسمى هذا الصنيعُ (النَّحتَ) ، وهو أن تختصرَ من كلمتين فأكثر كلمةً مواحدة. ولا يُشترط فيها حفظُ الكلمات بتمامها، ولا الأخذ من كل الكلمات، ولا موافقة الحركاتِ والسكنات، على الصحيح، كما يُعلم من شواهد ذلك. لكنه يشترط فيها اعتبار ترتيب الحروف.
والنحتُ، على كثرته، في لغتنا، غيرُ قياسي، كما هو مذهب الجمهور. ومن المحققين من جعله قياسياً، فكلُّ ما أمكنك فيه الاختصارُ، جاز نحتُه. والعصرُ الحاضرُ يحملنا على تجويز ذلك والتوسعَ فيه.

ومن المسموع أيضاً "سمعلَ وطَلْبَقَ" (إذا قال السلام عليكم، وأطال الله بقاءك) . ومنه "بَعْثَرَ" (أي بعثَ وأثار) . قال الزمخشريُّ في قوله تعالى {وإذا القبورُ بُعثِرَتْ} هو منحوتٌ من "بُعِثَ وأُثير ترابُها".

الملحق بدحرج
يُلحَقُ بدْحرج سبعةُ أَوزانٍ من الثلاثي المزيد فيه حرف واحدٌ. وهي "شَمْللَ" - بوزن "فَعْلَلَ" - و"جَهْوَرَ" - بوزن "فَعْوَلَ" و"رَوْدَنَ" بوزن "فوْعل" - و"رهيأ" - بوزن "فعْيل" - و"سيْطر" - بوزن "فيْعل" و"شَنْتر" - بوزن "فنْعل" - و"سلْقى" - بوزن "فيْعل".
(وإنما كانت ملحقة بدحرج، لان مصدرها ومصدره متحدان في
الوزن. فمصدر فعلل "الفعللة"، ومصدر فعول "الفعولة" ومصدر فوعل "الفوعلة" الخ) .

تحقيق في معنى الالحاق
الإلحاق أن يزاد على أحرفِ كلمةٍ، لتوازن كلمةً أخرى. وشرط الإلحاق في الأفعال اتحاد مصدري الملحق والملحق به، كما ترى في هذه الأفعال.
والإلحاق لا يكون في أول الكلمة. وإنما يكون في وسطها، كالنون من "شنْتر"، أو في آخرهاكالألف المنقلبة عن الياءِ في "سلْقى" ولذلك لم يكن نحو "تمنطق وتمسكن وتمدرع وتمندل وتمذهب وتمشيخ" مُلحقاً بتدحرج، لأنَّ الميم ليست زائدةً بين أصول الكلمة. ومع هذا فليست زيادتها لقصد الإلحاق، لأن هذه الأفعال مبنيةٌ على "المنطقة والمسكين والمدْرعة والمنديلُ والمذْهب والمشيخة"، فهي على زنة "تدحرج" أَصالة لا إلحاقاً، باعتبار أن الميم كالأصل توهماً. فقد توهموا أصالة الميم في هذه الأسماءِ فبنوا الفعل عليها. فوزنها "تفعللَ" لا "تمفعلَ" هذا هو الحقُّ الذي عليه المحققون من العلماء.
وما يزاد للإلحاق، لا يكون مزيداً لغرضٍ معنويّ تطَّرد زيادتُه لأجله. فهو ليس كالزيادة في نحو "أكرم وقاتل واستغفل"، ممّا زيادته لغير الإلحاق. وإنما هي لمعنًى اقتضى هذه الزيادة.
وقد تُخرجُ الزيادةُ للإلحاق الفعلَ عن معناه إلى معنًى آخر، مع بقاءِ رائحةِ من المعنى الأوَّل. فمثلُ "عثير" معناهُ أثار العِثْير (بكسر العين وهو التراب، والغبار) . والمجرَّد وهو "عثر" معناه زلَّ وكبا. ويقال أيضاً "عثر على الشيءِ" إذا وجده. ومنه "عثر على السرّ ونحوه" إذا اطَّلع عليه. ومثلُ "حوقل" يأتي بمعنى عجز، وأعيا، وضعُف، ونام، ومضى فتعب، ووضع يديه على خصره. وكلُّ ذلك راجعٌ إلى معنى الضعف. وأصله من "حقل الفرص" "من باب فرح" إذا أصابه وجع في بطنه من أكل التراب وذلك ما يُضْعفه ويُعيه. و"حوقل" هذه غير "حوقل" إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله، فهذه منحوتة من مركب، فهي على وزن "دحرج" أصلاً، لا إلحاقاً كما كما توهموا، لأن الواو فيها هي واو "حوْل"، فهي أصلية لا زائدة.
واعلم أنَّّ ما كان من الكلمات ملحقاً بغيره في الوزن لا يجري عليه إِدغامٌ ولا إِعلالٌ، وإن كان مستحقَّهما، كيلا يفوت بهما الوزن.
وهذا من علامات الإلحاق أيضاً. فمثلُ شمللَ واقعندَدَ مُستحقٌّ للإدغام، لأن فيه حرفينِ مُتجانسينِ مُتجاورينِ. ومثلُ "جَهْوَرَ" مستحقٌّ للإعلال بقلبِ الواو ألفاً. لكنه لم يجرِ على ما ذكر إدغامٌ ولا إِعلال، لما ذكرنا. وإنما أعِلَّ نحو "سلقى" لإنَّ الإعلال جرى على آخر الكلمة، وذلك لا يفوتُ به الوزنُ، لأنَّ الآخر يُصبحُ ساكناً، فيكون كالموقوف عليه بالسكون. والوقفُ على آخر الكلمة بإسكانه لا يفوت به وزنها.

وزن الرباعي المزيد فيه
للرُّباعيِّ المزيدِ فيه حرفٌ واحدٌ، وزنٌ واحدٌ. وهو "تَفَعْلَلَ" كتدحرجَ.
وهو يُبنى للمطاوعة، أي مطاوعة المفعول الفاعل فيما يفعله وقبول أثر فعله. ولا يكون إلاّ لازماً، نحو "سرولته فتسرول" أي أَلبسته السراويل فلبسها، ونحو "سقلبته فتسقلب". أي طرحته وصرعته فانصرع. والعامة تقول "شقلبه" بالشين المعجمة.
ويُلحَقُ به ستةُ أوزانٍ من الثلاثيّ المزيدِ حرفانِ، وهي (تَمَعْدَدَ) - بوزن "تَفَعْلَلَ" - و (تَسَرْوكَ) - بوزن "تَفَعْوَلَ" - و (تَكوْثرَ) بوزن "تَفوَعَلَ" - و (تَرهيأ) بوزن "تَفَعيلَ" - و (تَسَيْطَرَ) بوزن "تَفَيْعَلَ) - و (تَجَعْبَى) - بوزن "تَفَعْلى".
وللرُّباعي المزيد فيه حرفانِ وزنانِ "افعَنْلَلَ" كاحرنجمَ، وافعَلَلَّ" كاقشَعَرَّ.
(وباب "افعنلل" يبنى للمطاوعة، نحو "حرجمت القوم فاحرنجموا". وباب "افعلل" يبنى للمبالغة) .
ويُلحقُ به ثلاثةُ أوزانٍ من الثُّلاثيّ المزيد فيه ثلاثةُ أحرف وهي (اقعَنْسسَ) بوزن "افعَنْلَلَ" و (احرنبى) - بوزن "افعنْلى" و (استلْقى) بوزن "افتعْلى".

الكتاب: جامع الدروس العربية
المؤلف:مصطفى بن محمد سليم الغلايينى (المتوفى: 1364هـ)
الناشر:المكتبة العصرية، صيدا - بيروت
المصدر : المكتبة الشاملة

  

0 Response to "موازين الأفعال"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel